أقلام حرّة

مجدي سبلة يكتب … (قرصنة سورية على دمياط)

 

كاتب صحفي ورئيس مجلس إدارة دار الهلال السابق

جمعتني الصدفة في دردشة مع شاب سورى على أحد مقاهي دمياط الجديده وجدته يتكلم على تصدير إنتاجه من الموبيليا إلى بلدان عربية واوربيه من مصنعه بالمنطقة الصناعية بدمياط الجديدة..فقلت له مقاطعا كلامه كيف تتملكون مصانع في مدينتنا ..قال ليس بالضرورة أن نتملك قلت كيف ونحن ملوك الموبيليا هنا في دمياط وفي مصر كلها ..قلت له أنا لا اصدقك ..فقال نحن لا نتملك المصانع ولكن نستأجرها بالشهر بعد أن هجرها أصحابها من الصناع الدمايطة ونقوم بالتسويق لمنتجنا من الموبيليا في الخارج بالذات الشغل المودرن ونعقد اتفاقيات والتحويلات والتراخيص وخلافة بأسماء دمايطة وكله يرزق من فضله وإذا احتجنا شغل كلاسيك نستقدم الصناع الدمايطة للعمل لدينا .. قلت للشاب السورى أنت حالة واحدة فقط ولا تؤثر على دمياط ولن تهز عرشها في الموبيليا قال لي المنطقة الصناعية بكل مصانعها وورشها يستحوذ عليها بالإيجار الشباب السورى ويصنعون الموبيليا والكماليات الأخرى قلت ياميت خسارة على الدمايطة ..لكنه فاجئني بما هو أدهى وأمر قائلا نحن نصنع الحلوى السورى وأصبح عليها طلب أكثر من الهريسة الدمياطي والحلوى الدمياطى ..فبدلا من أقول “عمار يا دمياط قلت خراب يادمياط” ..لكن وجدت نفسي أمام شباب يحترم قيمة العمل أكثر من الشباب الدمايطة الذين كنا نضرب بهم المثل في معرفة قيمة العمل واحترامه ..وجعلنى أتحسر على مهنة الموبيليا التى ضاعت وراحت في السنوات الأخيرة عندما هجرها الصناع إلى مدن عربية (صفاقس في تونس وطنجة في المغرب والناصرة في الأردن ) كان شرط التعاقد هناك لابناء دمياط أن كل صانع يعلم ١٠ صناع من ذات البلد التى يعمل بها في العام وإذا أخل بهذا الشرط يفسخ العقد ويتم ترحيل الصانع الدمياطى ..وكان الشيئ المؤلم أن منتج الموبيليا الذى يقوم به الصناع الدمايطة في هذه العواصم يدخل معارض في أوربا تحت اسم صنع في طنجة او صنع في صفاقس في تونس او صنع في الاردن ونست هذه المعارض جملة صنع في دمياط او صنع في مصر ..واقول الدمايطة وانا منهم تكاسلنا وتواكلنا إلى أن ضاعت منا المهنة التى كانت تضعنا على جسور من ذهب و أصبحنا نقف على شواطئ الفقر والعوز ..راحت منا مهنة الموبيليا كما ذهبت مهنة صناعة الجلود ..ومهنة النسيج ومهنة الحلوى والمشبك في طريقها إلى زوال ..أين انتم يا دمايطة ماذا جرى لهذا الشعب الذى كان يضرب به المثل لم يعد أمامنا مهنة نتميز بها كعهدنا الذى مضى هل يمكن أن ننقذ دمياط لم يعد أمامنا سوى الصيد وصناعة المراكب والقليل من صناعة الجبن نتمنى ألا تندثر كما اندثرت الموبيليا أو اختطفت من شباب سورى يعلم جيدا ماذا يصنع وماذا يعمل وما حدث يمكن أن نسميه قرصنة سورية على دمياط ..ونحن لا نعيب على الاخوة السورين نحن نثني عليهم لكن نحن نرثي شبابنا الذى اوصل دمياط إلى هذا التراجع …هل من صحوة لإيقاظ دمياط من ثباتها ..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق