سوق عكاظ
قطار بلا قضبان …

بقلم: رشا الحسيني
تنفست الصعداء بعد أن ركبت القطار الذي قادها إلى طريق طويل يتخلله محطات خاوية من البشر وكأن المدن ضجت بساكنيها …لفظتهم إلى مكان آخر أو انفتحت هوة عميقة في الأرض فابتلعتهم أو في السماء فحجبتهم عن الأعين المبصرة أو ربما يكونون قد تحولوا إلى أجسام أثيرية محاطة بهالة كونية من الطاقة التي لا تستطيع هي أن تدركها ..فهي لا تدرك سوى أن القطار يسير بلا قضبان …بل تستمتع هي بصوت الموسيقى العالمية التي تعزف في أنحاء القطار …وتتناول خبزاً دافئاً من مطبخ القطار وتشرب الحليب الساخن والقهوة الطازجة بينما تقرأ قصص الحب التي تهوى قراءتها ..ويمضي الوقت سريعاً والقطار يسير بلا قضبان ماراً بمدينة تلو الأخرى من مدن الأرواح التائهة والاشباح الهائمة التي تحاول أن تدق الأجراس في كل محطة حتى تسمعها وتنتبه ..لكن صوت الموسيقى مرتفع والإضاءة الخافتة الصفراء الرومانسية تحجب كل الضجيج خارج النوافذ …فالمتعة آسرة ولذيذة هي القهوة والخبز الساخن …ولكن كلما زاد الجوع قل الخبز وبردت القهوة وخفتت الإضاءة والتدفئة وصمتت الموسيقى ورأت هي الأشباح خارج القطار يصطفون صفين حولها في دائرة يحملون الشموع ..بينما هي ملقاة على الأرض والكل يردد …ما أقسى هذا القطار الذي يدوس بعجلاته الحديدية القاسية سيدة جميلة تحمل في يديها رسالة من حبيب لم يعرف قيمتها فتركها تدهس من عجلات الزمن وقطار الأحلام …