أقلام حرّة
قياس خطر تلوث الهواء بالذكاء الإصطناعي

بقلم / دكتور رضا محمد طه
الهواء الناجم عن وسائل النقل كالشاحنات والسيارات وكافة انواع المركبات التي تسير في شوارع المدن في الحضر وما يصاحبها من إننبعاثات وإخراج العادم الملوث في الهواء وتأثير البنية التحتية والنقل والطاقة كذلك علي مقدارتلوث الهواء وعواقبها أو تداعياتها السلبية علي الصحة العامة للبشر الذين يقطنون المدن. وتشير الأبحاث إلي أن تلوث الهواء المحيط يعتبر سبباً رئيسياً للوفاة المبكرة حول العالم. وكانت دراسة سابقة نشرت في لانسيت 2015 قد أكدت أن اكثر من 4,2 مليون حالة وفاة سنوياً علي الصعيد العالمي، وتتمثل الحالات في أمراض القلب والأوعية الدموية وبعض أمراض القلب الاخري، والسكتة الدماغية وسرطان الرئة.
ونظراً للصعوبة التي كانت تواجه الباحثين في تقدير حجم تلوث الهواء في المناطق الحضرية، قام مهندسون في كلية الهندسة جامعة كورنيل تقع في مدينة إثاكا في ولاية نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية بتبسيط وتعزيز النماذج التي تحسب بدقة كبيرة الجسيمات الدقيقة في الهواء الملوث والتي يصل حجمها 2,5 جزء في المليون 2.5PM الموجودة في السخام والعادم المنبعث من الشاحنات والسيارات، تلك الجسيمات الدقيقة تدخل بسهولة إلي رئة الأشخاص الذين يعيشون في تلك المدن الملوثة الهواء.
ولأن الطرق السابقة لقياس تلوث الهواء وحساب حجم الجسيمات الدقية كانت تحتاج مجهود كبير ومعقدة من الناحية الحسابية والميكانيكية حيث إعتمدت علي كميات غير عادية من نقاط البيانات. لكن إستطاع فريثق البحث في تلك الدراسة وذلك عن طريق تطوير نموذج بيانات يسهل الوصول إليه بإستخدام الذكاء الصناعي في ملء بعض الفراغات والتعلم الآلي لرسم خرائط تركيز الجسيمات الدقيقة العالقة في الهواء في أماكن كثيرة المرور والمزدحمة بالمركبات والشاحنات، ومن ثم يمكن لمخططي المدن وكذا مسئولي الصحة الحكوميين الحصول علي حسابات أكثر دقة حول ما يمثل خطر علي من سوف يسكنون تلك المدن الجديدة، بما يحافظ علي رفاهيتهم وسلامتهم، وقد نشرت نتائج تلك الدراسة الفريدة مؤخراً في مجلة Transportation Research Part D.
تمكن الباحثون من تطوير أربعة نماذج للتعلم الآلي لتركيزات الجسيمات الدقيقة المتعلقة بالمرور في البيانات التي إستطاعوا تجميعها في خمسة أحياء لمدينة نيويورك والتي يبلغ عدد سكانها مجتمعة 8,2 مليون شخص، حيث تقطع وسيلة الإنتقال سيارة كانت أو شاحنة 55 مليون ميل يومياً. تستخدم المعادلات في خوارزمية الذكاء الصناعي القليل من من المدخلات مثل بيانات حركة المرور والطوبولوجيا والأرصاد الجوية وذلك من أجل تعلم المحاكاة لمجموعة واسعة من سيناريوهات تركيز تلوث الهواء المرتبطة بالمرور. وقع الإختيار علي أفضل نموذج في الآداء وهو الذاكرة التلافيفية طويلة المدي أو ما يعرف إختصاراً ب ConvLSTM والتي دربت الخوارزمية علي التنبؤ بالعديد من الملاحظات المترابطة مكانياً.
هذا النهج كما يصفه فريق البحث يعتمد في الأساس علي بيانات إنبعاثات المركبات بدلاً من التركيز علي المواقع الثابتة، بما يجعل من خلال تلك الطريقة توفير تقدير عالي الدقة لسطح تلوث شوارع المدينة، ويمكن لهذه الدقة العالية في دراسات النقل وما يخص حركة المركبات والنقل وعلم الأوبئة في تقييم تأثيرات الصحة والعدالة البيئية وكذا جودة الهواء.
تزيد معدلات تلوث الهواء ويتراجع معها جودة الهواء الذي يتنفسه الناس ومعها الأمراض، والتي وصلت لدرجة كبيرة حتي في عواصم بعض البلدان المزدحمة مثل مثل دلهي في الهند وبكين في الصين والمدن الصناعية الأخري وهذا ما يدعو لإيجاد حلول في صور أخري من الطاقة غير الوقود الأحفوري مثل المركبات التي تعمل بالكهرباء، أوالطاقة الشمسية وطاقة الرياح وغيرها من الحلول والبدائل حتي نعيش في مناخ وبيئة خالية من أو حتي بها الحد الادني من التلوث وهذه مسئولية الدول الكبري الغنية والتي لديها من الإمكانيات الكثير والكثير والتي تخصصها معظمها للأسلحة المدمرة وتأجيج الحروب لتجريب أوبيع تلك الأسلحة.