أقلام حرّة

تضحيات حقيقية

بقلم / محمد صقر
القراء الكرام أخوة و أخوات
أجدد التحية و الترحاب
أسوق لكم هذه المرة في مقالتي المتواضعة لونا جديدا من ألوان الحياة و تضحية فريدة من نوعها يحكى أنه ذات يوم من الأيام تقابل رجل و امرأة يافعة جميلة فأعجب الرجل بها كثيرا و مع الوقت أحبها و تبادلت مشاعرهما ثم تزوجها و بعد مرور فترة على الزواج أصيبت هي ببوادر مرض جلدي شديد يكاد أن ينهي جمالها و هو ما قد كان بالفعل و لكنه حدث تدريجيا مع تأثره بعوامل لطف المولى في أقداره و ظلت الأيام تتوالى و يقل جمالها تدريجيا و في أثناء مرضها ذهب زوجها إلى رحلة عمل و مكث بها لبعض الوقت ثم عاد منها كفيفا لا يبصر إلا عتمة أو ظلاما أو تستطيعون القول أنه لا يرى تماما و ما منها إلا أن ارتضت بهذا الأمر هي الأخرى تمسكا بحبها له و لم تجزع بعد لإصابته بالعمى و إنما صبرت و لم تيأس و لو أنها يسئل الله لها الصبر على مأساتها و لكنها كانت تؤمن بهذا الرضا و لو كان ذلك سيكلفها الكثير و الكثير من الأعباء إلا أنها قد تقبلت ما فرضته الظروف و ما حكمت به أقدار الرحمن بصدر رحب و بنفس راضية و هو المحمود و حبذا و أما عنها هي فمع الأيام ظل جمالها يختفي تدريجيا حتى بهتت ملامحها و تشوه هذا الجمال تماما و كل هذا كما أوضحت لكم الكلمات و زوجها لا يلاحظ شيئا و استمر الحب قائما كما هو و يكأنهما في أول لقاء لهما حتى وافت الزوجة المنية على أثر سقوطها من مكان مرتفع أدى إلى أنها أصيبت إصابة بالغة في الرأس تسببت في وفاتها و تأثرا برحيل الأحباب كما هو مألوف قد تملك الحزن قلب زوجها لفترة ليست بقليلة و لكنها مضت أياما ثقالا عليه حتى أتاه ذات يوم أحد أصدقائه لينصحه بالزواج فهو لا يرى و قد كانت زوجته هي من تعينه على الحركة و على الحياة و هي قد قابلت ربها و هو الآن بات بحاجة ضرورية بل ماسة إلى زوجة أخرى كي تخفف عليه من أحمال فقده لبصره و لكنه بعدما وصلت المسألة بالصديقين إلى هنا لم يتردد الرجل أن يصارح صديقه بالحقيقة التى أخفاها طيلة حياة زوجته و التي كانت تعينه كما ذكرنا و قد كشف لصديقه الحقيقة كاملة خالية من أي إخفاءات جديدة و ألا و هي أنه كان طوال هذه الفترة يتظاهر بأنه أعمى و هو ليس كذلك و ذلك حرصا على مشاعر زوجته التي أحبها بصدق حتى لا يجرح قلبها أو يخدش مشاعرها و كي يحافظ على بقاء الحب و الود بينهما و ذكر له أيضا أنها كانت زوجة مخلصة صالحة و كانت بلا جدال تستحق ما فعله لأجله و كانت تستحق أن يتظاهر بالعمى كي يظل زواجهما زواجا سعيدا و كي لا تتأثر مشاعرها و كانت تستحق أكثر من ذلك أيضا و هكذا هي الحياة يا صديقي تمضي كما نرى على هذا الدرب فلا يوجد شخص منا كامل أو مثالي و إنما يوجد شخص يتنازل لأجلك و تتنازل لأجله حرصا على ما بينكما و حفاظا عليه و هكذا هو الإنسان إذا أحب بصدق أخلص و ضحى في سبيل ذلك و هو مرتاح الضمير و الشاهد من هنا علينا أن نتغاضى أو نتعامى تظاهرا و ليس حقيقة عن بعض الأمور و عن مزيد من الصغائر و عن الكثير و الكثير من المشاق و الصعوبات كي تستمر الحياة و في سبيل بقاء ما نريد و أتجه بكم نحو التلميح الذي يرفع عني حرج التصريح نحن إنه ليس من المطلوب هذه الأيام أن نجد أشخاصا نحبهم أو يحبوننا و ليس شرطا أن تتحرك عاطفتنا تجاههم قدر ما هو مطلوب أن نجد أشخاصا نشعر حين عشرتهم بقدر كاف من الرضا و السعادة و بالقليل من الألم و بناء عليه وددت لو أقول لكم أن الاهتمام عظيم جدا و يقلب الطاولة على الحب في كثير من الأحيان و إلى هنا فلقد أوشكت شمس القلم على الغروب على أمل و يقين بالله العلي القدير أن ألقاكم من جديد في سطور أخرى مع التحية …

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق