أقلام حرّة

طه محمد الشيخ يكتب : الغرب و العنف “العسكري – العسكري” تجاه السلطة السياسية السودانية

 

 

 كاتب المقال باحث في العلوم السياسية الأفريقية.

 

 

بعد انتشار قوات الدعم السريع السودانية برئاسة الفريق محمد حمدان دقلو وشهرته حميدتي، صباح يوم السبت الموافق ١٥ أبريل ٢٠٢٣، أعقب ذلك انتشار لقوات الجيش السوداني براً وجواً، وحدثت المناوشات ثم ضرب النار المتبادل، ما حدث له عدة أسباب ظاهرية ، وغير معلنة، مثل نظرية فرق تسد التي استخدمها الغرب مثل (الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا وبريطانيا المستعمر القديم للسودان ولدول أفريقية أخرى ،وفرنسا ودول أوروبية أخرى، و الكيان الإسرائيلي، الذي تزايد نفوذ تأثيره، في صناعة القرار السوداني، بعد الإطاحة بالرئيس السوداني عمر البشير عام ٢٠١٩، وحدث التطبيع مع مجلس الحكم والسلطة السياسية السودانية، الذي يتشكل من قادة سياسيين مدنيين، وقادة عسكريين، وأطلق عليه- أسم على غير مسمى – مجلس السيادة، نظراً لعدم قدرته على السيطرة، من حيث التوافق على الخريطة السياسية والإقتصادية والاجتماعية، وكان يترأس هذا المجلس قائد الجيش السوداني، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، وتنصيب الفريق دقلو نائباً للمجلس، في إشارة إلى أن من يترأس زمام أجندة مناقشة القضايا السياسية المحورية من جناحي المؤسسة العسكرية السودانية، استمرا القائدان في حكم البلاد لمدة ٤ سنوات بناء على طلب القوي السياسية السودانية، اعتقاداً منهم أن التريث الزائد عن الحد في الفترة الزمنية، سينتج عنه دستور شامل وفاعل للبلاد، يقودها للتحول الديمقراطي والمؤسسية والحوكمة الرشيدة، في كافة قطاعات الدولة، ويؤدي لتنمية اقتصادية مرموقة، في ظل تميز السودان بالمعادن وخاصة الذهب، وخلال النصف الأول من عام ٢٠٢٣، زاد الخلاف في الرأي بين قادة قوات الجيش وقادة قوات الدعم العسكري، بسبب رؤية البرهان، بضرورة إدماج قوات الدعم السريع العسكرية تحت مظلة إدارة الجيش في مقترح الخريطة السياسة بالدستور الجديد للبلاد ، علي أن يترأس الإدارة ضابط من الجيش وليس الدعم السريع، وكانت رؤية السريع أن يترأس الإدارة شخصية سياسية ، وكان كل صاحب رؤية تحمل العناد والإصرار، في إشارة قوية أن كل رؤية تنطلق من تدخلات خارجية ضاغطة، لتحقيق أهداف بعينها، وفي كل الأحوال مكث القادة العسكريين أكثر من ٤ سنوات، علي رأس السلطة السياسية الحاكمة، دون تقدم اقتصادي أو تحول ديمقراطي تدريجي، ودون إحداث اندماج وطني تدريجي، ودون ترسيم خريطة المؤسسية والحكم الرشيد المستقبلية، كبداية لترسيخ أقدام الدولة الوطنية المؤسسية ، ولكن ما حققه كلاً من البرهان ودقلو هو حكم السودان لأكثر من ٤ سنوات بالمجان، دون انتخابات ديمقراطية ودون تقدم اقتصادي
كان بإمكان البرهان إخطار ومشاركة جامعة الدول العربية، والاتحاد الأفريقي، لوضع حل قبل انتشار الدعم السريع في ربوع الخرطوم، وكان بإمكان دقلو نفس المسار ، وكان بإمكان مجلس الحكم برئاسة البرهان ونائبه دقلو وباقي أعضاء المجلس ، البحث عن حل رصين يرضى كل الأطراف بمشاركة الأتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية، عقب انتشار قوات الدعم السريع العسكرية، برئاسة دقلو، لكن عناد العسكريين السودانيين، أفضى إلى ضرب النار المتبادل، الذي أسفر عن ضحايا مدنيين من السودان ودول أخرى و عسكريين سودانيين، بما يعني إزهاق أرواح برئية، حيث أن العنف المتبادل والقتال بالنار بين جناحي المؤسسة العسكرية السودانية ، أسفر عن تدمير وتخريب لعدد من منشآت الدولة السودانية وجزء من البنية التحتيةللسودان ، و بدلاً من أن تكون هذه المؤسسة مدافعة عن أرض السودان ومقدراتها ضد العدوان الخارجي، ذهبت لتعتدي المؤسسة العسكرية، علي مقدرات الدولة السودانية، وتمارس القتل و التدميرتجاه نفسها وتجاه المدنيين وتجاه الدولة برمتها ، عناصر هذه المؤسسة، تتقاضي رواتبها من السودان، وهي أول من يعبث بالسودان.
قوات الدعم السريع تتبادل الوصف مع الجيش حيث تصف قائد الجيش بأنه سيطر على السلطة السياسيةو لايريد ديمقراطية حقيقية، بينما الجيش يصف قوات الدعم السريع العسكرية بأنها متمردة على الشرعية و الإستقرار في البلاد. الحقيقة أن جناحي المؤسسة طامعين – وليس طامحين – في الوصول لرأس السلطة السياسية الحاكمة، عبر إجراء الانتخابات، عن طريق الصراع على وضع قواعد دستورية ذات شأن سياسي وعسكري، يمكنها من الفوز في انتخابات السلطة السياسية، أو على أقل تقدير تكون سلطة حكم غير مباشرة.
وفي ذات السياق، نجحت الأمانة العامة للأمم المتحدة في وقف إطلاق النار خلال ٣ أيام عيد الفطريبدأ الجمعة ٢١ أبريل وينتهي الأحد، وهذا تحرك محمود ونأمل المزيد من التحرك لدعم إستقرار السودان ، ثم أجرت الولايات المتحدة الأمريكية وساطة ناجحة في قبول وقف إطلاق النار لمدة ٣ أيام، وهذا لا يعني أنها تريد للسودان تحول ديمقراطي حقيقي، لكن لكي تؤكد أمام العالم أنها مؤثرة، ونتمنى أن تكون المباحثات الدبلوماسية للولايات المتحدة الأمريكية، هادفة للمصلحة الوطنية السودانية والتحول نحو مجتمع مؤسسي وديمقراطي
وأقترح أن يقوم كلاً من الأمم المتحدة، وجامعة الدول العربية، و الأتحاد الأفريقي، بالاتحاد معاً لوضع خريطة جادة وهادفة لإقالة السودان من عثرته وأزمته، نحو الأستقرار و الديمقراطية، ولأبد للغرب أن يدرك جيداً أن الصراع في السودان، سيؤدي إلى زيادة الهجرة غير الشرعية للغرب، وهذا سيشكل أزمة اقتصادية لهم، وأن وقف نزيف الدماء، من أهم المساعي والوساطات الحميدة في الساحة الدبلوماسية، ولأبد للمؤسسة العسكرية أن تغير من مدركاتها الذهنية المبنية على العناد وطمع السلطة السياسية، ومن حق العسكريين خوض الانتخابات السياسية المباشرة ، ولكن تحت جلباب المدنية، وفقاً لقواعد دستورية رصينة، ومعبرة عن غالبية الشعب السوداني على أقل تقدير، ولأبد لطرفي العنف في السودان الإدراك، أن العنف لا يُبني الأوطان، ولا يُحقق الوصول للسلطة السياسية، إنما الإرادة الحرة للشعب و المؤسسية، وإحترام الدستور والقانون هو من يبني السودان.
أين وساطة بريطانيا التي استعمرت السودان لنصف قرن تقربباً ؟ أين جهودها في وقف العنف بين العسكريين السودانيين؟
بريطانيا عليها رد جزء من الخيرات الاقتصادية، التي نهبتها أثناء فترة استعمارها للسودان، بريطانيا التي حكمت السودان بطريقة غير مباشرة، خلال فترة استعمارها، نهبت-خلالها- المواد الخام، بدون مقابل لتنشيط نهضتها الاقتصادية، لم تُقدم أي حل عادل لوقف إطلاق النار بالسودان ..الانقلابات العسكرية ضد السلطة السياسية في السودان لأبد أن يتم إقتلاعه من الجذور، وحلول العلاج كثيرة للسيطرة على العسكريين السودانيين، وعدم تكرار الميراث الإنقلابي الذي تعودت عليه السودان لعدة عقود زمنية متتالية.
يتضح من خلال القرن المنصرم أن الغرب من مصلحته استمرار الدكتاتورية في السودان وفي العديد من القارة الأفريقية، لأن الديمقراطية، تؤدي للتنمية والحكم الرشيد، وزيادة الوعي وعدم تقديم تنازلات اقتصادية للغرب مقابل الصمت عن الدكتاتورية بحجة حقوق الإنسان التي يتحجج بها الغرب، لحصد منافع اقتصادية دورية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق