المميزةصحتك تهمنا
الشتاء يجلب القلق ،والاضطراب العاطفي

تقديم /دكتور رضا محمد طه
الميول الموسمية لدي سكان الكرة الأرضية تعتبر واحدة إلا أنه من الصعب جدا محاولة فهم السبب في وجودها. وارتبطت بعض تاثيرات الشتاء بالمعايير والممارسات الثقافية في حين يربطها البعض الآخر بإستجابة الجسم البيولوجية الفطرية ولظروف الارصاد الجوية والبيئية المتغيرة. تلك المتغيرات سواء الطبيعية والثقافية التي تتزامن مع فصل الشتاء تجعل من الصعب تفكيك الأسباب الكامنة وراء هذه التقلبات المزاجية الموسنية عند البشر .
ولما كنا نحن البشر مخلوقات موسمية مثل العديد من الحيوانات، حيث يأكل الناس اكثر في الشتاء ويتحركون اقل ويتزاوجون أكثر ومن ثم يشعرون بمزيد من الكآبة بينما يكونون لطفاء مع الآخرين فضلا عن بعض التغييرات العميقة التي تحدث في طريقة تفكير الناس وشعورهم وتصرفاتهم شتاءا. هذه الانواع من التأثيرات الموسمية يبحثها علماء النفس وما قد يتم كشف النقاب عنه قد يكون ليس سوي قمة جبل الجليد.
قد يشعر الكثير من الناس بالاحباط في أشهر الشتاء في ظل قصر الايام بدليل ما كشفت عنه الجمعية الأمريكية للطب النفسي بأن 50% من الامريكيين يعانون من شكل من أشكال الإكتئاب المعروف بأسم “الاضطراب العاطفي الموسمي وهو اضطراب الإكتئاب الشديد او اس ايه دي SAD” في هذه الحالة يشعر الناس بالخمول واليأس وتراجع الحماس او الدافع للمشاركة في الأنشطة التي كانوا يستمتعون بها بشكل عام وكذلك زيادة في أعراض القلق الاجتماعي والاكتئاب.
يربط العلماء هذا النوع من الاضطرابات العاطفية والاكتئاب الموسمية شتاءا بسبب انخفاض التعرض لاشعة الشمس حيث ضوء نهار اقل مما يؤدي إلي انخفاض في مستويات الناقل العصبي السيروتونين والذي يساعد في تنظيم الحالة المزاجية وهذا ما يبدو واضحا لدي سكان المناطق الشمالية من العالم مثل الدول الاسكندنافية والاسكا حيث يقصر اليوم في الشتاء الطويل.
معروف انه خلال فصل الشتاء يكتسب الكثير من الأشخاص وزن اضافي بسبب ان الانظمة الغذائية كثيرة السعرات والافراط او الاستمتاع بحلويات العطلات الكثيرة مع انخفاض ملحوظ في ممارسة الرياضة فقد كشفت العديد من الدراسات ان متوسط زيادة الوزن في موسم العطلات يبلغ حوالي 1-3 رطل اي ما يعادل نصف الي كيلو و 300 جرام وتزيد تلك النسبة لدي الأشخاص الذين يعانون من السمنة. هذا الي جانب تحولات في المزاج تحدث في الشتاء بما يجلب معه عددا من التغييرات الأخري في كيفية تفكير الناس وتفاعلهم مع الآخرين.
يحدث ايضا في موسم الشتاء تعزيز للدافع الجنسي بدليل ان دراسات عديدة كشفت انه خلال الشتاء يزيد معدل تناول الطعام وما يترتب علي ذلك من تغير في الهرمونات الجنسية التي تؤثر ايجابا علي الرغبة الجنسية وكذلك الرغبة في العلاقة الحميمة التي يحفزها موسم العطلات . كما يزيد ايضا التركيز والانتباه والاهتمام بما يساعد علي حدوث تحولات في الوظيفة الادراكية بسبب التغيرات في مستويات السيروتونين والدوبامين نظرا لقلة التعرض للشمس. اما عن السخاء الكبير خلال أعياد الميلاد وتتمثل فيما يقدمه الناس من اكراميات فمن المحتمل كما يقول الباحثون انه يحدث استجابة لقيم الإيثار المرتبطة بعطلات الشتاء التي تشجع سلوكيات مثل الكرم. هذا وتساعد مكملات فيتامين د والنوم الجيد وتناول نظام غذائي صحي والمشاركات الاجتماعية والتفاعل مع الأصدقاء بما يحسن الحالة المزاجية ويقلل الإكتئاب والاحباط.