المميزةمن القلب للقلب

الرد على رسالة “الرضا عن الحياة والقلق من المستقبل”

 

تقديم د.امانى موسى

 

الرضا عن الحياة هو تمتع الافراد بالصحة النفسية السليمة، والتوجه الايجابي نحو الحياة والمستقبل، فقد عرفته منظمة الصحه العالمية ( World Organization Health: بأنه معتقدات الفرد لموقعه في الحياة واهدافه وتوقعاته ومعاييره واهتماماته في ضوء سياق ثقافي ومنظومة من القيم في المجتمع الذي يعيش فيه الفرد .وهو مفهوم واسع يتأثر بالصحة الجسمية للفرد وبحالته النفسية، وعلاقته الاجتماعية، وكذلك علاقته بكل مكونات البيئة التي يعيش فيها.
الرضا عن الحياة أيضا هو درجة تقبل الفرد لذاته، بما حقق من انجازات في حياته الماضية والحاضرة، ويظهر هذا التقبل في توافق الفرد مع ذاته، وجوانب الحياة المختلفة، ونظرته المتفائلة نحو المستقبل و تقييم الفرد لنوعية الحياة التي يعيشها طبقا لنسقه القيمي، والذي يعتمد على مقارنة الفرد لظروف حياته بالمستوى الأمثل الذي يعتقد أنه مناسب لحياته
فالرضا الحياتي يعد دافعا للشخص للانطلاق نحو الحياة ومواجهة المواقف التي تعترضه في حياته اليوميه، بناءا على مالديه من من اهداف ومعايير واهتمامات وفي ضوء امكاناته و ضمن ما يفرضه الواقع والبيئة المحيطة من تحديات،بالاضافه الى ان الرضا الحياتي يمنح الفرد الشعور بالطمأنينة والاستقرار في ضل ظروف هذا العصر المتسم بالقلق نتيجة التطورات السريعة التي لم يخبرها الافراد من قبل، والتي قد تكون سببا في تخلي الافراد عن كثير من الاهداف التي وطدو العزم في الوصول اليها، وذلك يعود للاحباطات التي يتعرض لها الافراد بسبب عدم قدرتهم على مجاراة ما يدور حولهم من احداث. يجب ان يكون الفرد قادرا على متابعة التغيرات العديدة والمتنوعه في حياته والبيئة المحيطة به ومسايرتها، والا سيقف جامدا، ولن يستطيع التكيف مع تلك الأحداث المتغيرة باستمرار، ولكي يستطيع الفرد مجاراة تلك التطورات، يجب عليه أن يتصف بالقليل من المرونة، ومستوى الطموح، كي يستطيع تلبية احتياجاته وتكيفه مع الواقع الذي يعيش فيه، وطموحه في الوصول الى مايخطط له من اهداف فلولا هذا الطموح، لما كان هناك تطور وتغير في حياة الفرد والجماعة لأن الطموح بمثابة الدافع الذي يدفع الفرد للوصول إلي ما يريد، وبالتالي يعتمد حجم تحقيق الأهداف التي يضعها الفرد، على مدى طموحه واصراره للسعي لتحقيق تلك الأهداف، ومن هنا يكون النجاح او الفشل .
والرضا عن الحياة يكون من خلال العلاقات الاجتماعية، والسعادة، والاستقرار الاجتماعي، والتقدير الاجتماعي، فمن يشعر بهذه المتطلبات ويعمل على تحقيقها وإشباع رغبته منها سيكون راضيا عن حياته بصورة إيجابية، حيث ان الرضا الحياتي هدف للأفراد يسعون دوما لتحقيقه كما يعرف بأنه: أحد مكونات الهناء الشخصي، والتقدير الذي يضعه الفرد لنوعية حياته بوجه عام، اعتمادا على احكامه الشخصية وتقديراته الخاصة، وليس كما يحدده غيره. الرضا الحياتي ينتج عن الحل الناجح لعدد من الأزمات النفسية والإجتماعية التي تواجه الفرد طول فترة حياته، كما ويعبر عن الرضا الحياتي بالدرجة التي يشعر بها الفرد بالسعادة حول وضعه العام
▪️مكونات الرضا الحياتي
1- السعادة: حيث يمكن فهم السعادة بوصفها انعكاسا لدرجة الرضا الحياتي،وتعرف بأنها حالة انفعالية وعقلية تتسم بالإيجابية ويخبرها الإنسان ذاتيا،وتتضمن الشعور بالرضا والمتعة والتفاؤل والأمل، والإحساس بالقدرة على التأثير في الأحداث بشكل إيجابي.
2- تقبل الحياة: ويشمل قدرة الفرد على التكيف والتوافق مع ذاته ومع الآخرين المحيطين به.
3_ نوعية الحياة:ويتم تعريف نوعية الحياة بأنها إدراك الفرد لوضعه في الحياة وفي السياق أو المحيط الثقافي والنظم القيمية التي يعيش فيها، وبعلاقته مع أهدافه وتوقعاته ومعاييره وشؤونه، ويتسع هذا المفهوم ليشمل الإشباع المادي للحاجات الأساسية، أو الاشباع المعنوي الذي يحقق التوافق للفرد.
4 -التدين: هو الاتجاه الذي يتبناه الفرد ويسلكه، ويشكل من خلاله مفاهيمه ومبادئه في الحياة، وهو عامل مهم من شعور الفرد بالرضا والسعادة والتوافق مع نفسه والآخرين.
▪️ هناك مجموعة من الحاجات تلعب دورا هاما في تحقيق الرضا الحياتي لدى الأفراد وهي: 1-الحاجة الى انتباه واهتمام الآخرين.
2- إشباع الحاجات الجسدية والعقلية والقدرة على تحقيق الأهداف الشخصية.
3-القدرة على حل المشكلات و المساهمه في مساعدة الآخرين وبناء المجتمع.
4-الحاجة للحب والصداقة الحميمة والحاجة الى الامن والطمانينة.
5-الشعور بالسيطرة.
▪️قلق المستقبل :
لا بد من الحديث حول مفهوم القلق بشكل عام قبل الحديث حول قلق المستقبل، فالقلق هو العرض المشترك بين العديد من الإضطرابات النفسية والعقلية والسلوكية، والقلق مفهوم تفسيري في نظريات الشخصية الحديثة ويعد شعور الفرد بالقلق أمرا طبيعيا، فطبيعة ما يمر به الفرد من المواقف والظروف تفرض عليه أحيانا كثيرة الدخول في هذه الحالة، ولو بمستويات مختلفة، ففي المواقف الصعبة نرى ارتفاعا بمستوى القلق لدى الفرد بشكل ملحوظ، حتى إن مظاهر هذه الحالة تظهر بشكل واضح من خلال حركاته الجسدية وتصرفاته، فالقلق من حيث الشدة يختلف من فرد الى آخر،ومن مكان الى آخر، فكلما اشتدت حالة القلق كلما أصبح الفرد مرهقا ومتوترا والقلق حالة من الخوف الغامض الشديد الذي يمتلك الانسان، ويسبب له الكثير من الضيق والألم، والشخص القلق لا يستقر له قرار، ولا يستطيع أن يركز إنتباهة طويلا على العمل، ويبدو يائسا متشائما يشك في كل ما يدور حولة، ويتوقع الشر في كل خطوة يخطوها. ويعد القلق جزءا طبيعيا من حياة الإنسان يؤثر في سلوكه وفي بناء الشخصية أو متغير من متغيرات السلوك، وينشأ القلق عند جميع الأفراد في مختلف مواقف الحياة التي تواجههم والتي تتضمن تحديا للفرد وفي هذه الحالة يكون القلق طبيعيا وهو أيضا دافعا للفرد لإتخاذ الإجراءات السلوكية المناسبة لمواجهة هذه المواقف ولكنه يصبح خطرا اذا زاد عن الحد الطبيعي وعندها قد يرتبط بالإضطرابات السلوكية وقد يختلط مع الخوف ومواقف الإحباط التي قد يتعرض لها الفرد في حياته.
تعد مظاهر الحياة العصرية بما فيها من السرعة وصراع وتنافس وحروب في مختلف نواحي الحياة، والظروف التي يمر بها المجتمع من تغير قد تستثير القلق من المستقبل لدى الأفراد والخوف مما تخفيه الأيام القادمة، الأمر الذي يدعو الأفراد إلى اعادة النظر بخططهم وأهدافهم الحياتية بما ينسجم وطبيعة التغير في المجتمع وتتناغم مع إيقاع العصر، إن هذه العوامل وغيرها جعلت من الحركة السريعة هي المسير لكل شيء أخذ معها الأفراد إلى إثارة مخاوفهم من الغد وأصبح هناك إحساس وشعور متزايد من خطر المستقبل .
ويعتبر قلق المستقبل أحد المخاوف التي تؤرق المجتمعات نظرا للتغيرات التي عصفت بالأفراد وجعلت المستقبل مبهما، فأكثر ما يخشاه الناس هو المجهول وغالبا ما نجد النظرة العامة للمستقبل سلبية في ظل إضطراب الحياة، وإزدياد المشاكل الحياتية، وتسارع الأحداث السياسية والإقتصادية والإجتماعية، إضافة إلى الإحباطات التي يمر بها الأفراد في مناحي الحياة المختلفة.
وهذه الضغوط والتغيرات أدت إلى تغير في أساليب حياة الأفراد وانعكست على قيمهم وسلوكياتهم وأنماط تفكيرهم،
في عصرنا ينشأ القلق بشكل مستمر بسبب مطالب العصر السريعة والمتعددة، حيث يعيش الأفراد في الوقت الحاضر في مجتمع يموج بكثير من المشكلات والضغوط الحياتية، والتي قد تؤثر على توقعات وتوجهات الأفراد نحو المستقبل ؛ الأمر الذي قد ينعكس بصورة أو بأخرى على كثير من جوانب شخصية الأفراد.
مفهوم قلق المستقبل: يعرفه زاليسكي (بأنه ” حالة من التوجس والخوف وعدم الإطمئنان والخوف من التغيرات غير المرغوبة المتوقع حدوثها في المستقبل،

▪️أسباب قلق المستقبل:
1-إمكانيات الفرد، وعيوبه، وعدم قدرته على التكيف مع المشاكل التي يعاني منها.
2- عدم قدرة الفرد على فصل أمانيه عن التوقعات المبنيه على الواقع.
3-التفكك الأسري وعدم ثقته في كل من الوالدين والقائمين على رعايته في عدم قدرتهم على حل مشاكله.
4-الشعور بعدم الإنتماء والإستقرار والشعور بعدم الامان والاحساس بالتمزق داخل الأسرة أو المدرسة أو المجتمع بصفة عامه.

ويرجع أسباب قلق المستقبل إلى مجموعة من العوامل ومنها:
1-عجز الفرد في الحاضر مما يعطيه صورة مؤشرة لصعوبة المستقبل.
2-الطموحات الزائدة والأماني التي لا تتناسب مع حجم الإمكانيات الواقعية والفعلية.
3- وجود بعض الظواهر الإجتماعية المتباينه التي تحدث مثل تلك التي تتعلق بأمن الفرد ومستقبله المهني والزواجي والصحي.
4 -ضعف الوازع الديني وغيابه لدى البعض وسط دوامة الحياة ومشكلاتها وصراعها.
وهناك أسباب عديدة تقف وراء قلق المستقبل منها:
1- نقص القدرة على التكهن بالمستقبل وعدم وجود معلومات كافية لبناء الأفكارعن المستقبل. 2- استعداد الفرد الشخصي للتفاعل مع الخوف وكذلك الخبرات الشخصية المتراكمة ومذاهب واتجاهات الشخص في حياته.
3 -العزو الخارجي للفشل وتدني مستوى القيم الروحية والأخلاقية.
4 -الضغوط النفسية وعدم القدرة على التكيف مع المشاكل التي يعاني منها الشخص.

▪️سمات ذوي قلق المستقبل:
وللإفراد الذين يعانون من قلق المستقبل سمات يمكن ايجازها بـ:
1- إستخدام آليات دفاع ذاتية مثل الإزاحة والكبت من أجل التقليل من شأن الحالات السلبية. 2- الإنسحاب من الأنشطة البناءة وتجنب المخاطرة.
3- الحفاظ على الظروف الروتينية والطرق المعروفة في التعامل مع مواقف الحياة.
4- التنبؤ السلبي للأحداث المتوقعة والشعور بالإنزعاج والتوتر والضيق عن الإستغراق فيها.
5 -الشعور بضعف القدرة على تحقيق الآمال والطموحات وفقدآن القدرة على التركيز.
6 -الإحساس بأن الحياة غير جديرة بالإهتمام مع الشعور بفقدان الأمن والطمأنينة تجاه المستقبل.

▪️ وأيضا من سمات الأفراد الذين يعانون من قلق المستقبل:
* إتخاذ إجراءات وقائية من أجل الحفاظ على الوضع الراهن بدلا من المخاطرة من اجل زيادة الفرص في المستقبل.
* عدم الثقة في أحد مما يؤدي إلى الإصطدام بلآخرين.
* ج. الإنطواء وظهور علامات الحزن والشك والتردد.
* د. صلابة الرأي، وظهور الإنفعالات لأدنى الأسباب.
▪️ الآثار السلبية لقلق المستقبل:
ولقلق المستقبل آثار سلبية يتركها على الأفراد ذ ومنها:
1-التوقع والإنتظار السلبي لما قد يحدث، والإنسحاب من الأنشطة البناءة والمفيدة والتي فيها نوع من المخاطرة، واستخدام العلاقات الاجتماعية لضمان امان المستقبل لدى الفرد.

2-التقوقع داخل اطار الروتين والتعامل مع المواقف التي فيها مواجهة مع الحياة بطرق روتينية، كما يعيش الإنسان في حالة انعدام للطمأنينة على صحته ورزقه، ويستخدم ميكانيزمات الدفاع مثل النكوص والإسقاط والتبرير، فهي تؤمن للفرد نوع من الإستقرار الحياتي وبالتالي تعطية شيئا من الطمأنينة. 3-الاعتمادية والعجز واللاعقلانية
وتنبع الاعتمادية من تعرض الفرد لظروف اسرية سيئة تشعرة بعدم الامن وانه بحاجة الى من يحمل عنه المسؤولية، ومن خلال تكرار فشله في مواجهة الاحداث يبدأ في تبني افكار ومعتقدات لا عقلانية فيعتقد انه لا يستطيع عمل أي شيء بمفرده لشعورة بعدم الكفاءة الذاتية. ومن هنا، ولكون قلق المستقبل لا يقتصر على فئة دون اخرى فيتعرض له الصغار والكبار، والاسوياء وغير الاسوياء، لكنه يكون بدرجة اكبر لدى الاشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، لما يشعرون به من نقص وعجز لمواجهة التحديات التي تعترضهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق