أقلام حرّة

القرود مصدر للفيروسات الخطيرة

هناك الآلاف من الفيروسات الجديدة والفريدة المتنشرة بين الحيوانات في جميع أنحاء العالم، وإن كان معظمها لا يسبب أي أعراض مرضية، لكن من المؤكد أن المزيد من الفيروسات ستنتقل للبشر مسببة الامراض. خلال العقود الأخيرة قفزت أعداد متزايدة من الفيروسات وإنتقلت من الحيوانات المستودع إلي البشر، وترتب علي ذلك ضعف في أجهزة المناعة الخام والتي لم تواجه من قبل مثل تلك السلالات من الفيروسات، مثل فيروس متلازمة الشرق الأوسط التنفسية ميرس MERS والذي أحدث وباءاً في 2012 وكذلك فيروس سارس كورونا SARS-CoV في 2003، وأخيراً الفيروس المسبب ل كوفيد-19 في 2020. الفيروس الجديد يتشابه مع فيروس الإيدز ومن خلال وجوده في القرود، وبعد حدوث بعض الطفرات أصبح قادراً من الوصول للخلايا الشرية، والتكاثر فيها وكذلك إكتسب مهارة الهروب من بعض آليات المناعة الضرورية لحماية البشر من المرضات وهذا ما يعد حالة نادرة جداً.
في مقارنة لأوجه الشبه بين فيروس جديد ينتقل من القرود للإنسان مع فيروس نقص المناعة البشرية، إستطاع باحثون من جامعة كولورادو بولدر من نشر ورقة بحيثة في مجلة الخلية Cell علي الإنترنت في 30 سبتمبر الفائت. في هذه الدراسة تم عزل فيروس ضمن عائلة غامضة من الفيروسات والتي تتوطن في الرئيسيات البرية الموجودة في إفريقيا، تلك الفيروسات تتسبب في أعراض لبعض القرود قاتلة شبيهة بالإيبولا ويؤكد الباحثون جاهزية تلك الفيروسات للإنتقال للبشر. تعتبر هذه الفيروسات الشريانية تهديداً خطيراً لقرود المكاك، وبالرغم من أنه لم يتم الإبلاغ عن حالات إصابة لدي البشر، لكن الخوف يكمن عند قفزها من القرود وإنتقالها للبشر، بما يفيد بضروة توخي الحذر وإتخاذ الإجراءات الإحترازية وزيادة الوعي بالفيروسات لمنع عملية الإنتقال تجنباً لجائحة فيروسية جديدة كما يمكننا المضي قدماً في مزيد من الأبحاث المتعلقة بالفيروسات الجديدة التي تصيب البشرية منذ أن تبدأ في الظهور والتعامل السريع معها.
وكانت دراسة سابقة قد ركزت علي الفيروسات الشريانية الشائعة بين الخنازير والخيول ولكنها لم تدرس جيداً بين الرئيسيات غير البشرية، ولقد نظروا علي وجه التحديد في فيروس حمي القرود النزفية SHFV والذي يسبب مرضاً مميتاً يشبه مرض فيروس الإيبولا وقد تفشي outbreak قاتل في مستعمرات قرود المكاك الأسيرة والتي يعود تاريخها إلي الستينيات. أوضحت النتائج وجود مستقبل لهذا الفيروس في القرود يسمي CD163 والذي يلعب دوراً رئيسياً في بيولوجيا الفيروسات الشريانية الخاصة بالقرود، ومن خلال هذا المستقبل يمكن للفيروس غزو الخلايا المستهدفة وإحداث عدوي بها.
بعد سلسلة من التجارب المعملية إكتشف الباحثون أن هذا الفيروس إكتسب صفات جديدة ومن ثم تمكنه من الإرتباط بالنسخة البشرية من مستقبل CD163 وعقب ذلك الدخول إلي الخلايا البشرية والتضاعف فيها وتكوين نسخ منه جديدة، بما يعطي دلالة علي خطورته علي الإنسان إذا ما قفز وإنتقل إليه من خلال تفاعل بعض أنواع القردة من البشر خاصة أنها كثيراً ما تعض أو تحدث خدوش فيهم. ويبدو أن هذه الفيروسات الشريانية التي تصيب القرود تهاجم الخلايا المناعية وتؤدي إلي تحطيم المناعة، كما انها من الفيروسات المزمنة والتي تبيقي بالجسم مدة طويلة مثل فيروس نقص المناعة المكتسب المسبب لمرض الإيدز HIV وسلائفه من فيروس نقص المناعة لدي القرود SIV، حيث يوجه تشابه كبير بين الفيروس الشرياني هذا وفيروسات القردة التي أدت إلي إنتشار جائحة فيروس نققص المناعة البشرية.
دكتور رضا محمد طه

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق