المميزةمن القلب للقلب

الرد على رسالة : لم يستوصوا بنا خيرا يا رسول الله

 

 

تقدمه: د.أماني موسى

 

الحياة الزوجية هي تجربة حياتية تضم الزوجين الذين يعيشان كشريكين في كل شيء، فهى اتحاد رجل وامرأة في إطار من الحقوق والواجبات يتضمن تشابههما في أشياء واختلافهما كذلك في أشياء أخرى…

ودائما ما تكون مليئة بالشد والجذب ويعتمد الزواج الناجح على التفاهم المتبادل بين الطرفين .

ولكن يظل التعامل مع الزوج العصبي من الأمور التي قد تزيد من المشاكل بين الزوجين بشكل مستمر،….

فالزوج العصبي والعنيد، يعتبر أكثر الرجال تعقيداً في تعاملاته الحياتية والزوجية لأن العصبية والعند عندما يجتمعان في شخص واحد تصبح الشخصية غير سلسة، وتعاني السيدات من هذا النوع من الشخصيات لتحكمهم الزائد في كل كبيرة وصغيرة في المنزل وخارجه، والعند في كل أمور الحياة،… ولكن كل شخصية ولها مفتاحها وسر للتعامل معها بشكل يريح جميع الأطراف ولا يسبب الضغط العصبي لأحدهم.

قد لا يكون هناك توافق أو تفاهم متحضر بين الزوجين من بداية الزواج أو طباعهما مختلفة وكلاهما يحاول السيطرة علي الآخر بآرائه أو قد تكون الزوجة تشعر بالنقص وافتقاد الثقة بالنفس ويقينها انها لاتخطيء ابدا بسبب تجاهل وتحقير رأيها منذ الطفولة لمجرد انها بنت وبالتالي تحاول تعويض هذا النقص مع الزوج .

#عزيزتى :

عصبية الزوج من أكثر الصفات التي تهدد الحياة الزوجية ويجب تجنب العناد معه وقت الازمة لانه قد يزيد من العصبية فلابد أن تتمتعى بالحكمة وان تتقنى لغة الحوار للتغلب علي عصبية الزوج. وان تحاولى فهمه والتقرب منه وأن تتمتعى بالطبع الهادئ وان تبدي رأيك بلباقة وتقدير لدور الزوج في حياتك ولا تشن الحرب عليه و ألا تشركى الأبناء في خلافاتكما الزوجية وان تتعاملى معه بحذر واقناعه بهدوء وتركه أثناء المشكلة وعدم الضغط عليه بأي حال من الأحوال لأن عصبية الزوج لا يعني أبداً إهانتك فهناك قاعدة تقول أن الزوج العصبي والعنيد من أطيب الأشخاص فعلي الزوجة اكتشاف الأسباب التي أدت إلي الخلاف وتجنبها حتي لا تثير غضب الزوج مع تجنب فتح الجدال أو النقاش مع الزوج عند عودته من المنزل أو الشجار بصوت عالي وانتقاده دائماً.

 

#عزيزتى:

لا تندهشي عندما تعلمين بالتفاصيل التالية :

فقد أوضحت كثيرا من الأبحاث والدراسات النفسية أن المرأة الذكية هي من تفضل الرجل العصبي المزاجي على الهادئ المرح زوجاً لها !!

 

وبحسب الدراسات فإن الرجل الهادئ المرح رجل غامض ، يستطيع حساب خطواته ، ويعرف متى يقدم تنازلاته للمرأة ، ومتى يغضب ، وفوق كل هذا فهو أكثر عناداً من العصبي المزاجي !

بعكس العصبي والمزاجي الذي يظن بقرارة نفسه أنه بتصرفاته وعصبيته ومزاجيته يفرض شخصيته على المرأة، دون علمه أنه يكشف لها مفاتيح شخصيته ونقاط ضعفه ، مما يُمكَّن المرأة الذكية من التعامل مع هذه المفاتيح بأريحية وهدوء .

 

الرجل العصبى أقل عناداً:

 

تؤكد دراسات في علم النفس أن الرجل العصبي سهل القياد ، فهو طيب القلب، اجتماعي ، سريع الرضا، مقارنة بالمرح الهادئ الذي يعلم تماماً بأوقات غضبه والأوقات التي يُقدم فيها تنازلات طفيفة لصالح الزوجة .. كما تقول الدراسات بأن المرأة التي تميل لاختيار الزوج العبوس والعصبي هي أنثى تمتاز بالذكاء الفطري، لأنها تدرك بغريزة الأنثى أنه الزوج المناسب، الأقل عناداً ، والذي تسهل قيادته والتحكم بتقلباته النفسية بإغراقه في كم وافر من الحب والحنان وسحر الأنوثة .

 

#عزيزتى:

عصبية الزوج ومزاجيته من الأمور التي يمكن للمرأة التعامل معها بذكاء، والمهم أن يكون الاختيار مرتبطاً أولاً بمسألة حسن الدين والخلق لدى الزوج ، وبعدها على الزوجة اتخاذ طريقة مناسبة لإطفاء جذوة المزاجية والعصبية من سلوك زوجها، لذا عليكى اتباع بعض الوسائل التي تعينك في تخليصه من حالات غضبه لأتفه الأسباب ، أو تقلب مزاجه بدون وجود أدنى سبب لذلك، ومن تلك الوسائل :

 

##اعرفي أسباب عصبيته ومزاجيته

 

بإمكانك معرفة التصرفات التي تثير عصبية زوجك وتزيد من حدة مزاجيته ، من خلال العشرة بينكم.. إذا كان زوجك عصبياً ومزاجياً فتجنبي عمل كل ما يثير عصبيته ، فإن كان ـ مثلاً ـ ممن ينقلب مزاجه عند تأخر الطعام عليه، أو عند خروجك من المنزل،او عدم ترتيب المنزل،او وجود ضوضاء بسبب الاطفال مثلا وقت عودته من العمل ، فاجتهدي بتجهيز الطعام في وقته المحدد ، والزمي بيتك ، أو قلَّلي من زياراتك للأهل والصديقات ، واجعليها في حدود الضرورة القصوى ، وحاولى توفير الهدوء والراحة فى وقت وجوده بالمنزل .

 

##اكسبى محبة زوجك :

 

ينبغي على الزوجة أن تكتسب محبة وود زوجها، فالزوج الذي يحب زوجته لا يمكنه إهانتها سواء لفظيا أو جسديا، لذلك ينصح خبراء العلاقات الأسرية بأهمية وصول المرأة إلى مفتاح قلب الزوج، فهذا سيجعله يعاملها بشكل هادئ ولا يتجه للعصبية معها في التعامل.

 

– فالزوج عندما تعامله زوجته كأم حنون وطفلة مرحة تسعده وأيضا زوجة تحبه، هنا ستكون العلاقة بينكما وطيدة فلا يحتاج للغضب عليكى.

## التغافل عن الزلات:

– وما يزال التغافل عن الزلات من أرقى شيم الكرام، فإن الناس مجبولون على الزلات والأخطاء فإن اهتم المرء بكل زلة وخطيئة تعب وأتعب غيره، والعاقل الذكي من لا يدقق في كل صغيرة وكبيرة مع أهله وأحبابه وأصحابه وجيرانه. قال الإمام “أحمد بن حنبل” رحمه الله: تسعة أعشار حسن الخلق في التغافل. كما جاء في تهذيب الكمال لابن الجوزي رحمه الله.

 

##احذري إعطاء النصائح والاعتذار :

عندما يكون زوجك عصبياً ، فهو لا يريد أن يسمع نصائح أو توجيهات، والأمر المناسب وقتها هو تجنبك محادثته ببعض الكلمات التوجيهية، فلا تقولي له ( اهدأ ـ توقف ـ يكفي ) أو (الأمر بسيط ما يستاهل غضبك وعصبيتك ) أو حتى ( حافظ على صحتك) أو غيرها من الألفاظ التي قد تساهم في زيادة عصبيته .. كل ما عليك حينها إما أن تظلي هادئة، أو تقومي باستخدام بعض العبارات الفضفاضة مثل ( زي ما تحب ) أو (إن شاء بتغير الأمر مثل ما تريد ) .. وهكذا .. كما ينبغي أن تتحاشي الإكثار من الاعتذار له لسبب أو بدون سبب ، لا سيما إذا كان في لحظة انقلاب مزاجي مفاجئ .

 

#عزيزتى:

ضبط انفعالاتك لا يكفي :

 

صحيح أن ضبطك لانفعالاتك، وعدم مواجهته ، والرد عليه بكلام منفعل ، يساعد في تخفيف غضبه، لكن قد تستطيعين إخماد بركان غضبه بضبط انفعالات جسدك ، عن طريق لغة الجسد ، فلا تنظري إليه بازدراء وتهكم ، ولا تمنحيه نظرة احتقار وضيق ، أو تحركي شفتيك ـ مثلاُ ـ بطريقة تزيد من مزاجيته وانفعاله.

 

##صارحيه في لحظات الصفاء:

 

لا نقصد بهذا أن تلجئي لمعاتبته ولومه، وإنما القيام بمصارحته بحبك ، وتقبلك إياه كما هو، وطلبك منه أن يبين لك نوعية الأشياء التي يكرهها أو تزيد من عصبيته في حال قمت بها ساعة غضبه، مع ضرورة أن يكون ذلك أثناء لحظات الهدوء بينكما ، لتحصلي على كل شيء منه .

 

##تذكري صفاته الجميلة :

 

لا تملأى صدرك وعقلك بمشاحنات وعصبية زوجك ، واتركي مجالاً له ، وتذكري أنه يحبك ، وإلا ما كان قد ارتبط بك ، ولا تنسي أنه إذا كان عصبياً فله صفات جميلة تحبينها فيه ، فقد يكون كريماً وودوداً .. ابحثي دائماً عن الصفات الطيبة في زوجك ـ إذن ـ ولا تقصري تفكيرك في سلبية عصبيته ومزاجيته .

 

##كوني مرحة ومسؤولة

 

تلطيف الأجواء الأسرية بالمرح والفكاهة ، من شأنه التغلب – في كثير من الأحيان – على حالات القنوط واليأس التي تفرضها ظروف المعيشة والعمل والمسؤولية ، وباستطاعتك القيام بهذا الدور في بعض المواقف ، فابتسامة رضا ، أو تصرف مرح منك ، يمكن أن يغير نفسية زوجك من أجواء المزاجية والغضب إلى الرضا والقبول ، فقط كوني مرحة دائماً ، وتأقلمي مع مزاجيته بطريقة إيجابية مسؤولة .

 

##تذكري أنه ليس فرعوناً :

 

مهما كانت عصبية زوجك ومزاجيته ، فتذكري أنه بشر ، وربما يكون متأثراً بمشاكل العمل وبظروف المعيشة الصعبة ، أو بظروف أخرى ، واعلمي أنه زوجك ووالد أبنائك ، ولن يكون – مهما وصل به الحال – فرعوناً آخر، فكوني مثل ” آسيا ” زوجة فرعون التي كانت تخاطبه برقة ولطف زوجةِ تعامل الله، وتتقرب إليه بمدارته احتساباً لوجه الله الكريم .. فكوني نعم الزوجة المطيعة يكن لك نعم الزوج والرفيق .

 

##تدخل الأهل:

 

13 في المائة من حالات الطلاق سببها تدخل أهل الزوجين مما يدفع كل طرف للعناد والتمسك برأيه. ويرجع العناد بين الزوجين إلي قلة التواصل أو انعدامه بينهما. وعدم التفاهم بخصوص الأمور الحياتية منذ البداية. ووجود نوع من الملل الزوجي بسبب اعتياد الزوجين علي بعضهما وعدم تجديد الحياة الزوجية. وأيضا وجود أطفال يجعل كل طرف يريد تربية الابناء بطريقته. وأحيانا تريد المرأة أن تكون الند للرجل في المنزل وأيضا يتدخل الزوج في الأمور التي تخص المرأة فيما يخص المنزل والابناء فيبدأ العناد.

 

وأنصحك بمحاولة تقليل الضغوط وزيادة التفاهم والتواصل عن طريق الخروج والتنزه كل أسبوع أو أسبوعين ويكون الحوار بينكما مشحونا بالكلمات الجميلة. وأيضا محاولة كل طرف إزالة الضغوط من علي الطرف الآخر.

 

 

##الاحتكام للحكماء:

 

لا مانع من الاحتكام إلي شخص حكيم او محايد من العائلة يستطيع ترجيح كفة أحد الطرفين بالعقل والمنطق والاخذ بهذا الرأي حتي تسير الحياة. فأحيانا تكون أم الزوج تحب الزوجة جدا وأيضا أم الزوجة قد تحب زوج ابنتها وهنا يمكن الاحتكام لهذه الأم أو تلك لحل الأزمة بينهما.

عليكى أن نستنفذى كل الوسائل وكل المحاولات، بل توجهى إلى ربِّ الأرض والسماوات، واستبشري بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لأن يهدي الله بك رجلاً خيرٌ لك من حُمر النِّعم) فكيف إذا كان الرجل هو الزوج وأبا لأولادك، وأنت تحبينه، وجمعكم الله تبارك وتعالى في خير وميثاق غليظ.

 

 

 

##كل انسان فى الدنيا عنده ابتلاء

وانتي قد ابتُليتى بزوج شديد العصبية ولا شك أن أعرف الناس بالأمور التي تُغضب الزوج هي الزوجة، وكما قالت زوجة القاضي شُريح لزوجها: (ماذا تُحبّ فآتيه، وماذا تكره فأجتنبه)، وهذه قاعدة في التعامل وفي العلاقات بين البشر.

واعلمى أن العلاقات العاطفية والزوجية دائمًا تحتاج لتقديم التضحية لحل المشاكل، فعليك أن تكوني على معرفة بأنك طبعك يختلف عن طبع شريكك في العديد من الأمور ، فكل شخص يمتلك رأي خاص به ووجهات نظر مختلفة، لذا عليك معرفة السبب وراء عناد وعصبية الرجل.

#عزيزتى :

يحب الرجل العصبي المرأة التي تفكر بطريقة إيجابية وتستخدم أسلوب التغافل عن الأخطاء.

الرجل العصبي يحب سماع التقدير من شريكته بكثرة فيجب ان يكون في فمك كلمات الشكر والمدح دائما والثناء على أقل الأفعال التي يقدمها إليكِ.

يفضل الرجل العصبي المرأة التي تسعى جاهدة على تقوية علاقتهما العاطفية.

يفضل الرجل العصبي المرأة التي ترفع من شانه وتحرص على مدحه أمام الآخرين.

يحب الرجل العصبي أن يشعر بحب زوجته مما يدفعه إلى التصرف بشكل أفضل لأن هذا الشعور يقلل من التوتر والانفعال لديه.

يفضل ان يشعر الرجل العصبي ان شريكته متمسكة به فهذا يدفعه بشعور الأمان مما يقلل من التوتر والعصبية.

 

ومن أقوال الفقهاء في معاشرة الزوجة لزوجها: المعاشرة بالمعروف، هي المعاشرة المرضية، وهي التي يرضى بها الشخص لنفسه، بمعنى أن من وجبت عليه هذه المعاشرة أن يؤديها إلى من وجبت له على نحو يرتضيها هو لنفسه لو فُعلت له، فيدخل في ذلك المعاشرة الجميلة من المرأة مع زوجها بالإحسان باللسان، واللطف بالكلام، والقول المعروف الذي تطيب به نفس الزوج.

ويجب على المرأة معاشرة الزوج بالمعروف من كف الأذى ونحوه، كما يجب عليه في معاشرتها.

وقيامها بإيفاء الزوج حقوقه التي أوجبها عليها الشرع من طاعة الله، وقرار في البيت، وامتناعها عن كل ما يؤذيه، وفعل ما يسره ويرضيه، من قول وفعل وسلوك، في حدود الشرع والعرف الصحيح.

وقوله تعالى:

“الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ” [النساء: 34]. يستفاد منه قوامة الرجل على زوجته.

ومعنى أن الرجل قوام على زوجته يعني أنه قيّم عليها، يقوم بأمرها، ويهتم بحفظها، قام على الشيء نظر فيه وحفظه واجتهد في ذلك. الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ [النساء: 34].

يقوم عليها بالتأديب والحفظ والصيانة، وتولي أمرها، وإصلاح حالها آمراً ناهياً لها، كما يقوم الولاة على الرعايا، فهو -أي الزوج- رئيسها وكبيرها والحاكم عليها ومؤدبها إذا اعوجّت.

ولاحظ معي أن العلماء يقولون: إن معنى قوامة الرجل على الزوجة أن يحفظها ويصونها، وأن يدبر أمرها.

وكثير من الرجال يضيعون زوجاتهم، ولا يحفظون أمور الزوجات، ولا يصونون الزوجات، ولا يقومون على الزوجات، ولا يعلمون الزوجات، ولا يجتهدون في حفظ الزوجة، فهم مضيعون لزوجاتهم، وهذا خلل في القوامة.

إذا ضيع الرجل زوجته يعني أنه مخل بقوامته عليها، يعني أن قوامته غير متحققة، يعني أنه لم يطلق فعلاً ما أخبر الله بقوله: الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ [النساء: 34].

وهذا خبر ويحمل أيضاً معنى الأمر، يعني ليقم الرجل على زوجته، ليقم عليها، يحفظها، يصونها، يحفظها ويصونها، ويدبر أمرها، ويصلح حالها، وإذا لزم الأمر يؤدبها.

 

##ونذكر الأزواج بقول الله سبحانه وتعالى :

 

قال الله تعالى: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة).

 

١- { لتسكنوا إليها } : أي لتسكن نفوسكم إلى بعضكم بعضا بحكم التجانس في البشرية .

٢-{ وجعل بينكم مودة } : أي محبة ورحمة اي شفقة إذ كل من الزوجين يحب الآخر ويرحمه .

 

 

قال السعدي: “وَمِنْ آيَاتِهِ الدالة على رحمته وعنايته بعباده وحكمته العظيمة وعلمه المحيط، أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا تناسبكم وتناسبونهن ، وتشاكلكم وتشاكلونهن ، لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً بما رتب على الزواج من الأسباب الجالبة للمودة والرحمة.

 

فحصل بالزوجة الاستمتاع واللذة والمنفعة بوجود الأولاد وتربيتهم، والسكون إليها، فلا تجد بين أحد في الغالب مثل ما بين الزوجين من المودة والرحمة، إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ يُعملون أفكارهم ويتدبرون آيات الله وينتقلون من شيء إلى شيء”.

 

وقال “ابن كثير” في “التفسير” (6/ 309): “وَقَوْلُهُ: “وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا” أَيْ: خَلَقَ لَكُمْ مِنْ جِنْسِكُمْ إِنَاثًا يَكُنَّ لَكُمْ أَزْوَاجًا، لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا [الْأَعْرَافِ: 189]

يَعْنِي بِذَلِكَ: حَوَّاءَ، خَلَقَهَا اللَّهُ مِنْ آدَمَ مِنْ ضِلَعه الْأَقْصَرِ الْأَيْسَرِ. وَلَوْ أَنَّهُ جَعَلَ بَنِي آدَمَ كُلَّهُمْ ذُكُورًا وَجَعَلَ إِنَاثَهُمْ مَنْ جِنْسٍ آخَرَ مِنْ غَيْرِهِمْ ، إِمَّا مِنْ جَانٍّ أَوْ حَيَوَانٍ، لَمَا حَصَلَ هَذَا الِائْتِلَافُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْأَزْوَاجِ، بَلْ كَانَتْ تَحْصُلُ نَفْرَة لَوْ كَانَتِ الْأَزْوَاجُ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ.

 

ثُمَّ مِنْ تَمَامِ رَحْمَتِهِ بِبَنِي آدَمَ أَنْ جَعَلَ أَزْوَاجَهُمْ مِنْ جِنْسِهِمْ، وَجَعَلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُنَّ مَوَدَّةً: وَهِيَ الْمَحَبَّةُ، وَرَحْمَةً: وَهِيَ الرَّأْفَةُ، فَإِنَّ الرَّجُلَ يُمْسِكُ الْمَرْأَةَ إِمَّا لِمَحَبَّتِهِ لَهَا، أَوْ لِرَحْمَةٍ بِهَا، بِأَنْ يَكُونَ لَهَا مِنْهُ وَلَدٌ، أَوْ مُحْتَاجَةٌ إِلَيْهِ فِي الْإِنْفَاقِ، أَوْ لِلْأُلْفَةِ بَيْنَهُمَا، وَغَيْرِ ذَلِكَ، إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ “انتهى.

 

وقال ابن القيم: “وقد امتن الله سبحانه بها على عباده فقال: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21) [الروم: 21]؛ فجعل المرأة سكنًا للرجل يسكن قلبه إليها، وجعل بينهما خالص الحبّ، وهو المودة المقترنة بالرحمة.

 

وقد ختم الله تعالى الآية بقوله: ( لقومِ يتفكرون ) “لأن الفكر يؤدّي إلى الوقوف على المعاني المطَلوبة، من التَّوانسِ والتّجانسِ بين الأشياء كالزوجين”.

 

إذًا أرجو ألا تعطوا فرصة للشيطان بأن يُفرّق بينكم، واعلمو أن الحياة الزوجية لا تخلو من مثل هذه الأشياء، ثم بعد ذلك يحصل الصفو والتراضي والتفاهم بين الزوجين، ثم يرجع الحب والمودة وتبقى.

 

عزيزتي …

تسلحي بالصبر، وتوكلي على الله، واستعيني بالله، واستمري في التواصل الجيد معه وتفادي ما يُثير عصبيته، ولا تنسي الدعاء، ثم الدعاء لك وله بالهداية، وأن يجعل بينكم المودة والرحمة، وأن يُنزل عليكم وعلى بيتكم السكينة، ونسأل الله لكم التوفيق والسداد.

.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق