أقلام حرّة

طعنة بلا دماء: عندما يأتي الخذلان ممن وثقت بهم

 

بقلم..سلمى أبو النجا

الخذلان، تلك الكلمة التي تحمل في طياتها مرارة لا يشعر بها إلا من تجرعها، يشبه الطعنة التي لا تسيل الدماء، لكنها تُدمّي القلب وتنهك الروح. لا يؤلمنا الخذلان بحد ذاته، بل يؤلمنا أن يأتي من أولئك الذين منحناهم الثقة، وفتحنا لهم أبواب أرواحنا، فكان جزاؤنا الانكسار.

ما يميّز الخذلان عن سائر المشاعر المؤلمة، هو أنه لا يأتي من بعيد، بل من أقرب الناس. الصديق الذي تخلى، الحبيب الذي خان، القريب الذي أنكر، جميعهم يتركون خلفهم جرحًا لا يُرى، لكنه يغيّر فينا الكثير. يجعلنا أكثر حذرًا، أقل اندفاعًا، وربما أكثر قسوة.

ورغم قسوته، للخذلان جانب خفي من الحكمة. فهو يُسقط الأقنعة، ويكشف لنا من يستحق البقاء في حياتنا، ومن كان مجرد عابر سبيل يتغذى على طيبتنا. يعلمنا أن نُحسن الاختيار، وأن نُوازن بين القلب والعقل، بين العطاء والحدود.

قد لا ننسى من خذلنا، لكننا نتعلم كيف لا نُعطي فرصة جديدة لمن أساء استغلالها. فالخذلان لا يجب أن يكسرنا، بل أن يصنع منّا نسخة أقوى، أكثر وعيًا ونضجًا.

في النهاية، لا تجعل من خذلان الآخرين سجنًا لنفسك. استوعب الدرس، وتجاوز الألم، وواصل السير بقلب ينبض بالحياة، لا بالحقد. فالخذلان ليس نهاية، بل بداية جديدة بفهم أعمق للناس… ولنفسك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق