أقلام حرّة

الأسبرين وجرثومة المعدة

 

 

دكتور رضا محمد طه الأسبرين

 

الأسبرين هو دواء طوره الكيميائي الألماني فيليكس هوفمان ، من شركة الأدوية باير Bayer ، في عام 1897، وذلك من خلال تطوير عملية لتصنيع حمض أسيتيل الساليسيليك (ASA) – وهو مشتق اصطناعي من مركب يسمى الساليسين ، والذي يوجد بشكل طبيعي في النباتات مثل شجرة الصفصاف. وهو علاج فعال للألم والحمى والالتهابات. يُعتقد أن الدواء ينتج هذه التأثيرات عن طريق تثبيط إنتاج المواد الكيميائية المسببة للألم والتي تسمى البروستاجلاندين. على هذا النحو ، يستخدم الأسبرين بشكل شائع للمساعدة في تخفيف الصداع وآلام العضلات وآلام الأسنان ونزلات البرد ، فضلاً عن التورم في التهاب المفاصل. ومع ذلك ، اكتشف الباحثون مؤخرًا أن الأسبرين قد يكون فعالًا أيضًا في ترقق الدم ، حيث يمنع تكوين جلطات الدم في الشرايين عن طريق منع إنتاج البروستاجلاندين المسمى الثرموبوكسان ، والذي يلعب دورًا رئيسيًا في تخثر الدم. وعلى هذا النحو ، أظهرت الدراسات أن العلاج اليومي بالأسبرين قد يقلل من خطر الإصابة بالنوبات القلبية.

كما هو الحال مع أي دواء ، هناك خطر حدوث آثار جانبية عند استخدام الأسبرين بانتظام. أحد أكثر الآثار الجانبية خطورة لاستخدام الأسبرين بانتظام هو النزيف المعدي المعوي ، والذي يمكن أن يزيد من خطر الإصابة بقرحة في المعدة. إذا كان الشخص مصابًا بالفعل بقرحة في المعدة ، فإن تناول الأسبرين يمكن أن يسبب مزيدًا من النزيف وقد يكون مهددًا للحياة. وقد يتفاعل الأسبرين أيضًا مع أدوية أخرى ويزيد من خطر حدوث نزيف داخلي ، وخاصة الأدوية ذات الخصائص المضادة للتخثر ، مثل الوارفارين وأبيكسابان ودابيجاتران. قد يؤدي تناول الأسبرين مع بعض المكملات الغذائية ، مثل زيت زهرة الربيع المسائية وزيت السمك ، إلى زيادة مخاطر النزيف الداخلي. ومنذ عقود ويستخدم الأسبرين للوقاية من أمراض القلب والأزمات القلبية وذلك بما يحدثه من سيولة للدم، حيث يقلل من خطر تجلط الدم ويمنع الإصابة بنوبة قلبية أو سكتة دماغية فضلاً علي أن له فوائد أخري حيث أثبتت الدراسات أنه يبطيء من سرطان القولون والمستقيم، لكن قد يصاحب إستخدام الأسبرين كثيراً حدوث نزيف يمثل خطورة بالمعدة أو الامعاء.

تناول الأسبرين وفي حالة وجود بكتريا تصيب المعدة وتتخفي في بطانتها تسمي هليكوباكتر بيلوري Helicobacter pylori والمعروفة شيوعاً بأسم الحلزونية البوابية أو “جرثومة المعدة” والتي تنتقل عدواها خلال الطفولة والمراهقة وتستمر بعد ذلك. تلك البكتريا قد تسبب تكوين قرح هضمية أي تقرحات مفتوحة في بطانة المعدة والأثني عشر، ويؤكد الأطباء علي أن الآثار المضادة لتخثر الدم الناتج من إستخدام جرعة منخفضة من الأسبرين قد يزيد من حدوث القرحة الهضمية.

ترتبط عدوي بكتريا هليكوباكتر بيلوري بالقرحة الهضمية ويزيد إستخدام الأسبرين علي المدي الطويل من خطر نزيف القرحة، وقد درس الباحثون إمكانية منع التقرح والنزيف عن طريق إستئصال البكتريا الحلزونية البوابية بإستخدام جرعة صغيرة وقصيرة من المضادات الحيوية، حيث تبين أن القضاء علي البكتريا يقي من نزيف القرحة، لكن تختفي وتضيع تلك الحماية بمرور الوقت. حيث أثبتت دراسة أنه يمكن إستخدام جرعة قصيرة من المضادات الحيوية لإستئصال البكتريا كبديل أو إستراتيجية حماية تكميلية للمعدة جراء إضطرار المرضي إستخدام الأسبرين.

في دراسة نشرت مؤخراً في لانسيت The Lancet أجراها فريق من جامعة نوتجهام بالمملكة المتحدة وكشفت نتائجها أن القضاء علي البكتريا الحلزونية البوابية يساعد في منع النزيف المرتبط بتناول الأسبرين، كما إرتبط إستئصال الحلزونية البوابية بإنخفاض كبير في دخول المستشفي بسبب نزيف القرحة، لكن تنخفض الحماية تلك بمرور الوقت ويرجع الباحثون السبب في ذلك للزيادة في إفراز الحمض أو إنخفاض إطلاق البروستاجلاندين الواقي بعد إستئصال الحلزونية البوابية، أو بسبب وجود قرح مجهولة السبب ومتكررة.

وكانت دراسة أجريت مؤخراً HEAT أظهرت أنه في الحالات التي لا بديل عن إستخدام الأسبرين علي المدي الطويل أو مضادات مستقبلات الهيستامين H2 ولمنع النزيف المعي يتم وصف مثبطات مضخة البروتين protein-pump inhibitorsوهو علاج وقائي وقد يكون أفضل علي أسبوع واحد من العلاج بإستئصال البكتريا الحلزونية البوابية، لكن إمتثال المريض لمثبطات مضخة البروتين للعلاج المشترك مدي الحياة يمثل تحدياً آخر. ويترتب علي ذلك كما يقول الباحثون أن إختبار وعلاج الحلزونية البوابية هو علاج مفيد ومقبول وبأسعار معقولة حتي لعدد كبير من مستخدمي الأسبرين من متوسطي إلي منخفض الخطورة والذين يتلقوا أي علاج وقائي للمعدة.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق