أقلام حرّةالمميزة

المشخصاتي والمغنواتي

 

 

 

بقلم: يحي سلامة

 

 

لك أن تتخيل عزيزي القارئ أنه في أوائل القرن الماضي كانت أسماء بحجم وقيمة يوسف بك وهبي وسليمان بك نجيب  وزكي رستم ونجيب الريحاني وغيرهم يطلق عليهم لقب (المشخصاتية) وأن موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب والموسيقار الكبير فريد الأطرش وكوكب الشرق أم كلثوم كان يطلق عليهم في البدايات لقب (المغنواتية) وكان المشخصاتي (الممثل) ممنوع من الشهادة أمام المحاكم في أي قضية لازدراء المجتمع لمهنته وأنها غير ذات قيمة ومجرد أداء حركات بهلوانية وجمل مضحكة للهو والتسلية .

وقد تحمل هذا الجيل الأول الكثير والكثير لفرض احترام وانتزاع حقوق (المشخصاتي والمغنواتي) الإجتماعية والقانونية وتغيير وجهة نظر المجتمع وأجهزته الرسمية إلي التمثيل والغناء حتي أصبح للممثل والمطرب قيمة إجتماعية يشار إليها بالبنان وطلبت ودهما العائلات الكبيرة بعدما كانت تتبرأ منهما وتنظر إليهما بإزدراء

والحقيقة التي لا جدال فيها ان هذا الجيل الأول تمتع بثقافة عالية مكنته من فرض نفسه علي المجتمع المعاصر له بينما الجانب الأهم هو احترام هذه الأسماء لأنفسهم ولفنهم ولجمهورهم لدرجة أن يوسف وهبي كان يعتبر موعد رفع الستار في المسرح موعدا مقدسا لا ينبغي تأخيره أو تقديمه تحت أي ظرف وكذلك كان الأمر عند الريحاني وبالطبع يعرف الجميع إلتزام عبد الوهاب وفريد الأطرش وأم كلثوم سواء بالمواعيد أو إرتداءهم للملابس الوقورة في حفلاتهم الغنائية والتي ساهمت وزادت من محبة وتقدير الجماهير لهم.

ولا أقصد بالحديث عن هذا الجيل إجترار الذكريات أو المقارنة بين الماضي والحاضر (فلا وجه للمقارنة أصلا بل من العبث التفكير في عقد هذه المقارنة من الأساس) ولكن سأتوجه بالسؤال إلي النقابات الفنية والتمثيلية والموسيقية وإلي شرطة المصنفات الفنية فكل هذه الأجهزة والمؤسسات قد حددت منذ زمن مواصفات بدلة الرقص الشرقي التي ترتديها الراقصة في حفلتها أو وصلتها داخل فندق ما أو ملهي ليلي ما وتقوم بالتفتيش والتأكد من إلتزام الراقصة بهذه المواصفات وفي حالة عدم الإلتزام يتم معاقبة الراقصة بالغرامة أو الإيقاف.

وأقول إذا كانت هناك لوائح وتعليمات يلتزم بها الملهي الليلي أو الفندق في جودة مايقدمه من أطعمة ومشروبات ورقصات أليس من الأولي أن تكون هناك قواعد ولوائح تنظم وبنفس الطريقة ظهور المغني أو المغنية علي المسرح وهما يؤديان وصلاتهما الغنائية إحتراما للذوق العام وقواعد اللياقة العامة وإحتراما للجمهور ذاته.

فالظهور أمام الناس وأمام الجمهور (سواء جمهور كثير أو قليل العدد) يجب أن يكون ظهورا محسوبا وفق قواعد منظمة وأنه لا مجال للحرية في إختيار الملابس طالما إرتبط الظهور بوجود جماهير وفي حفلة تم الترخيص والسماح بإقامتها.

ورغم إعتذاري وأسفي (علي هذه المقارنة) فإطلاق الحرية للمغني أو للمغنية في إرتداء مايشاءون من ملابس ينسحب دستوريا وقانونيا وإنسانيا علي القضاة وأسانذة الجامعات وخطباء الجمعة في المساجد فلهم الحق هم أيضا في إختيار ملابسهم التي يظهرون بها أمام جماهيرهم (المحدودة أو الكبيرة) .

واقول في الأخير أن المجتمع (الرسمي والشعبي) والذي أطلق علي يوسف وهبي وأمثاله لقب المشخصاتية وأطلق علي محمد عبد الوهاب وأم كلثوم لقب (المغنواتية) عاد نفس المجتمع (الرسمي والشعبي)ليطلق علي مروج البلطجة والشذوذ الأخلاقي نمبر وان والأسطورة في التمثيل ويسمح بوجود هذه النماذج (الشاذة) أن تعتلي خشبة المسرح وهي بهذه الملابس فهذه جريمة والجريمة الأكبر هي أن يطلق علي هؤلاء (ممثلين ومطربين)

وبالفعل صدق الإمام الشافعي في قوله

نعيب زماننا والعيب فينا

ومالزماننا عيب سوانا .

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق