أقلام حرّة

قراءة فى أهم ملامح الوازنة العامة للدولة 23/24 وخطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية لنفس العام

 

 

 

بقلم/ منجى على بدر

الوزير المفوض والمفكر الاقتصادى و عضو الجمعية المصرية للأمم المتحدة

 

يعكس مشروع الموازنة العامة للدولة 23/24 ومشروع خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية لنفس العام وصول مصر الى مرحلة الرشادة الاقتصادية بحيث عكس المشروعان الابعاد المحلية والاقليمية والدولية فى تناغم بين القطاعات المختلفة بحيث تعامل المشروعان مع الصعوبات الدولية بل استفاد منها بنظرية تحويل المحنة الى منحة وأيضا استكمال محاور البنية التحتية والتنمية البشرية .

 

ويلاحظ أن مشروع الموازنة العامة الجديد الذي وافق عليه مجلس الوزراء المصرى يوم 29 الجارى تمهيدا لارساله الى مجلس النواب يركز على الأولويات التنموية، وتوسيع شبكة الحماية الاجتماعية، والتعامل مع آثار التحديات الاقتصادية الدولية والاقليمية والمحلية، ومعالجة الارتفاع في أسعار السلع والخدمات، التي تسببت فيها جائحة كورونا اعتبارا من عام 2020 وغلق مصنع العالم (الصين) مما زاد من المشاكل في سلاسل الإمداد والتوريد العالمية ، وأخيرا الصراع الروسي الغربى على أرض أوكرانيا بما له من آثار سلبية وايجابية على الاقتصاد المصرى .

 

وبقراءة متأنية لبنود الموازنة العامة للدولة 23/24 فقد حققت أعلى فائض أولي تصل نسبته إلى 2.5% من الناتج المحلي الإجمالي بالمقارنة ب 1.5% العام الماضى وزيادة مخصصات الدعم والمنح والمزايا الاجتماعية وزيادة دعم السلع التموينية بنسبة 20% ودعم المواد البترولية بـ 24% ودعم الصادرات بـ 462.5% وذلك من خلال صندوق تنمية الصادرات التابع لوزارة التجارة والصناعة وزيادة دعم التأمين الصحي والأدوية بـ 50.4% ودعم محدودي الدخل والإسكان الاجتماعي ودعم معاش الضمان الاجتماعي بـ 24%

 

وفي ضوء تقديرات وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية ومستهدفات البنك المركزي المصري وتقديرات الأسعار العالمية فقد تم تقدير معدل النمو الاقتصادى ب 4.1% ونرى أنه معدل متحفظ ويمكن أن يتجاوز المعدل الفعلى 4.5% فى ظل الانتهاء من معظم المشروعات ودخولها حيز الانتاج ، وأيضا تحسن معدلات السياحة والتصدير والانتاج البترولى والغاز الطبيعى والمشروعات التعدينية والمشروعات الخضراء .

كما تبذل الحكومة جهود حثيثة لخفض المديونية الحكومية كنسبة للناتج المحلي، ومعدل متوقع للتضحم عند 16% ومن المتوقع نمو إجمالي الإيرادات بالموازنة الجديدة بنسبة 38.4%، ونمو الإيرادات الضريبية بنسبة 28% وذلك بفضل توسعة القاعدة الضريبية وتسجيل مُمولين جُدد، والتوسع فى استخدام الميكنة الإدارية والتشريعية.

كما وافق مجلس فضلًا عن الإصلاحات الوزراءعلى خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للعام المالي 2023/2024 وتتمثل أهم محدداتها في قانون التخطيط العام للدولة، والاستحقاقات الدستورية، واستراتيجية التنمية المستدامة رؤية مصر 2030، وفيما يخص التنمية المستدامة نرى أن هذا المفهوم قد يتغير فى المستقبل القريب الى مفهوم التنمية الضرورية التى تتمثل فى 3 أعمدة وهى : الامن الغذائي والامن الدوائي وأمن المعلومات والتكنولوجيا بمفهومه الواسع وذلك فى ظل الصراعات الدولية الراهنة .

وتستهدف الخطة تحقيق التنمية البشرية التي تُعد المحرك الأساسي للنمو الاقتصادي والاجتماعي وأن الإنسان هو الفاعل الرئيسي في تحقيق التنمية وغايتها المنشودة، وبذلك تتوازن السياسات الاقتصادية الكلية مابين تنمية الحجر والبشر حيث يلاحظ توجيه مبالغ كبيرة من الموازنة الى الانفاق على التعليم والصحة وتحقيق البعد الاجتماعى وتعميق سياسات الاجل القصير حتى يشعر المواطن البسيط بثمار التنمية كما انعكس ذلك عالميا على اقرار الامم المتحدة أن برنامج تكافل وكرامة هو من أفضل الممارسات على مستوى العالم .

كما تمثلت أهم محددات الخطة فى التخارُج من تمويل بعض المشروعات والسماح بمشاركة القطاع الخاص في ضوء وثيقة سياسة ملكية الدولة، وتعزيز دور الاستثمار العام في الحماية الاجتماعية (حياة كريمة) ومُراعاة الفجوات التنموية في توزيع الاستثمارات جغرافيا فى محاولة لاعادة التوازن بين شمال وجنوب مصر وتعزيز دور الاستثمار العام في تنفيذ الإصلاحات الهيكلية للقطاعات الواعدة، وهي الزراعة والري والتجارة الداخلية والصناعة والاتصالات، ومن المستهدف الوصول إلى 35% كنسبة لمساهمة قطاعات الزراعة والصناعات التحويلية والاتصالات في الناتج المحلي الإجمالي في العام المالي 2023/2024. وتستهدف الخطة تحسين ترتيب مصر في مؤشر الأمن الغذائي العالمي وبناء أنظمة زراعية وغذائية مستدامة، وزيادة التوسع الأفقي والرأسي في قطاع الزراعة وتنويع مصادر المياه ،

وهذا التوجه يوضح للمتابع فى الشأن المصرى , استمرار الدولة فى تنفيذ سياساتها طويلة الاجل لاعادة هيكلة الاقتصاد المصرى من اقتصاد خدمى الى انتاجى وفى نفس السياق تحقيق الامن الغذائي بسياسات مستدامة وحثيثة تدرك مدى تأثير الامن الغذائي على الامن القومى وتطبيق سياسات بعيدة عن مبدأ الفرصة البديلة الذى وضع مصر تحت رحمة الدول المنتجة للغذاء على مدار 40 عام .

وفيما يتعلق بقطاع الاتصالات، فقد حققت مصر عام 2022 تقدماً في مؤشرات التنافسية الدولية، وبخاصة مؤشري جاهزية الشبكة، وجاهزية الحكومة للذكاء الاصطناعي، والتوسع في التحول الرقمي لإنفاذ القانون، واستكمال إنشاء مدينة المعرفة واستكمال توصيل شبكة الألياف الضوئية في نحو 1468 ضمن المبادرة الرئاسية “حياة كريمة”.

وهذا القطاع الهام يمكن أن يكون قاطرة للنمو باستخدام نظرية البؤر المشعة ، حيث ركزت الخطة على جانبه الخدمى دون التركيز على جانبه الانتاجى بالشكل المناسب ، ويمكن ان يجذب قطاع عريض من الشباب فى صناعة البرمجيات (السوفت وير) وبتكلفة استثمارية محدودة جدا وينتج عن هذا النشاط قيمة مضافة عالية للاقتصاد القومى ، مع التوسع فى تشييد القرى الذكية لتغطى ال 27 محافظة .

وفيما يتصل بقطاع الصناعة، فان الخطة الاستثمارية للعام المالي 2023/2024 تتضمن تحسين تنافسية قطاع الصناعة عبر تطوير ورفع كفاءة تشغيل منطقتين صناعيتين بقنا وسوهاج، وتنمية التكتلات الاقتصادية وتطوير المحاصيل التصديرية وتحفيز الاستثمار في الصناعات المرتبطة بها،وتعميق التصنيع المحلي ونرى أن الصناعة تحتاج مزيد من الجهود حتى تستطيع تغطية احتياجات السوق المحلى والمنافسة العالمية .

وفيما يتصل بقطاع النقل، فقد حققت مصر تقدماً بنحو 94 مركزاً على مؤشر جودة الطرق، وتتضمن الخطة الاستثمارية للعام المالي 2023/2024 تنفيذ 20 مشروعًا ضمن شبكة الطرق القومية، و26 مشروع طرق داخلية بين المحافظات، و8 مشروعات كباري علوية وكباري أعلى مزلقانات، و11 مشروعا لمحاور على النيل وقد تكون مصر حاليا قريبة من الانتهاء من البنية التحتية فى هذا القطاع.

وبالنسبة للملامح الرئيسية لمبادرات الخطة الاستثمارية للعام المالي 2023/2024 لقطاع الكهرباء، وتشمل “استكمال المشروعات الاستراتيجية لتوسيع الشبكة القومية وتأمين التغذية الكهربائية والربط الكهربائي مع دول الجوار واستكمال تطوير شبكات الكهرباء بواقع 1466 مشروعًا على مستوى الجمهورية وأنه من المستهدف زيادة الاستثمارات العامة الخضراء خلال العام 2023/2024 بنسبة 50%.

ونرجو الله التوفيق لمصر فى كل خطواتها

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق