أسرار وحكاياتالمميزة

مذكرات صحفية .. عندما اكتشف مدير الانتربول المصري ان السفارة الامريكية بالقاهرة تراقب تليفوناته 

 

 

بقلم : حسين عبد القادر 

 

 

الوقت : صيف عام ١٩٩٤

المكان. : ادارة الانتربول المصري

كنت اسرع الخطي لمقابلة اللواء محمد ابراهيم مدير الانتربول فقد وصلني خبر تمكن ضباطه من ضبط متهم امريكي من اصل مصري كان قد قتل زوجته في احدي الولايات الامريكية بطريقة بشعة ونجح في مغادرة امريكا ..وسط اهتمام الرأي العام والاعلام الامريكي بسبب بشاعة الجريمة مما مثل ضغطا كبير علي السلطات الامريكية خاصة مع خداعه الجميع والهرب مع اتهامات قاسية للاجهزة الامنية بالتقاعس والاهمال الذي مكن القاتل من الهرب خارج الحدود..

وبناء علي تحقيقات السلطات الفيدرالية وقرارا بضبطه وأحضاره اصدر الانتربول الدولي بناء علي طلب الانتربول الامريكي نشرة حمراء تم توزيعها في١٢٤ دولة تطلب تعقب القاتل والقبض عليه واخطار المنظمة الدولية عقب ضبطه

التحقيق في الحادث وقتها كشف عن اصول القاتل من مصر ولذلك وبعد وصول النشرة الحمراء للانتربول المصري قام ضابط الاتصال في السفارة الامريكية بالتواصل مع اللواء محمد ابراهيم مدير الانتربول المصري ليحفزه ببذل كل الجهود لضبط القاتل الامريكي خاصة وان معلومات مؤكدة لديهم اشارت الي وصوله القاهرة فعلا بعد رحلة معقدة لعدم تعقبه…

كان اللواء محمد ابراهيم والذي اصبح فيما بعد مديرا لامن الاسكندرية يتعامل مع ضابط الاتصال بالسفارة الامريكية بنوع من الاشمئزاز والقرف فكل التعامل الرسمي وغير الرسمي معهم كشف عن نذالتهم وانهم بدون خلق ولا احترام. وكما كان يشرح لي دائما ضباط الانتربول. كيف ان اسلوب الانتربول الامريكي مع نظيره المصري لتحقيق طلبه بضبط مصريين متهمين آو محكوم عليهم هاربين في امريكا كان مصيره التجاهل التام بل وعدم الرد علي مكاتبات الانتربول المصري سلبا آو ايجابا بحجة واهية وهي عدم وجود اتفاقية لتبادل مجرمين آو المعاملة بالمثل وأن

كان الامر يختلف في الانتربول المصري الملتزم حيث تم تكليف ضباط الانتربول بتكثيف تحرياتهم حول حقيقة وصول القاتل الامريكي للبلاد ..واكتشفوا وصوله بالفعل وبأستكمال التحريات بالتعاون من قطاع الامن العام ومديرية أمن القاهرة تبين أن اصوله العائلية تعود لمنطقة شبرا حيث تمتلك اسرته عدة محلات تجارية شهيرة وان القاتل لايظهر الا بعد أغلاق المحال جالسا مع اقاربه في مكان منعزل بنفس المنطقة لعدم اثارة الانتباه لوجوده

وبالفعل تم أعداد مأمورية من ضباط الانتربول بأكثر من سيارة وصلت بحذر شديد الي المكان الذي يظهر فيه القاتل الهارب ..ولكن لسوء حظهم انه عند قدومه بسيارته لاحظ تواجد امني.. وقبل ان يطبقوا عليه لاذ بالفرار ولكنهم طاردوه في كل شوارع شبرا كان محترفا في قيادة السيارة والهرب من المطاردة ليفلت اكثر من مرة. ..كل ذلك والضباط يتواصلون مع مديرهم تليفونيا ويبلغوه بما يحدث وهو يشجعهم لمحاصرته والاطباق عليه وكاد القاتل يسقط عند منطقة جزيرة بدران ولكن بمهارة شديدة اندفع اسفل نفق شبرا بسرعة وعند مستشفي السكة الحديد حالفه الحظ لتغلق الاشارة في تقاطع شارع شبرا مع شارع الجلاء ولكن ضباط الانتربول غامروا بحياتهم ليكسروا الاشارة وتعرضت حياتهم للخطر حتي ان اللواء محمد ابراهيم شعر بالخوف عليهم وحذرهم من المخاطرة ولكنهم اخيرا اطبقوا علي سيارة القاتل الهارب اما محطة البنزين المقابلة لمطعم فول التابعي الدمياطي واقتادوه مع سيارته الي مقر الانتربول …

كانت عملية ضبط القاتل وتنفيذ امر النشرة الحمراء للمنظمة الدولية كفيلة بنشوة وسعادة مدير الانتربول ولكن كان العكس تماما فماذا حدث؟

لدي وصولي مقر الانتربول القيت نظرة علي المتهم المقبوض عليه والذي كان يجلس في مكتب الضباط شاردا ويدخن سيجارته بشراهة ثم دلفت الي مكتب اللواء محمد ابراهيم الذي فوجئت ببركان من الغضب يكسو ملامح وجهه مما دفعني بسؤاله اين الفرحة بهذه الخبطة ليبادرني قائلا كيف افرح وقد اكتشفت أن ولاد( ؟؟) ليسب الامريكان بأفظع الشتائم لقد اكتشفت انهم يركبون تليفوناتنا ويتصنون علي مكالماتنا كان الرجل في حالة غضب شديد ليشرح لي كيف و قبل وصول الضباط للمكتب ومعهم المتهم فوجئ بمكالمة من ضابط الاتصال بالسفارة الامريكية يهنئني بالقبض علي المتهم ..اصيبت بالدهشة ونظرا لأن منظومة العمل الامني تطلب أخطار قيادتي العليا اولا بنتيجة اي جهد نقوم به فقد نفيت للضابط الامريكي والذي يجيد التحدث باللغة العربية بطلاقة تمام عملية القبض ولكنه بادرني قائلا : لا لا محمد بك انتم خلاص مسكتوه… ورجالتك بذلوا جهد جبار وعرضوا انفسهم للخطر لما اغلقت الاشارة بينهم وبينه وطبعا انت قائد عظيم خلال توجيههم بالتليفون ..ويستطرد اللواء محمد ابراهيم قائلا لي فوجئت به يسرد لي تفاصيل مكالمات التواصل مع ضباطي طوال العملية بدقة شديد مما اضطرني لمبادرته قائلا له واضح انك كنت معانا علي التليفون ليصمت بعد ضحكة صفراوية ..

كانت هذه العملية بداية جديدة ليقرر بعدها الانتربول المصري الثأر لكرامة بلده ويجبر الامريكان علي الخضوع لطلبات مصر في تنفيذ طلباتها باستعادة المتهمين المصريين الهاربين في امريكا عقب ضبط نائب رئيس المافيا الامريكية الهارب في القاهرة ووقتها اذلوا الامريكان واذاقوهم من نفس الكأس وحجتهم ايضا عدم وجود اتفاقيات تسليم معهم مما وضع الامريكان علي أعلي مستوي في ورطة شديدة دفعتهم لاخراج اتفاقية تسليم كانت مبرمة بينهم وبين العثمانيين وقت احتلالهم مصر وكانت باكورة نتائج عملية الثأر هو قيام السلطات الامريكية بالضغط علي رجل الاعمال مصطفي البليدي الهارب هناك بعد اتهامه بالسطو علي ما حصل عليه من قروض بنكية.واجبروه علي العودة لمصر ليسلم نفسه بمجرد وصوله مطار القاهرة ليموت في السجن أثناء محاكمته..

 

في مصر شرفاء كثيرين جدا يحبون وطنهم بحق دون ان يشعر بهم أحد لانهم يعملون في صمت وينكرون ذاتهم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق