
منذ بدايات انطلاق معرض القاهرة الدولي للكتاب قبل 50 عاما، ويُخصص مكانا لهؤلاء التجار لعرض بضاعتهم من الكتب والمجلات والروايات، وكانت تشهد إقبالا كبيرا من زوار المعرض، لاسيما أن متوسط أسعار الكتاب فيها تبدأ من جنيه واحد فقط وتصل إلى 100 جنيه على أقصى حد، ففيه يجد مختلف الطبقات الاجتماعية ما يناسبهم، ولاسيما محدودي الدخل. لكن في إحتفال معرض القاهرة الدولي للكتاب باليوبيل الذهبي نتساءل: أين سور الأزبكية؟ لماذا هم الغائب الوحيد في الإحتفال؟
إستثناء وليس حق مكتسب
قال الناشر سعيد عبده رئيس إتحاد الناشرين المصريين وعضو اللجنة العليا لمعرض القاهرة الدولي للكتاب “إن إتحاد الناشرين وإدارة المعرض ليس بينهما وبين سور الأزبكية أي أزمة أو خلاف , وأن دخول سور الأزبكية إلى معرض القاهرة للكتاب إستثناء وليس حق مكتسب لأن بائعي السور ليسوا ناشرين , وأن هذا الإستثناء بدأ على يد د.سمير سرحان بسبب هدم السور فأصبح هؤلاء الباعة بلا مكان فكان دخولهم الأول وتم منحهم الأماكن دون تضيق”.
وأضاف رئيس إتحاد الناشرين “أن المشكلة في السعر والمكان والكتب المزورة بدأت ما بين إدارة المعرض وبائعي سور الأزبكية منذ المعرض الماضي , حيث رفضت إدارة المعرض بيع الكتب المزورة وطالبت البائعين بدخول الإتحاد , ومن ذهبوا بالفعل إلى الإتحاد 40 أو 35 بائع وهم بائعي السور الحقيقين , وأنه تم عرض 33 جناح على هؤلاء البائعين ل33 ناشر لعرض الكتب لكنهم رفضوا وطالبوا بعدد 108 ناشر في حين أنهم في الحقيقة 40 ناشر فقط أما البقية فهم بائعي السيدة زينب وبائعي الأسكندرية وأنهم تحدثوا معهم أكثر من مرة وأعطوهم فرصة للتفكير كان أخرها يوم الأربعاء 19\12 الماضي لكن بائعي السور رفضوا مرة أخرى فتم توزيع ال 33 جناح على دور النشر المختلفة العربية منها والمصرية”.
سور الأزبكية إمتنع ولم يمنع
في حين قال د. شوكت المصرى المدير التنفيذي للمعرض “أن سور الأزبكية إمتنع ولم يمنع عن المشاركة في معرض القاهرة الدولي للكتاب , مضيفاً أنه لا يمكن أن يتحدث أكثر من هذا في غير إختصاصه فهو يرى أنه مسئوليته تبدأ وتنتهي عند البرنامج الثقافي والفني فقط لا أكثر ولا أقل”.
القراءة لم تعد للجميع بل للطبقة العالية فقط
في حين ذهبت إلى هناك في ميدان العتبة حيث أقدم بائعي السور “عم محمود المصري” الذي ولد في عام 1938م وتجاوز الثمانين بقليل فرفض الحديث معلقاً “أنا تعبت شوف حسام” فسألته عن المكان فعلق “الثالث ع الشمال” وقبل أن أرى من هو ذهبت لأسئل عن ثاني أقدم بائعي السور بعد عم محمود “عم حربي” فلم أجده حيث لا تسمح له صحته بالتواجد يومياً فذهبت إلى “حسام طلب” الذي يتواجد يومياً في سور الأزبكية منذ عام 1980م فقال لي “هنا حياتي , أنا لا أحب المعارض ولم أذهب إلي معرض القاهرة الدولي للكتاب منذ سنة 80 حتى الأن سوى 4 مرات فقط” .
وحين سألته عن سبب الأزمة أو الخلاف قال لي “روح لشعبان” فذهبت إليه على الفور فقرر شعبان الذي يأتي إلى السور يومياً منذ عشرين عاماَ أن يفتح لي صدره بشرط أن أنشر فقط واحد من اثنين إسمه أو إسم الدار فوافقت أنا أيضاَ على الفور ودون شروط فبدأ حديثه قائلاً ” القراءة لم تعد للجميع بل للطبقة العالية فقط فلابد من تواجد طبعة شعبية للناس المتواضعة مادياً”.
ثلاثة أرباع دور النشر تملك كتباً مزورة
ثم عقب على تصريحات الناشر سعيد عبده رئيس إتحاد الناشرين ” لن أنفي أن هناك قلة من الكتب المزورة تدخل المعرض مشيراً إلى أن ثلاثة أرباع دور النشر تملك أيضاً هذه الكتب , ولكن أين دور المصنفات فمن يضبط بهذه الكتب لا يدخل المعرض ثانية أما أن يتم الحكم على سور الأزبكية بالكامل فهذا لا يعقل , وأوضح أن بائعي السور بدأو بالفعل 40 فقط لكن مع التطور الزمني وصلوا في نهاية عام 2018م إلى 60 بائع , وأن إتحاد الناشرين هو من ضاف إلينا بائعي السيدة زينب وبائعي النبي دانيال في إسكندرية”.
إحتفال لا معرض موازي
وعلق على تصريحات الناشر سعيد عبده بخصوص أنهم ليسوا ناشرين ولا يحق لهم دخول المعرض دون إستثناء فابتسم ثم جاء إلي بإصداراته الخاصة فهو نفسه ناشر في إتحاد الناشرين. بعدها تساءل بائع آخر يدعى “عم محمود العسيلي” وقال: “ما هو تاريخ إتحاد الناشرين مقارنة بتاريخ سور الأزبكية؟ ألم يقرأوا كتاب نبيل راغب “سور الأزبكية” ؟
ثم تحدثت مع بائع أخر وهو أحمد نصير وهو المسئول عن صفحة سور الأزبكية على مواقع التواصل الإجتماعي وأوضح لي أن أخر مطالبهم كانت مساحة لا تتعدى ال 420 متر أي كل ما طلبوه هو فقط زيادة 120 متر بإعتبار أن إدارة المعرض خصصت لهم 33 جناح وهو ما يعادل 300 متر , مضيفاً أن أسعار الاشتراك لبائعي السور هى 1200 جنيه، فى حين أن سعر المتر للناشرين الأعضاء فى اتحاد الناشرين المصريين هو 930 جنيها وغير هذا غير عادل بالمرة , وأشار إلى أن جميع بائعي السور رغم كل ذلك يتمنون نجاح معرض القاهرة الدولي للكتاب”.
ثم سألته عن حقيقة المعرض الموازي فأوضح “أننا لن نقيم معرض موازي هو إحتفال وليس معرض ولن يقام بالتوازى مع المعرض سنبدأ قبله وننهي قبله حتى لا يحدث تعارض سنبدأ في 10\1 وننتهي في 5\2 , مشيراً إلى أن عادة السور سنوياً أن ينشط هكذا في إجازة نصف السنة”.
ورود السور أم جليد المعرض
وعلى الرغم من أن كلا الطرفين لا يتفقا كثيراً , لكن على الطرفين أن يشعرا بالأزمة التى تتزايد كل يوم , ويبدو أننا أمام عام مختلف في كل شئ لدرجة أن بعض الكتاب قرروا أن تقام حفلات توقيعهم في سور الأزبكية لا في معرض القاهرة الدولي الكتاب رغم الإحتفال باليوبيل الذهبي , منهم على سبيل المثال لا الحصر الكاتب والقاص الدكتور أحمد الخميسي الذي أعلن عن حفل توقيع لمجموعته القصصية “ورد الجليد” بين ورود باعة سور الأزبكية لا جليد معرض القاهرة للكتاب , فهاتفته على الفور لأعرف منه سر هذا الإعلان فصرح لي “أنا أشعر بتعاطف شديد مع باعة الكتب الفقراء , علاوة على أن السور كان الملاذ الوحيد لنا ككتاب لكي نحصل على كتاب بسعر 2 و5 جنيه , ويرى أن موضوع غياب سور الأزبكية يخص المثقفين كلهم فلماذا لم تحدث مشاورة أونقاش مع المثقفين؟ , ثم ان تبرير إدارة المعرض لغياب السور بالتحسينات غير مقبول , وأشار إلى أن هذه الأزمة تحرك نظرتنا نحو الثقافة ذاتها لنتساءل: هل هي خدمة أم سلعة؟ ثم كيف نحارب الإرهاب إذا لم نُملك الناس الوعي والكتاب؟! فأولى أدوات محاربة الإرهاب هو الوعي , فمن أين يأتي هذا الوعي إذا كانت إدارة المعرض تنظر للكتاب كسلعة وليس كخدمة للفقراء”.
ونتيجة لكل ما سبق ذكره لن نرى سور الأزبكية في معرض القاهرة الدولي هذا العام رغم إحتفالنا باليوبيل الذهبي ولن يجد الكثير من محدودي الدخل ضالتهم لكننا نأمل أن يجدوا ضالتهم هذه في بعض دور النشر الحكومية أولاً والخاصة ثانية.