أقلام حرّة

دموع “الصحافيين” ودموع “صاحبة الجلالة”

 

 

 

بقلم / أبوالمجد الجمال

 

القضية أكبر وأخطر بكثير من كونها قضية نقابية بحتة من الطراز الأول بقدر ماكونها قضية رأي عام وأمن قومي عندما تمس صناع الإبداع والكلمة والرأي “الصحافيين” أيقونة “القوي الناعمة” و”بوصلة الفكر والوعي والثقافة والإصلاح والتغيير” . . القضية جد خطيرة مزمنة ومستعصية حيث يعيش الصحافي بين نارين نار ضميره الإنساني وميثاق الشرف الصحافي وغياب الآليات والضمانات التي تعينه علي ذلك ونار التبعية لسياسة مؤسسته الصحافية التي يعمل بها فإما أن يكون حرا يسيطر عليه الضمير الإنساني ويدفع فاتورة ذلك الثمن غاليا ليعيش تحت خط الفقر وبركان الحرمان والضياع والتشرد والجوع والعطش كالقابض علي دينه كالقابض علي جمر النار وإما أن يجاري التيار ولايسبح ضده ويكون تابعا بلاهوية وبلاإنتماء تحت وطأة ضربات لقمة العيش المعجونة بالذل والمهانة فتضيع كرامة الصحافي وتضيع كرامة المهنة وهيبتها وسيادتها

 

. . وليس وحده الصحافي هو المسؤول عن ذلك ولايمكن أن نحمله المسؤولية كاملة بأي حال من الأحوال عن ماآلت إليه المهنة من أوضاع متردية ومأساوية للغاية ولكن غياب الدور الأول للنقابة وغياب تطبيق قوانينها وقوانين العمل الصحافي علي بعض الصحف الحزبية والمستقلة التي باتت الأبواب الخلفية للقيد في النقابة بطرق غير مشروعة يعرفها الجميع فاقم من حجم الكارثة لتخلف وراءها جيل مشرد من الصحافيين عبر نيران جحيم الفصل التعسفي بسبب ثورة الصحافي بعد حصوله علي العضوية علي مخالفات مؤسسته التي يعمل بها التي تجبره علي التوقيع علي “إستمارة 9” وسنينها ! قبل تعينه ولايحصل علي مرتبه مقابل بدل التدريب والتكنولوجيا وتجبره بالتوقيع علي حصوله علي كافة مستحقانه المالية بالمخالفة للواقع المرير وإذا رفص فالفصل التعسفي له بالمرصاد ومؤسسته تجيد اللعبة صح بلغة القانون ليجد الصحافي الذي يثور ويقول “لا” نفسه مفصولا تعسفيا ومشردا في الشارع هو وأسرته يعيش علي فتات البدل “بلامرتبات ولاتأمينات ولامعاشات” ولايحزنون في ظل تجاهل بعض مجالس النقابة السابقة لتلك الأزمة الكارثية ورغم أن النقابة تكون طرفا في عقد العمل إلا أنها لم تفعل شيئا وهذا مايعلمه جيدا ومسبقا بعض ملاك هذة الصحف سواء كانت حزبية أو مستقلة حيث يظنون أنهم فوق القانون وفوق النقابة ولما لا والنقابة تعجز عن محاسبتهم !

 

. . بل كارثة الكوارث وهي أن بعض مكاتب العمل لاتدافع عن حقوق الصحافيين المفصولين تعسفيا ببركة “إستمارة 9” الموقع عليها الصحافي مجبرا قبل تعينه ليحقق حلم عمره في الحصول علي عضوية النقابة وبعد حصوله عليها يفيق علي كارثة العمر كله ليجد نفسه “بلا مرتب بلا تأمينات بلا معاشات” وإذا فتح فمه يضعوه تحت مقصلة الفصل التعسفي ولما لا وهو مكبل بقيود وأغلال “إستمارة 9” الموقع عليها قبل تعينه وهو ليس تعين في حد ذاته بقدر ماهو أكبر عملية إغتصاب في تاريخ المهنة “شيدي حيلك يانقابة”

 

. . إذا نحن أمام قضية جيل بأكمله تخلت عنه نقابته وبعض الجهات المعنية فإذا لم ينهض الدور النقابي بمواجهة تلك الكارثة الخطيرة سيزداد الوضع من سئ لأسوأ وستضيع النقابة وستضيع المهنة وعليه العوض !

 

. . وأعتقد أن النقابة مليئة بالشكاوي التي تكشف المستور وتخترق الممنوع لكنها لم تفعل شيئا حتي الآن ولم تعدل القوانين من أجل حماية حقوق الصحافيين وحماية المهنة وقدسيتها وتركت بعض الصحافيين فريسة لسطوة ونفوذ مؤسساتهم الصحافية العاملون بها

 

. . ويبدو أن هناك خيار وفاقوس أو إزدواجية في التعامل مع أزمات بعض الصحافيين كل حسب شهرة صحيفته الواسعة الإنتشار فإذا كانت كذلك وحتي لو كانت الأزمة وليدة اليوم تحل فورا عبر التحرك السريع لمجلس النقابة أما إذا كانت الصحيفة مغمورة أو غير واسعة الإنتشار وليست من كبريات الصحف – ولامؤاخذه – وهذا ليس ذنب الصحافي الضحية فالتجاهل التام يكون من نصيبه ولعل قيام مجلس النقابة بكامل أعضائه في إحدي الدورات السابقة بعقد إجتماع مجلسه الموقر بالكامل داخل مقر جريدة الوفد لحل أزمة بعض الصحافيين هناك وبالفعل تم حلها فورا وهي أزمة كانت وليدة اليوم وقتها حتي اطلقوا علي المجلس وقتها “مجلس جريدة الوفد” إبان واقعة حريق الوفد الشهيرة وبعدها بفترة طويلة تكرر نفس السيناريو بكل حذافيره مع صحيفة أخري لكنها هذة المرة مستقلة وليست حزبية في ثاني أغرب واقعة من نوعها في تاريخ نقابة الصحافيين ببنما تجاهلوا أزمة مئات الصحافيين بصحف حزبية ومستقلة مر عليها سنوات طويلة ومازالت قائمة لهو أكبر مثال صارخ وفاضح علي ذلك

 

. . بيد أن القضية الأخطر والأهم التي تعد أم القضايا ويتم تجاهلها عمدا مع سبق الإصرار والترصد بل وتعد منبع كل الأزمات والكوارث المهنية والصحافية ألا وهي عدم وضع شرط “المبدع” كشرط رئيسي لإجتياز لجنة القيد والحصول علي العضوية بمعني أن يكون “الإبداع الصحافي” هو شرط القيد النقابي أي يمتلك الصحافي “موهبة الإبداع” كشرط للقيد النقابي أعتقد أن هذا الشرط سيكون ثورة مذهلة في الحد من القيد لكل من هب ودب وإغلاق الأبواب الخلفية لبعض الصحف الحزبية والمستقلة للقيد

 

. . ثم تأني نقطة أخيرة وفاصلة كفصل الخطاب وهي وضع قيود صارمة وجادة لمنع بعض الصحف إجبار الصحافيين علي دفع نسبة 1% إعلانات ودفع تأميناتهم والتوقيع علي “إستمارة 9” في أكبر عملية إغتصاب بإسم التعين لدخول لجنة القيد والقيد منهم براء ! . . وتلك هي أزمة أوقضية الصحافيين في مصر . . تري من يمسح دموع “الصحافيين” ودموع “صاحبة الجلالة” ؟!.

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق