أقلام حرّة
الغرب والكذب المستف

كتب :دكتور رضا محمد طه
المثل الشعبي المعروف “كدب مستف ولا صدق منعكش”، الشخص الكاذب، والذي قد يلجأ للكذب بطريقة منمقة وكلام مرتب يخدع المتلقي وينطلي عليه ما يقول من براعة هذا الكداب في طريقة الإلقاء وثباته الإنفعالي وثقته الزائدة في نفسه مقارنة بما قد يقوله آخرون يتحدثون بالصدق والحقيقة لكن كلامهم غير مرتب وغير مستف بل مهلهل وقد تظهر عليهم الهشاشة والارتباك ومن ثم يلقي هذا الوضع بظلاله علي الثقة ويدعم الشك فيما يتحدثون به.
حول الخبر المثير للدهشة والإستغراب بل التريقة من الكثير علي صفحات التواصل والذي أعلنته وكالة ناسا في فضائيات ومواقع وصحف عالمية صباح الثلاثاء 27 سبتمبر الحالي، كتب صديقي علي صفحته فيس بوك بوست تحت عنوان “علي طريقة أفلام هوليوود” وكالة ناسا الفضائية منذ قليل (الساعة الثانية إلا ربعاً ليلة الإثنين، صباح الثلاثاء أعلنت نجاحها في إعتراض سفينة فضاء تابعة لها كويكباً كان متجها نحو الأرض، بهدف حرف مساره بعيداً عن كوكبنا، وذلك في مهمة تجريبية لمواجهة الأخطار التي ستأتينا من الفضاء الخارجي معلنة أن هذه المناورات الفضائية تقع ضمن سيناريو حروب نهاية العالم، أو كما أسمتها (حروب أرمجدون).
قابل الكثير حول العالم خبر إعتراض ناسا للكويكب بالشكوك بأكثر من التصديق، بالرغم مما حققته وتحققه ناسا من إنجازات وكالة ناسا الامريكية والتي هي ليست في حاجة لتأكيد وقوفها علي قمة البحث والتطور وكفاءة علمائها وكذلك ما تنفقه من أموال في مجال الفضاء علي مستوي العالم، لكن لماذا شكك البعض في هذا إنجاز وكالة ناسا الجديد؟، وهل يُصنف هذا الإنجاز ضمن الكذب المستف؟، وذلك لزوم الجلوس والبقاء في القمة؟، فضلاً عن إيهام العالم بسعي وكالة ناسا وحرصها علي سلامة العالم والكرة الأرضية مما يحاك لها من أخطار خارجية قد تأتي من عوالم أخري حية ولا نعرفها وتسعي لتدمير الحياة علي الأرض بل تفجير الأرض وزوالها من الفضاء الكوني، وعليه يجب أن يدين العالم والبشرية أجمع وكذلك المخلوقات الحية الأخري بالفضل لوكالة ناسا في أنها جنبتهم كارثة كونية كان يمكن أن تأتي علي الأخضر واليابس في هذا العالم الأرضي.
الكذب المستف في السياسة يعتبر شطارة وبراعة لمن يفعله، وعرف عن بعض مشاهير السياسة براعتهم في هذا النهج، وكان رئيس أمريكا السابق دونالد ترامب يجيد الكذب المستف حتي من قبل وصوله للبيت الأبيض، موقف يدل علي ذلك أنه خلال 2011 تبني ترامب حملة بالصحف الأمريكية مشككاً في شرعية شهادة ميلاد الرئيس أوباما، وكتب علي تويتر ما يفيد بأن أوباما ليس إلا دجالاً ولد في كينيا بإسم “باري سويتو” وتحدي ترامب أن يُظهر أوباما إستمارة جواز سفره. ومع إستمرار ترامب في كذبه المستف والذي إنطلي علي وصدقه الكثير تضاعف عدد مؤيديه من الناخبين الجمهوريين المحتملين وأكثرهم بالطبع يمينيون عنصريون ولديهم ميل وهوي لتصديق ذلك، ولكن بعد فترة طويلة من الكشف عن شهادة ميلاد أوباما وصل ترامب لكرسي الرئاسة وحتي يغلق موضوع ملف شهادة الميلاد تلك، إدعي أن هيلاري كلينتون هي من بدأ الأمر.
الصدق في القول من مكارم الأخلاق الذي يدعونا الرسول صلي الله عليه وسلم لإتباعه وذلك في حديث عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ، فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ، وإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ، ومَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ ويَتَحَرَّى الصِّدْقَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقًا، وإِيَّاكُمْ والْكَذِبَ، فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ، وإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، ومَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ ويَتَحَرَّى الْكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.