أسرار وحكايات

داهية القصر : أحمدحسانين باشا «رئيس الديوان الملكي»

 

د .جمال المهندس

لم أكن أنتوي التحدث اليوم عن هذا الرجل الذي وصف في يوم من الأيام ب«داهية القصر»فقد كان المحرك الرئيسي ووراء كل الأحداث والقرارات وتشكيل الوزارات داخل القصر الملكي.
لكنني قررت الكتابة عنه اليوم بمناسبة ذكرى ميلادةوالتي ستحل بعد عدة أيام على الرغم من أنني قدتحدثت عنه كثيرآ في تقارير سابقه
فكل مرة أتحدث عن هذا الرجل أكتشف كواليس وأحداث جديدة عنه لم تنشر من قبل .
*****
«أحمدحسانين باشا»
وُلديوم ٣١ أكتوبرمن عام ١٨٨٩ لأب عالم أزهري. خريج جامعة أكسفورد البريطانية العريقة،وبعدتخرجه عمل مفتشآ بوزارة الداخلية، ثم سكرتيرآ لسفارة مصر في واشنطن بالولايات المتحدة الأمريكية. تزوج حسانين من «لطيفة هانم سري» إبنة الأميرة شويكار، طليقة الملك فؤاد وزوجته الأولى.
في فترة شبابه كان بطلا لمصر في لعبة السلاح «الشيش»ومثل مصر في العديد من البطولات الدولية.
لم يكن “حسنين” باشا بالنسبة للملك فاروق رئيسا للديوان فقط، إذ كان رائده ومربيه في طفولته، وسافر معه في رحلة تعليمه إلى إنجلترا والتي قطعها الملك الشاب ليعود إلى عرش مصر بعدوفاة والده الملك فؤاد الأول.
عُرف عنه دهاءه السياسي وقدرته على إدارة الأمور حسب رغبته، وقيل عنه إنه (الرجل الذي يقيم وزارة ويسقط أخرى) دون أن يبدي لك أنه يعرف شيئ عن ذلك.
«كواليس الحادث»
في يوم الثلاثاء الموافق ١٩ فبرايرمن عام ١٩٤٦:
كان حسنين باشا مدعوآ لتناول الغداء عند أسرة أحد أصدقائه في حي المطرية بالقاهرة. ولكن تراكم الأعمال في هذا اليوم أبقاه في مكتبه بقصر عابدين حتى الساعة الثالثة بعد الظهر، فشعر أنه قد تأخر كثيرآ عن الموعد فاعتذرلصديقه صاحب الدعوة بالتليفون.
وبعد أن إنتهى من عمله إستقل سيارته متجهآ لمنزله المتواجدبحي الدقي الراقي.
كانت الأجواء في هذا اليوم أجواء مطيرة وغير مستقرة وبينما كانت سيارته تجتاز كوبري قصر النيل بالقاهرة في طريقها إلى بيته أقبلت سيارة لوري «بريطانية» من الجهة المضادة. وأنزلقت عجلات السيارة البريطانية بفعل المطر ولفت اللوري نصف لفة على الكوبري وصدمت سيارة حسنين من الخلف صدمة شديدة.
سمع سائق سيارة حسانين باشا وهو يقول: «يا ساتريا ساتر يا رب». والتفت السائق خلفه فرأى الدم يسيل من فم حسنين باشا.
أوقف السائق السيارة ونزل على الفور يطلب المساعدة من المارة، فتصادف في هذا الوقت مرور سيارة وزير الزراعة «أحمد عبد الغفار باشا»، الذي كان صديق حسانين وزميله في جامعة إكسفورد والذي أسرع على الفور لنقل صديقه رئيس الديوان الملكي مستشفى «الأنجلو أمريكان» القريب من مكان الحادث، لكن الموت كان أسرع فلفظ أنفاسه الأخيرة وتم نقله. إلى منزله.
«رد فعل الملك فاروق»
في قصر عابدين، جاء الخبر إلى الملك فاروق، الذي كان في تلك اللحظة عند معرفته بالحادث :
( مرتديا بيجامة عليها روب دي شامبر وفي قدميه شبشب، فهرع الملك إلى منزل رائده ومربيه بالدقي دون أن يقوم بإرتداء ملابس الخروج.
وهناك في منزل حسانين وقف فاروق لحظة أمام جثمانه ، ثم قال: «مسكين يا حسنين» وسأل بعدها عن مفاتيح مكتبه. وتناولها ودخل غرفة المكتب وأغلق وراءه الباب بمفرده.
كان الملك في تلك اللحظة يبحث عن أي مذكرات أو أوراق مهمة يكون حسنين قد كتبها أو عن «عقد زواجه بأمه الملكة نازلي»، والتي عُرف عنها علاقتها الغرامية برئيس الديوان.
إستمر الملك بغرفة المكتب الخاص برئيس ديوانه قرابة النصف ساعة ثم خرج بعدها متوجهآ للقصر الملكي.
كانت الملكة نازلي والدة الملك حزينة على رحيل حسين ولفترة طويلة، حيث أقامت له عزاء في منزلها إستمر أسبوعآ كاملآ وأحضرت وقتها أشهر قراء القرآن الكريم للقراءة على روحه، وأخذت تبكي تحت صورته التي علقتها على الحائط، الأمر الذي زاد من غضب إبنها الملك فاروق .
«ضريح احمد حسانين»
يقع مدفن أحمد حسانين في شارع صلاح سالم بالقاهرة وصممه المهندس المعماري حسن فتحي عام ١٩٤٦بتفويض من القصر الملكي وكتكريم لهذا الرجل الذي كانت له بصمات واضحة في وقت من الأوقات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق