أقلام حرّة
هيكل ” لم يبق فى البطة غير ريشها، وأرجو أَلَا نأكله…!
الأستاذ محمد حسنين هيكل "حَكَّاء" متفرد في أسلوبه وفي طريقة سرده لحكاياته وهو بذكاء شديد يعرف متى يبدأ حديثه و كيفيه السرد المشوقة وفى نفس الوقت تلتقط عيناه بسرعة البرق ملامح من يحدثه لضبط نغمة صوته لزيادة قوة تأثيره.

بقلم: عبد المنعم معوض
الأستاذ محمد حسنين هيكل “حَكَّاء” متفرد في أسلوبه وفي طريقة سرده لحكاياته وهو بذكاء شديد يعرف متى يبدأ حديثه و كيفيه السرد المشوقة وفى نفس الوقت تلتقط عيناه بسرعة البرق ملامح من يحدثه لضبط نغمة صوته لزيادة قوة تأثيره…
جلست مرات عديدة مع بعض الأدباء والمفكرين مع الأستاذ “هيكل” وشاهدت ملامحه الذكية وهى تتحفز للحكي وشراره الذكاء واضحة وحيويته تضج قوة وحضورا…
يطلق عليه محبيه لقب “الاستاذ “… فقط … لتغنيهم عن التعريف به …
هم يرونه أشهر أعلامي و أكبر كاتب فى الوطن العربي فى القرن العشرين وصاحب التاريخ السياسي الأبرز فى الشرق الأوسط
وبالطبع هم لا يلتفتون لائ نقد أو إختلاف مع “الأستاذ “…هذا رأيهم وقد يكون صحيحا أو خطأ…
حكى “الأستاذ هيكل ” عن زيارته للصين و دعوة “المسؤول عن تحرير جريده “الشعب” وهي كبرى الصحف الصينية له ذات ليله في مطعم “بط بكين الشهير”
قال الأستاذ أن العشاء كان من سبعة أطباق من بطة واحدة…!
قبل أن تدهش أكمل هو حكايته : خمس قطع مختارة باردة من البطه في أول طبق…
كبد البطة مقَلْياً في طبق ثاني…
أضلاع البطة بالصلصه في طبق ثالث…
قلب البطة في قطع صغيره محمرة في طبق رابع…
لسان البطه وامعاؤها والبنكرياس، مطبوخة مع الخضر في طبق خامس …
جسم البطة نفسه أخيرًا ،وهو الطبق الرئيسي مشويَّةً في طبق سادس…
وأخيرًا عظام البطة مسلوقة، في طبق حساء في النهاية وهو الطبق السابع…
واثناء تناوله الطعام قال الأستاذ “هيكل” لمضيفه مسئول تحرير جريده” الشعب” الصينيه مازحا :
لم يبق من البطة غير ريشها ، وأرجو أَلَا ناكله…؟
فوجئ بمضيفه الصيني يرد بجديه: إن المطعم يبيع ريش البط لاغراض صناعية…!
هذه القصة حكاها الأستاذ ليقول أن ليس هناك في الصين “فاقدا او عادما او ضائعا” في أي شيء…
رأى فى الصين الصورة الحية للمعجزة…
المعجزة ليست بالمعنى الغيبي وإنما المعجزة أو ما يبدو أمامه وكأنه معجزة له أسباب لابد ان تكون علمية…
في الصين التنظيم الدقيق ،وهو شيء محسوس إلى “أطراف الأصابع” في كل بقعة على أرضه …وكل إنسان يعمل ولا يمكن أن يكون هناك شئ آخر غير العمل …
وأنهى حكايته بأن الصيني كان، ولا يزال دائما، يعتقد أن “الصين” هي قلب الكون، وربما كنا نحن هنا في الشرق الأوسط -الذي نعتبره وسط العالم- نظن أن الصين في طرف قصي من الدنيا ،ولكن النظرة إلى خريطة العالم مرهونة دائما بالمكان الذي ننظر منه…
لقد تلاحظ للأستاذ “هيكل” أن أسم الصين في اللغه الصينيه هو
” شونج كو” والترجمة الحرفية لهذا الأسم هى “الملكوت المركزي “او الملكوت الأوسط “. ..
ختاما
الأستاذ محمد حسنين هيكل كان لا يحكى أبدا من أجل التسلية اوقضاء الوقت وإنما كانت له فى كل حكاية رسالة يريد أن تصل لمن يستمع …!
تحياتى