أقلام حرّة

الكريب وفتة الشاورما والبرجر في الريف

 

أسماء مأكولات عديدة أصبحت ضمن قائمة طعام المصريين، ليس في المدن فحسب وإنما أيضاً في الريف وهذا مثير للتعجب ويستدعي أن نسأل لماذا إنتشرت المطاعم ومحلات الأكل الجاهز والسريع في قري مصر تحت مسميات من قبيل “كريب الباشا” و”بيتزا السعادة” وشاورما أولاد البلد” بما لا يتماشي مع طبيعة أهل الريف الذواقة والذين يعملون ويبذلون من المجهود الجسماني كثيراً وعندهم من الوقت ما يكفي كي تعد ربة المنزل الوجبات المنزلية المفيدة لصحة الأبناء قبل الكبار. لكن أغلب الظن أن الأبناء هم هم من يقبلون علي شراء الوجبات الجاهزة والتي لا تسمن ولا تغني من جوع، بل إن أضرارها كثيرة كما بينت الأبحاث من حيث إحتواءها علي دهون كثيرة وغيرها من المحتويات التي تزيد علي الإصابة بأمراض القلب والسمنة وحتي السرطان.

“فتة الشاورما” لا أظن أنها تعادل فتة الكوارع أو فتة لحم الضأن في الطعم أوالقيمة الغذائية والتي تُشم رائحة صلحتها بالطماطم والثوم من مسافة بعيدة وتجذب النفوس لتناولها بسبب الطريقة التي تعد بها، هذا فضلاً عن عن باقي أصناف المأكولات والتي يشتهر بها ريف وقري مصر من محاشي وغيرها، بعضها للأسف بدأت تختفي من قائمة وجبات أهل الريف الكرام من قبيل الكشك والبصارة، وهي مأكولات كما يقولون بالبلدي تمنح المذاق اللذيذ والشبع والطاقة الكبيرة بما تحتويه من خيرات الريف الطبيعية.

فهل البيتزا مثلاً بنفس طعم ومذاق الفطير المشلتت بالزبدة الفلاحي؟ والذي له نكهة وطعم لا يعادله أي من أنواع المعجنات ذات المسميات المتنوعة والتي فيها ما فيها من زيوت ودهون وأنواع من الجبنة ومواد حافظة وغيرها ما يجعل الذي يتناولها لا يشعر بمذاق خاص أو فريد، وإنما هي خليط من مواد سهلة المضغ والبلع تجعل الأولاد يتناولونها دون إحساس بالشبع ومن ثم يتناولون كميات كبيرة تؤدي لمخاطر أمراض السمنة وتصلب الشرايين والسكر والضغط المرتفع.

الإقبال علي الأطعمة السريعة والجاهزة يعتبرها البعض إحدي سمات طبقات المجتمع المخملية لذا يسعي البعض من أبناء الطبقات المتوسطة والفقيرة أن يمشي علي يحذو حذوهم محاولين التشبه بالأغنياء فيما يأكلون أو يلبسون وغيرها من مظاهر لا تتماشي مع حقيقة الحالة المادية لتلك الطبقات الفقثيرة. تغيير نمط الحياة الأصلي عن طريق نقليد الغير كثيراً ما توقعهم في أزمات، والاكثر مدعاة للأسي أن تجد البعض يستعرضون ويتفاخرون بأنهم طلبوا وجبات جاهزة من المطعم الفلاني والشهير، بما يستفز الآخرين الغير قادرين، بما يجعل بعض الأبناء يلحون علي أولياء أمورهم كي يلبوا رغبتهم في شراء الوجبات الجاهزة في ظل إمكاناتهم المادية المحدودة، وحتي لا يشعرون بالتقصير فإن البعض قد يضطروا للأسف لتلبية رغبات أبنائهم حتي ولو علي حساب أساسيات الحياة عندهم.

منذ عدة عقود كانت الأسرة المصرية في الريف وحتي المدن إختيار وجبات الطعام اليومي وخاصة الوجبة الأساسية من حق الكبارفي الأسرة الزوج والزوجة، وعلي الأبناء تناول ما يوجد علي المائدة في رضا وقناعة وشكر للآباء، لكن ما يحدث في أيامنا تلك من أمور عجاب، حيث تكون الأم في حيرة من أمرها لتنوع رغبات أبنائها في الأكل، وكثيراً ما تبذل من المجهود الكثير كي تلبي طلباتهم، وتكون النتيجة تعب وعناء للأم وكثيراً ما يصاحب ذلك فائض من أنواع الاكل تلك يلقون به في كفضلات. ناهيك عن إلحاح أبناء الأجيال الحالية علي أولياء أمورهم في شراء وجبات سريعة وديلفري، مما يرهق كاهل أولياء الأمور مادياً والأكثر من ذلك أن تلك الوجبات لا تعود بفائدة علي صحة الأبناء.

دكتور رضا محمد طه

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق