المميزةصحتك تهمنا

فيروس نورو…قيء وإسهال الأطفال

 

 

كتب/دكتور رضا محمد طه

 

 

تسبب فيروسات نورو norovirus مسؤولة عن حوالي 90% من حالات إلتهاب المعدة والأمعاء وما يقرب من 50% الحالات وخاصة النزلات المعوية في جميع أنحاء العالم وتصيب الأطفال كذلك البالغين، وفي الولايات المتحدة وحدها يصيب أكثر من 23 مليون طفل كل عام، وأكثر من 685 مليون حالة سنوياً حول العالم والتي يصاحبها قيء وإسهال، وبالرغم من أن الفيروس أكثؤر شيوعاً في الشتاء إلا أنه يمكن أن يصيب الأشخاص في أي وقت من السنة. ينتقل فيروس نورو من خلال الطعام وفضلات الإنسان. ويتسبب الفيروس في أكثر من 200 ألف حالة وفاة في الأطفال علي مستوي العالم، وينتشر في المستشفيات والمدارس وروضة الأطفال حيث يتجمع العديد من الأطفال في مكان واحد، وكذلك الرحلات السياحية، مما يسهل إنتقال الفيروس من خلال ملامسة الرذاذ أو القطيرات التي تخرج من المصابين أثناء القيء أو ملامسة أفواه وأيدي المصابين والأسطح الملوثة وكذا الطعام والمياه الملوثة بفضلات الأشخاص المصابة وخاصة الأطعمة التي تؤكل نيئة مثل السلطات والسندويشات والبسكوت ومنتجات المخابز والفواكه مثل التوت والمحار ومثلجات الكيك.

ينتشر فيروس نورور في براز وقيء الأشخاص والحيوانات المصابة بالعدوي، تكمن مشكلة فيروس نورو في صعوبة القضاء عليه لأنه يتحمل الحرارة الساخنة والباردة ويقاوم العديد من المطهرات، فضلاً علي أنه لا يتأثر بحموضة المعدة، بل يتحملها حتي يصل إلي الأمعاء حيث يمسك بالبكتريا الموجودة في خلايا الأمعاء ملتصقاً بالسكريات الموجودة علي سطحها، بما يحفزه علي بدء دورة التضاعف مكوناً ملايين النسخ الجديدة من الفيروس. وتعتبر أفضل طرق الوقاية من العدوي عن طريق غسل اليدين بشكل متكرر بالصابون والماء الدافيء خاصة بعد الذهاب للحمام وقبل تحضير الطعام، وتنظيف الأسطح بمنظف منزلي وخاصة أماكن التقيء والقريبة منها، كذلك تجنب الأطعمة مصدر العدوي مثل المحار حيث قد يكون ملوثاً بالمياه الملوث بالفيروس نورو، كما يجب غسيل الخضروات والفواكه جيداً وأيضاً غسيل الملابس وأغطية السرير والمناشف إذا ما تلوثت ببقايا وفضلات المرضي، والحفاظ كذلك علي مقعد المرحاض لأسفل لمنع الميكروبات المعدية من دخول الهواء.

بعد فترة حضانة الفيروس والتي تستمر من 10 ساعات وحتي يومين، تظهر بعدها الأعراض في صورة قيء ، مغص وألام في المعدة وإسهال المائي والشعور بالخمول والتوعك وأعراض خفيفة كالحمي والقشعريرة وألام بالجسم وصداع في الأطفال أو البالغين إضافة إلي آلام في المعدة، والأعراض الأقل شيوعاً تتمثل في سوء تغذية وإمساك وسوء هضم. وتستمر الأعراض من يوم وحتي ثلاثة أيام او أكثر، لكن بعض حالات الإصابة (30%) بالفيروس لا تظهر عليهم أعراض. الغالبية العظمي من حالات الإصابة يتم الشفاء من العدوي من تلقاء نفسها خلال أيام قليلة دون حدوث مضاعفات.

حتي الآن لا يوجد علاج فعال وقادر علي مكافحة الفيروس والتخلص منه خلال الإصابة، لكن تعالج حالات الإصابة عن طريق منع الجفاف حيث أنه يمكن أن يكون مفاجئاً ومهدداً للحياة في بعض الحالات، والسيطرة علي الأعراض وتعويض السوائل التي يفقدها المصاب من خلال القيء والإسهال.

في سعيهم لإيجاد علاج تمكن الباحثون من كشف النقاب عن بنية الفيروس الدقيقة وخاصة الغلاف الخارجي والأشواك علي سطح غلاف الفيروس حيث سوف يساعد علي إنتاج لقاح فعال وعام ضد سلالات الفيروس المختلفة، مما ترتب علي ذلك نجاح باحثون من كلية الطب بجامعة واشنطن في سانت لويس من إبتكار طريقة إبداعية لصنع لقاح لفيروس نورو من خلال الإعتماد علي اللقاحات عالية الفعالية لفيروس الروتا، وهو فيروس غير مرتبط ويسبب الإسهال أيضاً.

اللقاح التجريبي الذي تم إبتكاره مختلطاً من فيروس الروتا rotavirus وفيروس نورو، وذلك عن طريق إضافة بروتين رئيسي من فيروس نورو إلي سلالة غير ضارة من فيروس الروتا (قادرة علي تحفيز إستجابة مناعية دون إحداث عدوي). ومن خلال حقن الفئران بهذا اللقاح الجديد أنتجت الفئران أجسام مضادة معادلة neutralize أي قادرة علي الإرتباط بكل من فيروس الروتا وفيروس نورو والتخلص منهما. نشرت الدراسة مؤخراً في Proceedings of the National Academy of Sciences بما يعتبره الباحثون نهجاً مبتكراً للوقاية من أحد أكثر أنواع العدوي الفيروسية شيوعاً وإستعصاءاً، وتكمن قوة هذه الدراسة كما يصفها فريق البحث في أنها تحدد نهجاً جديداً يمكن أن يسرع من تطوير اللقاح لمجموعة متنوعة من الممرضات المزعجة المسببة للإسهال خاصة في البلدان ذات الموارد المحدودة حيث تتكرر العدوي بصورة كثيراً وخاصة في الأطفال.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق