أقلام حرّة
حاتم زكريا تكتب: العلاقات المصرية الأمريكية

كان يوم الإثنين الماضي بمثابة نقطة تحول محورية مهمة فى العلاقات المصرية الأمريكية – شهد ذلك اليوم إتصالاً هاتفياً من الرئيس الأمريكي جو بايدن بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ، ولم يكن الاتصال هو الاول بين الرئيسين خلال الايام الأخيرة ، لكنه اتصال فتح مجالات شبه مغلقة بين الجانبين ، واتضح لكل منهما مدي أهمية العلاقة الإستراتيجية الجيدة بينهما فى إيجاد حلول لكثير من المشاكل الدولية والإقليمية ، ولعل ما تم من وقف لإطلاق النار بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي بوساطة مصرية ودعم أمريكي كامل كان نقطة الإلتقاء الجديدة فى العلاقة الإستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة ..
كما أن ما تناوله الإتصال الهاتفي بين الرئيسين لبعض الملفات ذات الإهتمام المشترك والتي ” قد يري البعض ” إنها مدعاة للحرج أو للقلق مثل ملف حقوق الإنسان هو أمر يهتم به الجانب المصري لتوضيح الحقائق حوله ، وتم التأكيد على الإلتزام بالإنخراط فى حوار شفاف بين مصر والولايات المتحدة فى هذا الصدد ..
وفى تعليقه على المكالمة الهاتفية التي تلقاها من الرئيس جو بايدن قال الرئيس عبد الفتاح السيسي : ” حديثي مع الرئيس الأمريكي اتسم بالتفاهم والصراحة والمصداقية .. ووجدت الرئيس جو بايدن متمتعاً برؤية ثاقبة وخبرة متميزة تتسم بالواقعية فى كافة الملفات بما فيها ملف العلاقات الثنائية وإنه قادر بحنكته وخبرته أن يصنع حلولاً جذرية لكافة المشاكل والتحديات التي تحيط بالعالم والمنطقة ” ..
وبدوره أكد الرئيس جو بايدن على قوة العلاقات المصرية الأمريكية وما تتسم به من طابع إستراتيجي مؤكداً إستمرار مصر فى بذل الجهود لتعزيز العلاقات الإستراتيجية بين البلدين ، وذلك فى إطار ثابت من المصالح المشتركة والإحترام المتبادل ..
ورغم إنه كان إتصالا هاتفياً فقد استعرض فيه الجانبان ملف سد النهضة ومستجدات القضية الفلسطينية والملف الليبي ..
فى ملف سد النهضة أكد الرئيس السيسي تمسك مصر بحقوقها المائية من خلال التوصل الى إتفاق قانوني منصف وملزم يضمن قواعد واضحة لعملية ملء وتشغيل السد .. وأوضح الرئيس بايدن تفهم واشنطن الكامل للأهمية القصوي لتلك القضية للشعب المصري مشيراً الى عزمه بذل الجهود من أجل ضمان الأمن المائي لمصر .. وقد تم التوافق بشأن تعزيز الجهود الدبلوماسية خلال الفترة المقبلة من أجل التوصل الى الإتفاقية المائية والتنموية لكافة الأطراف ..
وتناول الإتصال أيضا أخر مستجدات القضية الليبية ، وتم التوافق فى هذا السياق حول أهمية العمل على إستعادة توازن أركان الدولة الليبية وإستقرارها والحفاظ على مؤسساتها الوطنية وصولاً الى الإستحقاق الإنتخابي .
كما تم التباحث حول مستجدات القضية الفلسطينية وسبل إحياء عملية السلام فى أعقاب التطورات الأخيرة فضلا عن دعم تثبيت هدنة وقف إطلاق النار التي تم التوصل إليها بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي ، وكذلك الجهود الدولية الرامية لإعادة إعمار غزة وتقديم المساعدات الإنسانية الملحة لها .
وأوضح الرئيس الأمريكي عزم بلاده على العمل لإستعادة الهدوء وإعادة الأوضاع كما كانت عليه فى الأراضي الفلسطينية وكذلك تنسيق الجهود مع كافة الشركاء الدوليين من أجل دعم السلطة الفلسطينية ، وكذلك إعادة الإعمار معرباً عن تقدير واشنطن البالغ للجهود المصرية الناجحة للتوصل إلى وقف إطلاق النار الأخيرة ..
وكرد فعل للمحادثة الهاتفية بين الرئيسين المصري عبد الفتاح السيسي والأمريكي جو بايدن أكد السفير الأمريكي الى ليبيا ريتشارد نورلاند – وهو في نفس الوقت مبعوثاً للولايات المتحدة إليها – إن إدارة الرئيس جو بايدن ملتزمة بالمسار السياسي فى ليبيا وقال : ” سندعم الرغبة الليبية لإخراج المرتزقة الأجانب من البلاد ” .. وأضاف : ” نسعي لفتح سفارتنا فى طرابلس العام المقبل ” .
ومن ناحية أخري أكد المستشار عقيلة صالح رئيس مجلس النواب الليبي وريتشارد نورلاند السفير الأمريكي ومبعوثها الخاص لدي البلاد على إجراء الإنتخابات الرئاسية والبرلمانية بموعدها المحدد في 24 ديسمبر ( كانون الأول ) المقبل .. وناقش صالح ونورلاند فى اجتماع مفاجئ فى نهاية الأسبوع الماضي تطورات الأوضاع فى ليبيا والجهود المحلية والدولية لتنفيذ خريطة الطريق ودور مجلس النواب خلال هذه المرحلة ..
ونقل بيان لمجلس النواب عن نورلاند تأكيده على أن إعتماد القاعدة الدستورية للإنتخابات والميزانية العامة للدولة إختصاص أصيل لمجلس النواب ، مضيفاً فى تصريح مقتضب وزعته السفارة الأمريكية أن ما وصفه بإلتزام صالح” بالانتخابات المقبلة خلال اجتماعها الأول منذ أن أصبح مبعوثاً خاصاً قد شجعه ” وفيما يشبه الغزل الدبلوماسي ما قاله نورلاند ” إن قيادة صالح ستكون ضرورية لتوفير الأساس الدستوري والقانوني لهذه الإنتخابات ” .
وكان عماد السائح رئيس المفوضية العليا للانتخابات فى ليبيا قد أعتبر فى تصريحات تلفزيونية إن إجراء الإستحقاق الإنتخابي فى بلاده فى موعده المقرر نهاية العام الحالي متوقف على تهيئة مناخ قانوني والتوافق على القاعدة الدستورية قبل منتصف شهر يوليو ( تموز ) المقبل ..
وكشف السائح على هامش زيارته لمدينة بنغازي شرق البلاد إلى أن المفوضية أكملت ما يقارب من 90 في المائة من تجهيزاتها الفنية للإنتخابات المقبلة ، متوقعاً أن يصل عدد الليبيين من الذين يحق لهم الإنتخاب بنهاية العام الحالي الى 3 ملايين ناخب نافيا وجود تزوير بمنظومة الرقم الوطني ..
والوضع فى ليبيا يحتاج منا الى معالجة أخري سريعة خاصة فيما يتعلق بالقاعدة الدستورية للانتخابات وإستكمال مهمة اللجنة العسكرية ( 5 + 5 ) فى فتح الطريق الساحلي فى بإدرة مهمة نحو توحيد المؤسسة العسكرية ..