من القلب للقلب
الطلاق العاطفي

تقدمه: د.أماني موسى
إلى المحرر..إليك مشكلتي
متزوجة من 7 سنين وعندى طفلين
زوجي يتوتر وينزعج من أقل كلمة بينا
وبيشعر بالعجز والنقص ناحيتي و حياتنا بقت كئيبة مملة
حياتنا كانت أشبه بالمستحيل.. حصلت مشاكل كتيرة بينا بسبب إهماله ليا وإننا مش بنتقابل إلا فى وقت تناول الطعام فقط.. انعدمت الثقة بيننا بشكل كبير جدا .. وضاع الاحترام
بقيت أحس إني مش عاوزة أتكلم معاه كأنه شخص غريب عني وبقيت بحس بعدم الراحة معاه ومفيش أي حديث مشترك بيني وبينه.
صعب عليا إني أعيش مع إنسان فى بيت واحد وتحت سقف واحد ومفيش بينا أي مشاعر ولا عواطف وبرود تام فى تعاملاته معايا
دايما صامت مفيش حوار ولا نقاش وبيخرج كتير مع أصحابه وأنا مهملة في كل شيءٍ
وبنمثل السعادة قدام الناس والعيلة لكن فى الحقيقة وصلنا مع بعض لطريق مسدود
أنا بحبه جدا واتجوزنا عن حب بس مش قادرة أتحمل الوضع ده أكتر من كده وولادى بدأوا يتأثروا بالوضع السيء اللي وصلنا له ومستواهم الدراسي قل وحالتهم النفسية سيئة جدا
هم أجمل حاجة فى حياتي وهو ولا على باله ولا بيفكر فينا معتقد إن الحياة إنه يجيب لنا فلوس وبس شغله وصحابه أهم حاجة فى حياته …
أنا تعبت أوي وبفكر فى الطلاق ومن ناحية تانية بفكر فى مصير الأولاد.
عزيزى القارئ ،عزيزتى الزوجة والام الجميلة
قبل البداية فى الحديث
مشاكل كتيرة على الخاص ومختلفة لكن للأسف بعد تحليلها والوقوف على سبب المشكلة أتضح إن السبب واحد وهو الجفاف العاطفي وتجرد الحياة الزوجية من المودة والرحمة .
لنبدأ فى تحليل المشكلة أولآ قبل عرض الحلول :
الزواج هو السكينة والمودة والرحمة، و”عش الزوجية” .
وفى القرآن الكريم أطلق الله -سبحانه وتعالى- لفظ الزّوجة على الحالات التي تكون فيها المرأة على توافق مع زوجها من ناحية الدين والعقيدة، أو من ناحية التوافق النفسي، بينما جاء لفظ المرأة في القرآن الكريم ليدل على جنس المرأة والأنثى عمومًا، وكذلك أطلق هذا اللفظ على الزوجة التي انقطعت صلتها بزوجها؛ من ناحية العقيدة أو التّوافق النفسي
قال تعالى :
(وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً)
الزواج هو السكن والراحة وأن يكون الزوج والزوجة كلاهما رفيقا طريق واحد كل شخص فيهم يكمل الآخر وإن اختفت كل هذه المعاني أو حدث بها خلل فإن خللا مؤكدا سوف يحدث في العلاقة الزوجية و قد تصل الأمور إلى الطلاق والذي عادة ما تكون مؤشراته واضحة من خلال “انفصال عاطفي” يسبق عملية الطلاق سببه غياب التفاهم والاحترام والمودة والرحمة كما أمرنا بهم الدين الإسلامي .
فى هذه المشكلة نجد أن الزوجان عبارة عن جسدان يتحركان بجفاف مجردان من العاطفة التى بردت وخمدت عاطفة الحب والحنين
أجساد تتظاهر بالقوة وهى تتآكل من الباطن يوما بعد يوم ويعيشوا حياة بلا مشاعر وأرواح منهكة مفتقدة للدفء والأمان والحنان.
واقع مر ومؤلم يدمى له القلب واقع مأسوي يدفع ثمنه جميع أفراد الأسرة
خصوصا الزوجة التى تحتاج أكثر للعاطفة والمودة والاهتمام من جهة ومن جهة أخرى لأن الزوج بإمكانه أن يعوض مايفتقده فى حياة زوجية أخرى مما يتسبب فى تولد مشاعر الإحباط والحزن والفراغ العاطفي لدى الزوجة ويتسبب لها فى الاكتتاب والقلق والاضطرابات النفسية والجسدية .
وأصعب شيء أن يعيش الزوجان في منزل واحد وتحت سقف واحد ولا تربطهما سوى تلك الأوراق الرسمية بينما هم في الحقيقة بعدين كل البعد عن بعضهما تماما لا توجد روابط روحية بينهما وينغمس كلا منهم فى العمل لمواجهة ضغوط الحياة المادية وسد احتياجات البيت كل هذا يتسبب فى اتساع الفجوة بينهما تدريجيا وانعدام العلاقة الحميمية أو تحولها لمجرد روتين أو واجب مفروض علي الزوج بالإضافة لانعدام الثقة بسبب ممارسة الكذب أو الخيانة كل هذا ما يسمى بالطلاق الروحي أو الطلاق العاطفي بين الزوجين.
وهذا هو سبب هذه المشكلة وما شابهها من مشكلات أخرى فى مجتمعنا
وللأسف تكون حياتهم ظاهرا حياة وأما باطنها فالجحيم
ومن مظاهر الطلاق الروحي أو العاطفي عدم ارتياح الزوج في البقاء في المنزل كما ذكرت الزوجة فى عرض مشكلتها
وأيضا كثرة صمت الزوج وعدم تبادلهما أطراف الحديث وعدم إحساس الزوجين بالميول للآخر وضعف العلاقة الجنسية بينهما..
وأيضا :خلو الحياة الزوجية من التجديد، الانزعاج والتأفف من أي مشكلة أو نقاش يتم بينهما إذا كان يوجد نقاش من الأساس وذلك يسبب جفاف وفتور فى العلاقة الزوجية ..
والآن سألقى الضوء على
عدة عوامل والتى تؤدي للطلاق الروحي :
التباعد بين الزوجين بالروح والجسد والفكر و الضغوط المادية وغلاء المعيشة مع الطلبات المتكررة
وأنانية أحد الزوجين فينظر الرجل أو المرأة لمتطلباته الشخصية فقط دون الإحساس بالطرف الآخر. وتفضيل الرجل أهله أو أصدقائه على زوجته أو التقليل من شأنها بالقول أو الفعل أمام الناس أو أمام الأولاد.
بخل الرجل على أهل بيته بالمال أو بالمشاعر والعواطف أو حتى بالوقت أن يجلس مع زوجته وتبادل أطراف الحديث ومداعبة زوجته وهذه العوامل أو الأسباب تؤدي إلى شيء يسمى الصمت أو الخرس العاطفي والوضع يصبح صعب و معقد كثيراً.
ومشكلة الطلاق الروحي بين الزوجين تشكل أكبر ضرر من الناحية النفسية والآثار الاجتماعية على الأطفال
لأن الأطفال هم الأكثر عرضه للاضطرابات النفسية بمعنى أن يقع الطفل في حالة مساءلة: لماذا أبي لا يتكلم مع أمي، أو العكس؟!ونجد أن معظم الآباء يستخدمون الطفل مرسال بينهم. ومن هنا تنشأ المشاكل النفسية حيث يقع الطفل في حالة من الاضطرابات النفسية والقلق والعزلة والاكتئاب كما أنه يصبح غير متفاعل وغير متكيف مع باقي الأطفال.. الطفل هنا يقع في حاله حيرة، أنا مع أمي أم مع أبي لماذا يحدث هذا في أسرتي…؟!! ما ذنبي ؟!
هذه الحيرة ممكن أن تجعل الطفل فريسة لكثير من الأمراض النفسية الصعبة ويقع بالاكتئاب ويدخل الطفل في هذه المرحلة أيضا في مرحلة الصمت اللاإرادي، وينتكس بسبب هذا الوضع ولذا فإن أغلب الأبناء فى حالة الطلاق العاطفي يعانون من الاكتئاب وعدم القدرة على مواجهة الحياة واكتساب صورة سلبية ومشوهة عن الزواج فالأبناء هم الخاسر الوحيد إذ تتمزق طفولتهم وينعكس ذلك على مرحلة المراهقة فى ثورة انحراف بحثا عن الأمان والحب الذى يفتقدونه فى أسرتهم
وبالتالي يتوجب علينا أن نوقف هذا الطلاق الروحي .
…….
اسمعى نصيحتي عزيزتي الزوجة والأم..
لابد من فتح الحوارات والمناقشات الهادئة الهادفة و التي تساعد على خلق جو عاطفي يغذي الحياة الزوجية ويشبعها
ويجب عليكما أن تتبادلا المشاعر بالكلمات العاطفية وألا تجعلي ضغوطات الحياة تؤثر على مشاعركما
وأتمنى أن يكون دورك هو خلق جو التجديد لكسر جدار الرتابة والروتين العاطفي.
ولكي تتجاوزي المشاكل وتعيدي الحياة إلى العلاقة العاطفية والجنسية، يجب عدم تأجيل المشاكل وتركها تتراكم وزيادة الصراحة والوضوح وطرح المشكلة للنقاش مع انتقاء الألفاظ التي لا تثير غضب واستياء زوجك لئلا يتحول الأمر إلى حقد وكراهية . حاولى خلق لغة حوار وتفاهم بذكاء منك والحرص على الوصول لحل يرضي كافة الأطراف والبعد عن الصراخ والضجيج والمشاجرات وكوني زوجة ذكية جميلة هادئة الطباع وأعرفي أنك أكثر إنسانة تعرف نقاط ضعف زوجك وهذا يساعدك على التقرب والتودد إليه فالرجل لايحتاج سوى الحب والحنان والاهتمام والجو الأسري الهادىء والزوجة التى تتغاضى وتترك له مساحة للحركة والتفكير فى الحياة
فذكاء المسافة بين الأزواج.. حياة تتجدد وخلافات تتضاءل
اعلمى أن الحب هو ذكاء المسافة ، ألّا تقتربى كثيراً فتُلغي اللهفة، ولا تبتعدي طويلا فيهجرك وهذا يرجع لفن التعامل مع زوجك وثقافتك الزوجية
واعلمى أن الإجازة الزوجية أمر مهم تتجدد من خلالها العلاقة والحياة الزوجية ويتجدد الحب واللهفة والاشتياق ..
ابدأي بنفسك فى التغير والتألق ومعرفة احتياجات الزوج من الحب المعتدل والراحة والتفاهم فالرجل يختلف عن المرأة فهي بطبيعتها مرهفة الحس وعاطفية أما الرجل فهو عقلاني أكثر …
تعرفى على مفاتيح شخصية زوجك وافهميه جيدا وغيري أسلوبك فى النقاش والتعامل معه فى النهاية لو صعب عليكي الأمر لا مانع من
الاستعانة بأقرب الأصدقاء والأقارب للأسرة للتدخل وحل المشكلة .
ونصيحة لكل من هو مقبل على الزواج
يتوجب من البداية على أن يتعود الزوجان منذ بداية الزواج وحبذا لو كان الاتفاق على هذا منذ الخطوبة على المكاشفة والمصارحة حال وجود أي مشكلة، والاعتراف بالمشكلة والمكاشفة والمصارحة مباشرة وعدم جعل المشاكل تتراكم فنصل إلى مرحلة لا يمكن حلها.
واللجوء للمختصين لطلب النصح والمشورة في حال وجود أي مشكلة لم يستطيعا حلها.
استعيني بالله بالدعاء والصبر والصلاة عسى أن يصلح الله حالكم من أجلك ومن أجل أولادك قبل اتخاذ أى قرار بالطلاق . تمهلي وفكري فى كيان أسرتك قدر المستطاع ولا تنصتي لنزعات الشيطان ،أصلح الله حالكم وأراح بالكم وكتب لكم من السعادة أجملها .
ونختتم القول” جعل الله سبحانه وتعالى من الزواج المودة والرحمة والسكينة والطمأنينة فإذا غابت هذه الراحة ووقع الأذى حدث الخلل وزادت الفجوات فى الأسرة ولم يبقى أمام الزوجين إلا أبغض الحلال”.