إمام الدعاةالمميزة

فلسفة مولانا الشيخ الشعراوي !

 

شكّلت حياة الشيخ الشعراوي رحمه الله ومواقفه معالم طريق تعكس قناعاته وتروي كل نبت خلفه بغذاء فلسفته.
لقد كان ظاهرة فكرية ذات تأثير تغلغل في قلوب العامة وعلا نجمه فوق عتامة صخور الخاصة.
ونظرا لتأثيره الكبير فإن سهام النقد تطاله من حين لاخر.
وعند التطرق لمعالم طريقه فإنني اتوقف عند الاتي :
الشيخ الشعراوي احد جهابذة الفكر الذين تناولوا المسائل العقدية بخفقات نجم نابض تتوقف اذنك عند سماعه منصتة لسحره غائبة عن افلاك حدود سمعها كل الاصوات.
لم يكن مولانا الشيخ بالمقلّد بل بالمجدد الذي اجد نفسي دائما جاثيا على ركبتيّ في رحاب فكره المتميز.
يرى البعض الحاقد على واسع طيف تأثيره بانه احد روافد نهر شيوخ البترو دولار او انه احد ركائز تفشي الفكر المتشدد او انه احد اذرع السلطة الدينية او انه ظاهرة شعبوية جارفة – مقلقة – وفي وجهة نظري هذا هراء. لان الشيخ كان وسطيا بسيطا مستنيرا حكيما تفهم حركة التاريخ وجوهر الإصلاح وطريقه الفعال.
اختار مولانا الشيخ ان يدلو بفكره المتباسط في وعاء البسطاء ليشكل نقلة فريدة استطاعت نقل العلم من مجالسه وكتبه الى رحاب اكثر سعة واعظم اجرا.
الحاقدون على انتشار مولانا وظاهرته الفريدة والذين لايريدون ان يكون هناك صوت لشيخ مستنير يقطع رأس الفرصة القبيحة التي يحب أن ينتهزها مسددي سهام الكره للنور وامواجه ذات التردد القوي والمفيد.
لقد رسم مولانا الشيخ بوضوح الخط السياسي الرشيد للدعاة النابع من الإيمان بأن الملك هو بيد الله يعطيه من يشاء والعدل والظلم والرفق والبغي والاصلاح والجور هي صور لأسئلة حتمية لابد أن يتجرع كأسه الانسان تحقيقا وكشفا عن ذات الله وتجليا لمبدأ الاستخلاف ومعنى وجوب الاختبار والكشف عن مكنون النفس واختيارات الناس.
لم تكن توجهات مولانا الشيخ الشعرواي السياسية بالمتفردة بل أحياء وتأسيا بمسلك الحكماء كابن عباس وابن عمر – رضي الله عنهم – وغيرهم من الذين يرون الصورة من بعد آخر.
لقد حرمنا من عطاء الذين اختاروا مناؤة السلطة وخسرنا إبداعهم.
ان الذين اختاروا ان يكونوا البساط المتغلغل أسفل أقدام الناس والذي يبهرهم جوهره ونبته يوما بعد يوم لهم السبيل لإصلاح المفسدة.
اعلم ان الله لا يعجزه شئ وقادر على التدخل في اي وقت لبتر طغيان اي جبار ولكنه له حكمة وآية.
وللأسف يظن دعاة التغيير بأن ذلك دعوة للركون الى الاقدار والحقيقة انهم غافلون عن قطار التاريخ ومحطاته وظروف فلتاته وعمائم صروفه وحركاته وسكناته.
“والله غالب على أمره”.
التأثير المشرق للدعاة والمفكرين والمصلحين تجلى في وجهة نظري من كونهم بطانة صالحة – حتى وإن تنفست في بلاط ظالمين – كانت كاليد تحنو وتتمتم بطلسمها الشافي الخفي على رأس كل جبار.
لم يتطرق مولانا الشيخ للتراث رفقا بالبسطاء وان رفض بعضه بطريقة ذكية لانه لابد من حساب المكاسب والخسائر الناشئة عن كل موقف وفي أي توقيت تصلح او تفسد.
النأي بعيدا عن أماكن واعمال بحجة مخالفتها للدين والاقتصار فقط على التحريم والتنديد شئ غير فاعل ويحرمنا من بعث وأحياء الإصلاح الفاعل.

رحم مولانا الشيخ الجليل المستنير وغفر لنا وله.

بقلم دكتور محمد السيد السِّكي استشاري تحاليل طبية وكاتب وروائي مصري

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق