المميزةالنص الحلومن القلب للقلب

 الرد على رسالة أنا …والشيطان

عندئذ لا يتبادل الشريكان رسائل الحب والتقدير والتضحية بل رسائل الأنانية والانكباب على الذات واستغلال الآخر

 

تقدمه

 

د.أماني موسى:

 

الحياة الزوجية هى أشد العلاقات الإنسانية الوطيدة ، ترابطا وتجاورا وتلاحما، فهى تخضع لأصول وقواعد وفنون إنسانية .. وتحتاج منا المزيد من المهارة والحب والإيثار، لذلك لا غرابة أننا في حالة التفريط في هذه القواعد أن نصاب بما يعرف بخيبة الأمل الزواجي، فما أصعب أن يتحول الزواج من عش هادئ إلى قيد وغل يقيد حياتنا ويجرف ضعاف النفوس منا إلى جحيم الطلاق أو الخيانة الزوجية، والإحصاءات في بعض المجتمعات تكاد تكون مخيفة، فهل لنا من الالتزام بالأسس الواضحة لهذه الحياة كي ننعم بجنتها !!

تفقد الحياة جمالها عندما يفكر كلا من الزوجين بنفسه وبسعادته دون الآخر، ويتوقع أن يأخذ من الآخر أكبر قدر من التنازلات. عندئذ لا يتبادل الشريكان رسائل الحب والتقدير والتضحية بل رسائل الأنانية والانكباب على الذات واستغلال الآخر، وبالطبع لن تستقبل هذه الرسائل بود واحترام، لأنها لا تحمل أية معان جميلة للآخر.

وليس من حسن العشرة أن يُكلف الزوج امرأته شططاً، وينهكها في تحقيق حقوقه تعباً، بل عليه أن يسلك هدياً قاصداً، ويتغاضى عن بعض حقوقه في سبيل تحقيق المهم منها .. إحساناً للعشرة، وتخفيفاً على الزوجة، ولا ننسى قدوتنا النبي –صلى الله عليه وسلم- فى تعاملاته مع اهل بيته ،قال تعالى: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} .

 

لكل علاقة ناجحة أسرار وعوامل يتمسك بها الطرفان إلى جانب الحب الحقيقي لنجاح العلاقة وازدهارها، أهمها:

 

*تبادل الثقة والاحترام المتبادل*

الثقة أساس العلاقات في الحياة، فمن غير الممكن الاستمرار في علاقة تفتقد الثقة، وتكون من خلال الشعور بالاطمئنان وعدم الخوف والشك من مشاعر وتصرفات الطرف الأخر مما يجعل الطرفين يعيشان حياة هادئة ومطمئنة، إلا أن الثقة تعتبر مسألة نسبية بين الناس، فالبعض يثق ثقة كاملة وعمياء في الطرف الآخر، والبعض يصعب عليه منح الثقة الكاملة للشريك بل يمنحها في أمور معينة فقط، لذا يجب التأكد من أن كل طرف هو أهل لهذه الثقة ويكون ذلك عن طريق التجارب.

 

*الشك* يهدم ولا يبني، فما إن يتسلل الشك إلى العلاقة العاطفية إلا ويزعزع استقرارها، ويزيد من احتمالات الفشل فيها، ولذلك ومن أجل تعزيز علاقة ناجحة ومستقرة، يجب أن يكون للثقة حضور قوي جداً في العلاقة، وبالمقابل يجب أن يحترم كل طرف الثقة الممنوحة له من قبل شريكه وأن يخلص له حتى تنجح علاقتهما العاطفية، لأن الخيانة من الأسباب المهمة التي تحول دون وجود علاقة عاطفية ناجحة.

*تقديم الاعتذار* :

يجب على كلا الطرفين تقديم الاعتذار للطرف الأخر عند الوقوع في الخطأ؛ وذلك حفاظاً على قوة العلاقة بينهما، ومنعاً من تفاقم حجم المشاكل وتصاعدها الأمر الذي يؤدي لحدوث فجوة بين الطرفين وبين الناس بشكل عام.

*منح الشريك الاهتمام الكامل* :

أهم ما يمكن أن تقدمه لشريكك هو إعطاؤه القيمة التي يستحقها؛ ويكون ذلك بإظهار التركيز الكلي في كلامه ومنحه الاهتمام الكامل في حضوره، هذا بدوره سيقلص الكثير من الفجوات والمساحات بينك وبين شريك حياتك.

*الوضوح من البداية*:

الصراحة والوضوح أساس قوى للعلاقات الناجحة، كما أنها تخفف من حدة السلبيات والمشاكل العاطفية والتي إن تفاقمت فستنتهي العلاقة بالفشل لا محالة.

*وجود الصداقة مع الحب*:

بلا شك ان الحب الذي يولد من رحم صداقة سيكون على مر الأيام ذلك الحب الحقيقي القوى، فاحرص على جعل شريك حياتك أعز أصدقائك، فبناء الصداقة مع العاطفة يجعل علاقتك العاطفية ممتعة وقوية في آن واحد.

*التوازن بين العقل والقلب*:

أثبتت التجارب العاطفية أن الاعتماد على القلب فقط أو العقل فقط في العلاقات لا يفيد، بل يضر لذا تحقيق التوازن مهم جداً لنجاح أي علاقة.

*اتخاذ القرارات*:

تأسيس علاقة زوجية ناجحة يتطلب التروي وعدم التسرع في اتخاذ القرارات، إذ يجب التفكير جيداً في كل النواحي التي تتعلق بالعلاقة، وإيجاد طريقة مناسبة للتعرف على الشريك قبل اتخاذ قرار بالدخول في علاقة معه.

*حل المشكلات بأسلوب صحيح*:

يجب الاهتمام بالمشاكل التي تحدث بين الطرفين وتقديم الحل المناسب لها بأسلوب صحيح وواضح، عن طريق تحديد ماهية المشكلة مع تحديد جميع نقاط الخلاف بين الطرفين وتوضيح الأسباب الرئيسية التي أدت إلى نشوئها، ومن ثم التشارك مع بعضهم البعض للوصول الى حل جذري؛ لأن ذلك يساعد على تقوية العلاقة.

*التفاهم*:

التفاهم يحقق الانسجام بين الطرفين، ويساهم في هدوء العلاقة، وتحقيق استقرارها ونجاحها.

*تبادل المشاعر*:

المعتقد بأنك يجب أن تحصل على ما تريد من شريكك بنسبة 100% يجلب المزيد من خيبات الأمل والإحباط في العلاقة العاطفية، بدلاً من ذلك ركز على فكرة الأخذ والعطاء وستجد مع الوقت أن للعطاء متعة أجمل بكثير من الأخذ؛ ومع ذلك كن حذراً من العطاء على حساب نفسك، فمن المهم أن يحدث كل شيء بتوازن.

 

 

 

 

*رسالتى للزوجة*

سيدتى تؤلمك تلك الحياة والله انى لأسمع انين قلبك ،

هل لى أن احمل حفنة من دموعك التى تتصادم عنفا أمام ابتسامة القيها لروحك الجميلة

سيدتي رفقاً بنفسك، فالحياة لا تحتمل أن نزيدها ظلاماً، فإن أظلمنا ما بداخلنا فلن تستطع شمس أي نهار مهما بلغت حرارتها أن تضيء ما أطفأته الأيام في نفوسنا ،

كونى قوية، جريئة واثقة بنفسك لامعة كنجم ولد فأضاء شرفات السماء، أنثى فيك الكثير ليقال والقليل ليطال، أرسمى طريقك بحزم وثبات، واثبتى للعالم انك لا تتخبطين ولا تتأرجحين كما يتوهمون.

هدّئي من روعك و رفقا بنفسك العزيزة

لاتجلدى ذاتك وحاولى أن تقللى من انفعالاتك الداخلية والحزن الذي تشعرين به, ساعدى نفسك أن ترممي الضرر النفسي من خيانة زوجك وابدأى حياة جديدة نظيفة خالية من الكذب والخيانة والغدر .

اعرف أنه عادة ما تحمل هذه الفترة الحساسة للمرأة الكثير من الحزن, وهذا يجعلها تميل إلى الجدية والجفاف في تعاملها عموماً, وتفقد روح الفكاهة التي تتحلى بها, لذا احرصي أن تحافظي على روحك الجميلة وأن تكوني على طبيعتك العفوية التي يحبك الآخرون عليها, فهذا الأمر سيساعدك على تصالحك مع نفسك وتقوية ثقتك بنفسك لمواجهة هذه الأزمة .

 

واعلمى أن الزواج من رجل غير متكافىء علميا وماديا وثقافيا أومن رجل كأن تسدي إليه معروفاً بارتباطك به ،تتحول حياتكما الزوجية إلى نكد دائم وتعاسة مستمرة.

لأنه سيشعر على الدوام أنه الشريك الأدنى، وسوف تنشأ المشكلات•

فجميل منك أنك كنت تلتزمى بأقصى درجات المرونة والتغافل لتكسبى وده ، فلا يخلو شخص من نقص، ومن المستحيل على أي زوجين أن يجد كل ما يريده أحدهما في الطرف الآخر كاملاً. والتغاضي عما لا يعجبك فيه من صفات أو طبائع ما دامت في حدود المقبول، وكما قال الإمام أحمد بن حنبل: «تسعة أعشار العافية في التغافل» وهو تكلف الغفلة مع العلم والإدراك لما نتغافل عنه تكرماً وترفعاً عن سفاسف الأمور.

ولكن عندما يتعلق الأمر بالخيانة الزوجية وتصل الأمور لهذا السؤ من اتهامك بالزنا ورفع دعوى قضائية ضدك ، اعلمى أنه قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن ، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له ) فهذا الحديث يدل على أن كل أمور المؤمن خير ، فهو يتقلب بين شكر وصبر ، وفي كليهما أجر .

ثم اعلمى أن خير الناس ، وأفضل البشر ، وهم رسل الله قد طعن فيهم أعداؤهم ، قال الله تعالى : ( كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ ) ، حتى نبينا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد سبَّه أعداؤه واتهموه بالسحر والجنون . بل وصل الأمر إلى أن طعن في عرضه المنافقون ، لكنه مع ذلك صبر ، واحتسب ، ووكل أمر لله تعالى ، ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ ).

فعليك أن تصبرى وتحتسبى ، واعلمى أن ذلك مما يكفر الله به عنك خطاياك .

ولك أن تدافعى عن نفسك وتثبتى براءتك مما اتهمتى به ، وتكذبى من اتهمك بذلك وعليك بتجنب المواضع التي تكون مثار شبهة وشك ، فقد يتخذها ذلك الشخص ذريعة لتصديق اتهاماته .

 

ادعوا الله أن يبعد عنك من ينوي تشويه سمعتك وينتظر كسرك وزلتك.

 

وعليك بالصبر والإلحاح على الله في الدعاء ، والله تعالى يفرج عنك ما أصابك.

رفقا بنفسك عزيزتى .

 

*واخيرا رسالتى لزوج صاحبة الرسالة*:

 

العشرة بالمعروف:

 

لقد أمر الله عز وجل الزوج بحسن العشرة، قال تعالى: ﴿ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ.. ﴾ ،وكرم الأخلاق والاحترام والتقدير المتبادل بين الزوجين أمر مهم لنجاح هذه العلاقة ” فالحياة الزوجية من المنظور الإسلامي مبناها التكارم ومكارم الأخلاق، أو كما قال الفقهاء: الحياة الزوجية مبناها المكارمة لا المكايسة، بمعنى أن يكون كل واحد من الزوجين – في حالة الوفاق وفي حالة الخلاف على السواء – غاية في كرم النفس، ونداوة الطبع، وفي غاية البعد عن الشح والأنانية، ومتى كان الزوجان بهذه المثابة من صفاء النفس ويقظة الضمير، كان مآلهما إلى الوفاق وحسن المآل في كل حال”.

 

العشرة بالمعروف تقوم على حسن الخلق، والرفق، اللذان يزينان كل أمر كانا فيه، ويشينان كل أمر نزعا منه، تجنب الفهم المغلوط لمعنى القوامة وتغليفها بالقسوة.

 

فالزواج ميثاق غليظ، فلابد أن تراعى فيه المسئولية والقيام بالحقوق والواجبات.وتترك مانهاك الله عنه من غدر وكذب وافتراء وخيانة ،وأن تتقى الله ورسوله فى زوجتك .

واعلم أن قذف المحصنات وهو الرمي بفاحشة الزنا واللواط، وهو أمر محرم شرعا وكبيرة من كبائر الذنوب.

 

قال الله تعالى: «إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق