23 يوليو ثورة شعبأقلام حرّة

ثورة يوليو في السينما المصرية

 

بقلم ..سعيد كمال

هناك أفلام عديدة تناولت ثورة يوليو، سواء بالتأريخ لها- من منظور إيجابي غالباً- أو من خلال توجيه نقد مباشر أو مضمر وبطريقة فنية لسلبياتها. من أشهر هذه الافلام فيلم “رد قلبي” عن رواية ليوسف السباعي، و”ميرامار” و”ثرثرة فوق النيل” عن روايتين بنفس الاسم لنجيب محفوظ. وهناك أيضاَ فيلم “شيء من الخوف” عن رواية ثروت أباظة، الذي أثار نوعا من الجدل حينما ألمح البعض عند عرض الفيلم إلى أن شخصية “عتريس” التي أداها الفنان محمود مرسي، ترمز إلى جمال عبد الناصر، وأن قرية الدهاشنة التي كان يسيطر عليها ترمز لمصر كلها. وإذا ما تناولنا هذه الأفلام بالتدريج، حسب تاريخ عرضها، فسنجد أن اقدمها هو فيلم “رد قلبي” الذي عرض عام 1957، والذي يتناول الفوارق الطبقية الهائلة التي كانت سائدة قبل ثورة يوليو، من خلال قصة الحب التي ربطت بين علي (شكري سرحان)،ابن الريس عبد الواحد الجنايني ( حسين رياض)، وبين الأميرة إنجي( مريم فخر الدين) إبنة الأمير اسماعيل كمال (أحمد علام) وهي الفوارق التي جعلت هذا الأمير يرفض رفضاً باتاً تزويج أبنته لابن الجنايني، عندما تخيل أنه بات أهلاً للتقدم لها بعد أن أصبح ضابطا في الجيش، بل ويطرد أبيه شر طرده عندما فاتحه في هذا الموضوع. ولكن هذه الفوارق الطبقية الهائلة كان لا بد وأن تنهار بعد قيام الثورة، ليصبح هذا الزواج ممكناً. أما فيلم “ميرامار” الذي أنتج عام 1969 ، فتدور أحداثه حول محور رئيسي وهو الثورة الإشتراكية في مصر، من خلال عدد من الشخصيات، التي تجمعت في بنسيون “ميرامار” في الاسكندرية لأسباب مختلفة، وتمثل أنماطاً مختلفة من النسيج الإجتماعي، وتتبنى وجهات نظر مختلفة تجاه الثورة. ويركز الفيلم على انتهازية البعض من الذين إدعوا الإيمان بمبادئ ثورة يوليو والاشتراكية، ولكنهم خانوا هذه المبادئ في سلوكهم الشخصي، على الرغم من تشدقهم الدائم بها، وعملوا على تحقيق مصلحتهم الخاصة، والارتقاء الطبقي في المجتمع باتباع أساليب منحرفة وهو ما عبرت عنه شخصية “سرحان البحيري” التي جسدها الفنان يوسف شعبان.أما فيلم “ثرثرة فوق النيل” الذي عرض عام 1971 ، فقد انطوي على نقد عنيف، لبعض سلبيات المجتمع في المرحلة الناصرية، مما أثار غضب المشير عبد الحكيم عامر وبطانته ضد المؤلف نجيب محفوظ، عندما نشرت الرواية المأخوذ عنها الفيلم عام 1966 ولوحظ ما فيها من تركيز على موضوع الحشيش، وجلسات الحشاشين، ولم ينقذ محفوظ من بطش المشير، سوى تدخل عبد الناصر شخصياً، بعد أن قرأ القصة وأدرك أن محفوظ ينتقد الثورة من داخلها وليس من خارجها، وأن مثل هذا النقد ضروري لتصحيح المسار، الذي كان قد بدأ يشهد انحرافات عديدة.
هناك افلام أخرى تناولت الثورة بصور متعددة، ومن زواية مختلفة منها على سبيل المثال فيلم “الله معنا” الذي منع عرضه أيام الملكية لما احتوي عليه من انتقادات للنظام الملكي، وسمح بعرضه عام 1955. وهناك أيضا سلسة أفلام” اسماعيل يس في الجيش”، و”اسماعيل يس في الطيران”، واسماعيل يس في الأسطول.. وغيرها التي يقال إن عبد الناصر هو الذي اقترح فكرتها، بهدف إعطاء المصريين، وخصوصاً فئة الشباب فكرة عن الجيش وأسلحته لتحبيب الجندية إليهم، وهو ما نجحت تلك الأفلام في تحقيقه بشكل كبير، بفضل الشعبية الجارفة التي كان يتمتع بها بطلها اسماعيل يس في ذلك الوقت. وهناك أيضا فيلم “الأيدي الناعمة” الذي أنتج عام 1962 ، وهو فيلم رائع لا ينتبه كثيرون إلى حقيقة أنه يعد من ضمن الأفلام التي كانت ترسخ لمبدأ هام من مبادئ الثورة وهو مبدأ التغيير الاجتماعي، وكيف أن المجتمع المصري لم يعد يتسع للعاطلين بالوراثة من فئة الأمراء والارستقراطيين السابقين، وكيف أن هؤلاء يجب أن يتحولوا إلى مواطنين شرفاء يكسبون قوتهم من خلال عملهم، لا من خلال أصلهم ونسبهم، إذا ما أرادوا الحياة في المجتمع الجديد، وهي النقطة التي ابرزها الفيلم بذكاء من خلال تيمة العلاقة بين البرنس المتكبر شوكت حلمي (أحمد مظهر) والدكتور حمودة المثقف الذي ينحدر من أصول بسيطة والذي قام بدوره الفنان(صلاح ذو الفقار). ملف العلاقة بين السينما و ثورة يوليو ملف طويل، يحتاج إلى كتب كاملة حتى يمكن تغطيته، والإلمام بكافة جوانبه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق