أقلام حرّةالمميزة

نساء محدثات .. زينة المتن بدر دجي السند  ميسون ..راوية الحديث النبوي شاعرة ..زوج خليفة وأم خليفة [ ١ ]

 

 

٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠

بقلم :

أبوبكر عبدالسميع

٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠

في التاريخ الإسلامي نساء كن تحت سماء التاريخ تتلقين اقتباسات شمس العلوم الدينية المشرقة وهن فوق الأرض تاج زينة العلم خاصة _ العلم الديني _ ، فأصبحن راويات للحد يث النبوي الشريف زينة التنوع البشري بالذكر والأنثى ، بل هن في قلب السند وصلب المتن ثقات صا دقات مصدقات ٠

من بينهن ٠٠ميسون زوج معاوية بن أبي سفيان أم ابنه يزيد ،لم تكن امرأة عادية ، بل كانت سجيتها وطبيعتها وتطبعها بالوراثي والمكتسب غنية القيمة سامقة القامة ، فهي شاعرة خلدها التاريخ ولايزال عبق التاريخ يرفل عبق رائحته بقصيدة لها ، بلغت من الشهرة أن اهتم بها مؤرخو الأدب ونقاده وشيوخ النحو واساتذته وعلماءعلم الإجتماع وتنظيراته وعلماء النفس بمنظري نظرياته ٠

إنها ميسون بنت بجدل بن أنيف بن دلجة بن قنافة بن عدي بن زهير بن حارثة بن الكلبي ، أمها اسدة بنت اسيد ، روت ميسون عدة أحاديث نبوية تتعلق بالاحكام مثل فقه المعاملات والشؤون الخاصة بالمرأة مثل النفقة والطلاق والغسل ، وروي عنها رواة من السلف والتابعين منهم ٠٠ محمد بن علي بن أبي طالب المشهور ب _ ابن الحنفية _ وتوجد عنها روايات في كتب السنة الصحاح وهي راوية موثوق بروايتها ٠

تزوجها معاوية بن أبي سفيان وأنجبت له ابنه يزيد ربته تربية علمية خاصة في علم اللغة العربية والأدب فمنذ صغره كانت تهدهده وهو في المهد صبيا بأرجوزة شعرية من تأليفها ، وعرف يزيد منها نبوغه الشعري ، فلما كبر قرض الشعر وأبدع فيه ،فقد زرعت _ ميسون _ محصول الإبداع الشعري وليزيد ابنها ديوان شعر باسم ديوان _يزيد بن معاوية _ ول_ميسون _ شعر تناثر فى كتب الأدب مثل كتاب الأغاني للاصفهاني كما تبعثر شعرها نتفا في كتب التاريخ مثل كتاب البداية والنهاية لابن كثير وكتاب تاريخ الإسلام للذهبي و كتاب تاريخ الطبري و كتاب نهاية الأرب للنويري ٠

شعرها جذل بفطرة البادية ،قوي بشموخ الصحراء التى ولدت فيها وعاشتها ، فقد عشقت حياة البداوة وقالت قصيدة جعلت معاوية بن أبي سفيان يطلقها رغم أنها أم أحب أولاده إليه _ يزيد _ ! أما القصيدة التي أثارت غضب معاوية عليها وظن أنها تركض بالألفاظ بحصان المعاني علي أرض كرامته ، وتدك أو تاد شموخه ، و تقطع صلب فجاج سبل شخصيته ، فسبب القصيدة التي قالتها ميسون يعود إلى أن معاوية بنى لها قصرا عظيما جميلا وصنع لها البناءون قصرا مشيدا بزخارف الجمال وروعة البهاء ، أراد معاوية أن تفرح به فتقيم فيه وابنهما يزيد ، فرفضت القصر وفضلت حياة البادية دون تكلف وتطرف في الدعة ببلهنية العيش ، فألفت قصيدة تشتكي حياة تراها بكل سبل العيش المرفه ، حياة تساوي السجن أو هي ضيق الأرض بما رحبت أو هي المضيق المضاد للفضاء الواسع ، تقول بعض أبيات القصيدة الثورية التي غضب منها زوجها معاويةبن أبي سفيان فانعكس غضبه فزلزل صدمةجوانيته فصعد قرار لسانه وجهز منصة ركب فيها صاروخ الطلاق _ أنت طالق بالثلاثة _ تقول_ ميسون _ :

لبيت تخفق الأرواح فيه

أحب إلي من قصر منيف

وأصوات الرياح بكل فج

أحب إلى من نقر الدفوف

وبكر يتبع الأظعان سقبا

أحب إلي من بعل زفوف

وكلب ينبح الطراق عني

أحب إلي من قط أليف

ولبس عباءة وتقر عيني

أحب إلي من لبس الشفوف

وأكل كسيرة في كسر بيتي

أحب إلي من أكل الرغيف

وخرق من بني عمي نجيب

أحب إلي من علج عليف

خشونة عيشتي في البدو أشهي

إلي نفسي من العيش الطريف

فما أبغى سوي وطني بديلا

فحسبي ذاك من وطن شريف

ولتوضيح معاني الألفاظ التي وردت في القصيدة ، تخفق أي تضطرب ، والشفوف ثوب رقيق شفاف ، البكر الفتي من الإبل ، والسقب الذكر ولد الناقة ، والخرق السخي الكريم ، و الكسيرة قطعة الخبز ، و العلج الغليظ الشديد ٠

٠٠ قيل أن معاوية سمعها وهي تقول القصيدة ، أو كما قيل في رواية أخرى : أن إحدي محظيات معاوية وشت عليها فسعت بما سمعت إلي معاوية بتلك القصيدة ،فثارت ثورة غضبه فأصدر قراره فطلقها قائلا : ” ما رضيت بنت بجدل حتى جعلتني علجا علوفا ، هى طالق ، مروها لتأخذ جميع ما في القصر فهو لها ، وفي رواية تاريخية أنه قال لها : كنت فبنت ،فأجابته : ما سررنا إذ كنا ،ولا أسفنا إذ بنا ” ثم سيرها إلي أهلها فى البادية ورحلت ومعها ابنها الطفل يزيد _ الخليفة أو أمير المؤمنين _ فيما بعد ٠

وقالت وهي ذاهبة إلى قبيلتها _ كلب _ :

وما ذنب أعرابية قذفت بها صروف

النوى من حيث لم تك ظنت

تمنت اخا لبيت الرعاة وخيمة

بنجد فلم يقض لها ما تمنت

إذا ذكرت ماء العذيب وطينه

وبرد حصاة آخر الليل حنت

لها أنة عند العشاء وأنة

سحيرا ولولا آناتها لحنت

 

حافظت _ ميسون _ علي علاقتها بالحديث النبوي الشريف ليس رواية شفهية فقط ؛ بل طبقت _ _عمليا _ علي نفسها تعاليم الأحاديث بقيم ماتنادي به من أمر بالمعروف أو ضوابط نهي عن منكر ،فهي ترفض اختلاط الرجال بالنساء دون حجاب لذا عندما دخل معاوية حجرتها وكان معه خادمه ” خديج الخصي ” فاستترت من الغلام وقالت لمعاوية : ما هذا الرجل ؟ فقال لها معاوية : ” أتستترين منه ؟ ! إنه _ خصي _ وإنما هو مثل المرأة ،فاظهري عليه ، فأجابته : أتري أن المثلة تحل ما حرم الله عليه ، وفي رواية قالت له : إن مجرد مثلتك له تحل ما حرم الله عليه ؟! ثم منعت دخول الخصي عليها ، فأعجب معاوية بهذه الإجابة ، كما انفردت _ ميسون _ بهذا الحديث النبوي [ سيكون قوم ينالهم الاخصاء ، فاستوصوا بهم خيرا ]

ويذكر _ لميسون _ أن زوجها معاوية بن سفيان كان يحترم عقلها ورحابة صدرها ورجاحة وجهة نظرها وكان يستشيرها فى أدق الأمور وخفي التفصيلات من ،ذلك أنه لما أراد معاوية أن يتزوج بامرأة تدعى _ نائلة بنت عمارة الكلبية _ فقال لميسون : انظري إلي ابنة عمك ، فنظرت إليها ميسون فسألها معاوية : كيف رأيتها ؟ قالت ميسون : إنها لكاملة الجمال ، ولكن رأيت تحت سرتها خالا وانى لأري هذه يقتل زوجها ويوضع رأسه في حجرها ، فتشائم معاوية فطلق _ نائلة _ ثم بعد ذلك دارت دورة زمنية ، ثم تزوج بعد ذلك الصحابي _ النعمان بن بشير _ تلك المرأة _ نائلة _ وفعلا قتل في حجرها و صدقت فراسة _ ميسون _ ! ٠

كما احتفظت الروايات التاريخية لميسون حسن تربيتها لابنها يزيد بن معاوية ، إذ أنه قد تعلم منها السياسة وحسن الإدارة ،واكتشف ذلك مبكرا معاوية بن أبي سفيان ، ذكر الرواة ٠٠ أن معاوية كان يجلس مع زوجته الحظية _ فاختة _ وهى أم ولده عبد الله _ ويزيد الطفل يمشي وفاختة تتابع خطواته ،ثم قالت : لعن الله سواد ساقي أمك ، فقال معاوية : أما والله إنه لخير من إبنك عبد الله _ وكان ولد أحمق _ ورجحت نبوءة معاوية فتولي يزيد الخلافة بعد أبيه ، بينما بقى عبد الله أخوه خامل الذكر وخرج من متن التاريخ إلي سطور هامشه !

٠٠ قال الرواة فى وصف _ ميسون _ : كانت حازمة عظيمة الشأن تتمتع بقسط كبير من الجمال كما حباها الله بعقل متوقد وبصيرة نافذة ، الأمر الذي جعل معاوية يسارع ليتزوجها وكانت المصادفة متوافقة مع حدسه ، كما كانت رؤيا منامية شافتها ميسون فطابقها الزمن مؤيدة بالواقع ، إذ أنها رأت في المنام وهي حامل قد خرج من فرجها قمر ، فقال لها مفسر احلام : إن صدقت رؤياك ، لتلدين من يبايع له بالخلافة ٠٠فعلا وقد كان ولدها وولد معاوية _ يزيد _ خليفة فيما بعد ٠

وفي عام ٨٠ هجرية ٧٠٠ ميلادية توفت ميسون بنت بجدل بن أنيف بن دلجة بن قنافة بن عدي بن زهير بن حارثة الكلبية ، لكن عاشت في كتب صحاح الحديث النبوي الشريف ، ماتت الجميلة العاقلة الراوية الشاعرة ، وكان اسمها على مسمى ،فكلمة ميسون فارسية تعني ٠٠ ذات الوجه الأحمر وفي العربية تعني ٠٠ المتمايلة والرزينة ٠

٠٠ هناك نقطة مهمة شغلت بعض الباحثين فزعموا ٠٠ان _ ميسون _ كانت مسيحية الديانة ! وهذا خطأ فقد تسرع بعض الباحثين والدارسين المسلمين وتعثروا فى خطوات سطورهم و هم يلهثون وراء أقاويل المستشرقين ! ، فالذي روج تلك الفرية الخبيثة الظالمة كل من فيليب حتي وهنري لامسن وفرانز دونز وهم من أشد المعادين المعتدين علي الإسلام بتزوير القول وقلب الحقائق رأساعلي عقب أو عقب على رأس بهدف تعطيل نور الإسلام الذي لا يطفأ ، ويا اللأسف سقط البعض في فخهم ! فميسون ٠٠ من قبيلة _ بنو كلب _ صحيح أن قبيلة كلب كانت تنتشرفيها النصرانية وتتغلغل فيها شيئا ما اليهودية ؛ لكن ذلك الأمر الجيوسياسي كان قبل الإسلام ، فقد كان من قبيلة _ كلب _ كبار الصحابة مثل زيد بن ثابت وأسامة بن زيد ودحية الكلبي الذى كان أمين وحي السماء _ جبريل _ ينزل به علي أمين الوحي على الأرض سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ٠

٠٠ يذكر التاريخ بفخر سيدات روت الحديث النبوي الشريف قد بلغ عددهن المئات، و _ ميسون _ زوج معاوية بن أبي سفيان أم ابنه يزيد واحدة منهن ، إقامة في دولة رواية الحديث النبوي شاعرة ، تسكن في سطور بدر دجي الحديث النبوي رضي الله عنها ٠

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق