أقلام حرّة

نساء راويات للحديث النبوي الشريف :   أميرة عباسية راوية للحديث ٠٠ و سبعة خلفاء وصراعات طاحنة بالدم والدموع على السلطة وحرائق فكرية إلحادية [ 5 ]

 

٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠

أبوبكر عبدالسميع

٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠

يسوق القدر التاريخ بزحف سنواته سوقا حثيثا إلي مجريات الأحداث ، فيكون سلاح التذكر فى التاريخ صنعة لبوس ضد عدو هو. النسيان ، وكذا ضد تزييف ماكان ، لتعطيل ما يكون وقطع طرق ما سيكون ، جدلية إزاحة مستقبل وجعله بماضيه غير منظور ، لذا فالكتابة في التاريخ عن التاريخ للتاريخ ، هي بوصلة لسفن تجري بمقادير وقضاء ، وسطور التاريخ هي المرحلة القرائية بسهولة ويسر قراءة. ، أو بتعثر قراءة القارئ أحيانا ، ومهما يكن فالتاريخ شهيد ا على كل تنفس النفوس تحولات شهيق وزفير فى قفص صدر الكون ، وجدل فى التاريخ ٠٠ حنجرة فهم تضيق أو تتسع بهواء صحي أو إما السقوط بالهوى المتبع المشخصن بفرض أحداث مصطنعة بغرض خدمة أهداف ضيقة وكفى

لذا عندما نقرأ عن المرأة فى تاريخ المسلمين نجد أن المستشرقين عندما تحدثوا عن موقف الإسلام من المرأة زعموا وهم كاذبون ٠٠أن الإسلام عدو المرأة ضد المرأة سجن المرأة فى النقاب والحجاب. ، لءا تعد تلك السلسلة عن النساء الروايات للحديث النبوي تكءيب للمزاعم ، نقد تلك الأكاذيب بالشاهد والمشهود ٠

٠٠ النساء كن لهن النصيب الوافر بالحظ الوافر خاصة فى العلم وفى المجالات الحياتية ككل

ونواصل مشوارنا القرائي سفرا فى التاريخ مع نساء راويات للحديث النبوي الشريف ،فالنموذج معنا _ أميرة عباسية _ شهدت لبنات أولى لتحدي العباسيين بهدم الحجر الصلد لاسقاط إمبراطورية الأمويين ، عاشت اضطرابات تحركها قبلية تراكمت فعادت بمخزون العصر الجاهلي ، ونزا عات شد حبل القوة بعد بروفات جس النبض بين امويين. فى الحكم كانوا من قبل فى صراعات دموية حتى وصل الحكم إليهم فكانوا بغير عظة ممن سبقهم فأصبحوا عبرة لمن لحقهم ، عاشت مطاردات طرديات وحوش بشر فى جسد ادميين ، قسوة قلوب فى حجارة نفوس بشرية بل الحجارة تتفجر منها الأنهار وتتشقق منها المياه ، بل تخشع الأحجار فهي تسبح الله [ وإن من شيئ إلا يسبح بحمده ] !

٠٠ كانت الراوية الحافظة هي ٠٠ زينب بنت سليمان بن على بن عبد الله بن عباس ، منذ طفولتها عاصرت وقع الظلم الأموي على أهلها ، فطالها بخدش طفولتها ، وجرحها وهى صبية وترميلها وهي زوج أكبر داعية ثوري ضد الأمويين ، فقد تتبع الأمويون أهلها من المدينة المنورة إلي مكة ومن مكة إلي قري بتخوم إيران وتركيا ومن سوريا إلى العراق ، تحول أهلها إلي مطاريد ، ثم وجدوا فى الحميمة بسوريا نقطة ارتكاز مؤقتة ، لا محطة ملاذ دائمة ، استطاعوا تكوين خلايا ثورية بطريقة شبه باطنية أو العمل تحت الأرض سنين وهم ينتظرون الخلاص حين تدق ساعة الصفر معلنة بداية ماتش ثوري حتى تحقيق الأهداف فى شباك الأمويين وقد كان الهدف المباشر وأهداف ضربات جزاء وغير جزاء

٠٠ فرخوة الأرض السياسية وانزلاقية جغرافية العصر و ترنح قوامه الراقص على تخت غير مستقر الهلع والخوف والفزع ومنطق الجزوع والمنوع كان المعادل الموضوعي لنهو الأ مبراطورية الأموية التي كانت مغيبة فلم تدرك دنو نهاية ساعة الصفر و لم تستشعر حكم القضاء والقدر ذلك الحكم الذي اعطي إشارة نهاية تداول اموية السلطة ، فبنو أمية صراعهم مع أنفسهم أكل أساس البنيان ، وصراعهم مع من خارج الأسرة جعل المركب العائم على اليم تتسرب المياه إليه فتخترق المركب بسهولة انسيابية ، والعباسيون قد أ عدوا العدة واتخذوا التداببر ، فزاد الامويون من مطاردتهم فقبضوا على محمد بن إبراهيم الإمام _ دينامو الثورة العباسية _ زوج زينب بنت سليمان بن على بن عبد الله بن عباس ، كان يختفي في منطقة البلقاء وألقوه في غياهب السجن بعد أن اكتشف مروان بن محمد الخليفة الأموي ٧٢ / ١٣٢ هجرية آخر خلفاء الأمويين الذي هرب من جيوش العباسيين وفر إلى صعيد مصر وهو يقول شعرا منه :

ومازال يدعوني إلى الصبر ما أرى

فآبي ويدنيني الذي لك فى صدري

وكان عزيزا أن تبيتي وبيننا

حجاب فقد أمسيت منى على عشر

سأبكيك لا مستقيما فيض عبرة

ولا طالبا بالصبر عاقبة الصبر ، ثم أدركه جيش العباسيين فقتلوه عند قرية ببني سويف ومازالت القرية تحمل اسم الحادثة قرية _ زاوية المصلوب _

فقد وقع في يد الخليفة الأموي مروان بن محمد خطابا من إبراهيم بن محمد العباسي إلي مهندس الثورة العباسية_ أبو مسلم الخراساني _ وأبو مسلم الخراساني الحق يقال لولاه ما قامت الخلافة العباسية ورغم ذلك تم قتله على يد أبي جعفر المنصور الخليفة العباسي ،و لقد ذكر ذلك أبو العلاء المعري فى كتابه رسالة الغفران ( والعجب لأبي مسلم حطب لنار أكلته ،وقتل في طاعة ولاة قتلته وليس بأول من دان لسواه ،وأغواه الطمع فيمن اغواه ،وإنما سهر لأم دفر ،وتبع سرابا فى قعر فوجد ذنبه غير المغتفر عند صاحب الدولة أبي جعفر ، وكل ساع للفانية ،لابد له من الندم ٠٠ كان الخطاب الذي وقع في يد مروان بن محمد”يؤكد أن هناك عملا ثوريا قد اقترب وحين تم القبض على ابراهيم نصح اخوته بالفرار إلي الكوفة وهم أبو العباس السفاح وأبو جعفر المنصور وعبد الله وعيسي وعبد الصمد وداود وصالح و اسماعيل وزوجته زينب بنت سليمان فسكنوا عند أبي سلمة الخلال ثم أنزلهم دار دار الوليد بن سعد مولي بنى هاشم وكانوا يتنقلون من مكان إلي مكان لمدة أربعين يوما كرا وفرا ،تقية واحتياطا مناورة لمطاردات الأمويين ، أما مصير إبراهيم بن محمد الإمام قيل : اغتالوه باللبن المسموم ، وقيل أسقطوا عليه جدار بيت وعندما ذهبت زينب بنت سليمان إلي الخليفة الأموي مروان بن محمد كي يسلمها جثة زوجها فتمنع مروان مرارا نكاية فى إذلال زينب وترهيبا للباقين من آل عبد الله بن عباس ، ثم أعطاها جثة زوجها إبراهيم الإمام ، وعندما مات إبراهيم لم يصل عليه أحد سوي رجل واحد فقط _ بهلول بن صفوان _ وإبراهيم هذا كان عالما بعلم ورثه عن عبد الله بن عباس وبعض الصحابة كما روي الحديث عن ابنه محمد وابنه عبد الوهاب و أبي هاشم محمد عبد الله بن محمد بن على بن أبي طالب ” ابن الحنفية” وإبراهيم الإمام له مقولات كثيرة منها : ( الرجل الحسن الكامل المروءة هو ٠٠ من أحرز دينه ووصل رحمه واجتنب مايلام عليه ) زواجه من زينب بنت سليمان أسهم بعض الشيء فى تفرغ زينب للحديث النبوي حفظا ورواية ، ثم بعد أربعين يوما من اغتياله قامت الثورة وقضي العباسيون على بنى امية قتلوا من فوق الأرض منهم وسحقوا عظام من تحت الأرض هشموا القصور والقبور أخرجوا عظام كل خلفاء بنى أمية إلا قبر عمر بن عبدالعزيز ، تركوه احتراماً للرجل الذي لم يظلمهم ٠

[ ] ولم تنصرف زينب بنت سليمان بن على بن عبد الله بن عباس عن متابعة العلم تنقلا إليها أو انتقالها هي

إلي مصادره ومظانه ، كيف لا تكون كذلك وأبوها سليمان بن على بن عبد الله بن عباس. ٨٣. / ١٨٢ هجرية من الرعيل العباسي الذي مهد للثورة ضد الأمويين ، كان راوية للحديث وعلم حفاظا كثيرين ، ومن الثقات روي عنه حفاظ كثيرون منهم بنوه عبد الصمد وسليمان وداود وعيسى وسعد بن إبراهيم قاضي المدينة و، جعله محمد بن سعد فى الطبقة الرابعة من أهل المدينة روي له النسائي وابن ماجه وذكره أبو زرعة الدمشقي فى كتابه الأخوة والأخوات كما روي عن ابنته زينب عاصم بن علي بن عاصم الواسطي وجعفر بن عبد الواحد بن سليمان ابن أخيها ، قال المكي عن سليمان بن على والد زينب ( سمعت مشايخنا من أهل مكة يقولون إنه لم يرد عليهم أمير منذ عقلوا الكلام إلا وسليمان أبين منه قاعدا وأخطب منه قائما )!

( قال إسحاق بن عبد الصمد بن موسى بن محمد بن إبراهيم حدثني أبى رحمه الله حدثتني زينب بنت سليمان الهاشمية قالت حدثني أبي عن جدى عن عبد الله بن عباس قال : من أكل مما يسقط من الخوان نفي عنه الفقر ، وصرف عن ولده الحمق ) وعنعن عنها ٠٠ ( حدثتني زينب ابنة سليمان الهاشمية زوجة محمد بن إبراهيم الإمام عن أبيها عن جدها عبد الله بن عباس ” اللهم بارك لأمتي فى بكورها ” )زاد ابن معروف ” يوم خميسها ”

قال أحمد بن ميمون أبو العباس قال : رأيت زينب بنت سليمان بن على بن عبد الله بن عباس أيام المأمون وقد دخلت دار أمير المؤمنين فرفع عطاء لها الستر وعطاء يخلفه فقام إليها فقبل قدمها رجلها فى الركاب وهى علي حمار لها أشهب مختميرة بخمار عدني أسود عليه طيلسان مطبق أبيض فقال على بن صالح لها : يا مولاتي حديث سمعته من أمير المؤمنين يذكره عنك قالت : أذكر منه شيئا قال حديث أبيك عبد الله بن عباس إلي النبي صلي الله عليه وسلم فسمعت زينب تقول أخبرني أبي عن جدي عن أبيه عبد الله بن عباس قال بعثني أبي العباس النبى صلى الله عليه وسلم فجئت عنده رجل فقمت خلفه فلما قام الرجل التفت إلي قال : ياحبيبي متي جئت ؟ قلت منذ ساعة قال فرأيت عندي أحدا قلت نعم الرجل ، قال ذاك جبريل أما إنه ما رأه أحد إلا ذهب بصره إلا أن يكون نبيا ، وأنا أسأل الله أن يجعل ذلك فى آخر عمرك اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل واجعله من أهل الإيمان )

٠٠ اتصلت صلة زينب بنت سليمان بالخليفة المهدى وزوجه الخيزران بنت عطاء الجرشية اليمنية أم الهادي و هارون الرشيد ، تزوجت الخليفة المهدى قيل إنه اشتراها فقد كانت جارية وعندما بيعت له قال لها : ” يا جارية إنك لعلى غاية التمني ولكنك خمشة الساقين ،فقالت : يامولانا إنك أحوج ما تكون إليهما لا تراهما فقال : اشتروها ورزق منها بابنه الهادى وهارون الرشيد وكانت ذكية استطاعت أن تتدخل فب سياسة الحكم واثرت فى زوجها المهدي وحاولت التدخل فى شؤون الحكم أيام ابنها الهادى فغضب منها وجمد حضورها وقال لها : ” مكانك فاستوعبي كلامي ،وإلا نفيت من قرابتي من رسول الله صلى الله عليه وسلم. لئن بلغني أنه وقف ببابك أحد من قوادي أو من خاصتي أو من خدمي لأضربن عنقه ٠٠٠ أما لك ما يشغلك، أو مصحف يذكرك أو بيت يصونك ٠٠٠ إياك ثم إياك أن تفتحي فاك فى حاجة لمسلم ولا ذمي ” انصرفت دون أن تتكلم ،فسرت عنها زينب بنت سليمان وكفكفت دمعها ، ولكن حتى لايظن أن ماقاله الخليفة الهادي لأمه الخيزران بأنه عقوق نشير إلي أن الهادي عند مرض موته تأثرا بالسم الذي دس إليه وهو قرب سكرات الموت قال لأمه الخيزران : ” قد كنت أمرتك بأشياء ونهيتك عن أشياء أخرى مما أوجبته سياسة الملك لا موجبات الشرع من برك ولم أكن بك عاقا ،بل كنت لك صائنا وبرا واصلا ” ولقد تناول الجاحظ _ عمرو بن عثمان بن بحر _ حالة تأثر الخليفة المهدى بالخيزران ونزوله عند رأيها قال الجاحظ : ” كانت ذات نفوذ فى الدولة ،وقيام بحوائج الناس عند المهدي ”

مقابلات كثيرة بين زينب والخيزران وقد سمعت الخيزران الحديث النبوي من الإمام الأوزاعي ،قد جمعتهما صداقة ، وتدوم مسامراتهما إلى أوقات طويلة ليلا أو نهارا ، وكان الخليفة المهدى والد هارون الرشيد يجلس معهما فقد كان متعلما ذاسعة من العلم الديني خاصة الفقه واللغة والأدب والحديث النبوي ويجلس مع رواة الأحاديث النبوية ويغار على الدين من أن يشوهه أحد أو ينال منه الأدعياء فقد أنشأ ديوانا لملاحقة الزنادقة برئاسة القاضي عمر الكلواذ ني وعاقب رجلا يدعي المقنع الخرساني مدعي الألوهية الذي خلط بين المانوية والمجوسية و البوذية ، وكان المهدى يحافظ على رواية الأحاديث النبوية ، وقبض على عبد الكريم بن أبى العوجاء المتهم بوضع آلاف الأحاديث النبوية و الإسرائيليات كما تصدي المهدي لما يزعم الرواة أنها زندقة فقد قتل الشاعر الكبير بشار بن برد ٩٦ / ١٦٨ هجرية فقتله بقطع الرقبة قيل لزندقته وقتل الشاعر صالح بن عبد القدوس توفي ٧٨٣ ميلادية ، فقد هجا رسول الله صلى الله عليه وسلم في قصيدة كما كان يسخر من الصلاة فيقول : ” سنة البلد ،وعادة الجسد ، وسلامة الولد ” يذكر للمهدي أمانته في أنه يقدم علي قتل الزنادقة تسرعا أو تسيسا لغرض أو شهوة بل كان يأخذ رأي فقهاء وعلماء عصره ومنهم المشهود لهم بالتقي والورع ،فالخليفة المهدي وإن شغلته السياسة واصول وفروع الحكم إلا أن حبه للعلم الديني لم يتأثر بتلك الشواغل والصوارف ومنها مشاكل مباغتات تمرد داخلى يقوم به الخوارج أو تظاهرات فى مناطق ضمن أفاق دولة الخلافة مثل ثورة يوسف العوام في خراسان أو تلك المتاعب التى يحركها فلول الأمويين وكذلك مناوشات فكرية يتناوش بها رؤساء وأتباع المذاهب مثل المعتزلة والمرجئة والخوارج والاباضية ، وتؤكد وثائق تاريخية أن المهدي رغم حزمه بضبط شطط وجنوح أعضاء فى تلك الفرق فإنه قرر فك اشتباك ما بين هذه المذاهب وما نسميه نحن منذ ٨٠ عاما _ التقريب بين المذاهب _ لكن الأمل كبير والطموحات أضعف من الواقع فلم تنغرس البذرة فى أرض الفكرة ولم تهتز التربة وما ربت فتوقفت فكرة الصلح بين المذاهب عند عتبة رأسها ،ومما روي عن المهدي ما ذكره السيوطي الذي جمع بعض الإجازات التى رواها المهدي ( قال منصور بن مزاحم ومحمد بن يحيى بن حمزة قال : صلي بنا المهدي المغرب فجهر ببسم الله الرحمن الرحيم فقلت للمهدي نأثره عنك قال : نعم ) وعلق الذهبي قائلا : هذا الإسناد متصل

كان المهدي يستمع إلى زينب بنت فينقل عنها وتسمع له فتقره أو تصحح هذه العلاقة جعلت بينهما رباط حب للعلم خاصة الحديث النبوي ،تحتفظ كتب التاريخ للمهدي أنه قال في إحدي خطبه لصلاة الجمعة : ( إن الله أمركم بأمر بدأ فيه بنفسه وثني بملائكته فقال [ إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين ءامنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ] آثره بها من بين الرسل ،إذ خصكم بها من بين الأمم )

وكانت زينب بنت سليمان حاضرة داخل فضاء هذه الحوادث بالقرب منها أو على أطرافها لكن المؤكد أن المهدي كان يستشيرها ويأخذ برأيها

كما كانت زينب حوارية الخيزران زوج الخليفة المهدي لقاءات كثيرة جمعتهما فى قصر الخلد ببغداد وأحيانا في مقر _ السلامة _ والجواري كن يلتففن حول الخيزران وزينب بل تعلمت بعض الجواري اللغة والأدب وعلوم الدين من زينب والخيزران وجلستاهما بما يشبه الصالونات الأدبية من بين تلك الجواري شكل الفارسيةومكنونة المروانية وبختيار الفارسية بنت استاذ سيس واختها _ مراجل _ التي سيتزوجها هارون الرشيد بن المهدي فيما بعد فى زمن آخر وستنجب له ابنه المأمون ٠

٠٠ كانت زينب يوما ما عند الخيزران فدخلت أمرأة محمد بن مروان آخر خليفة الأمبراطورية الأموية تدعى _ مزنة ” التي دار بها الحال فوقعت فى عيشة ضنكا بعد زوال حكم الأمويين ، تروي زينب بنت سليمان ٠٠ سمعت من تطلب الاذن للدخول على الخيزران فقلت : من ؟ قالت مزنة زوجة مروان. بن محمد , ، و كنت متكئة فاستويت جالسة فقلت مزنة ما أتاك ؟ فلا حيا الله ولا قرب والحمد لله الذي أزال نعمتك وهتك سترك وأذلك ،تذكرين ياعدوة الله حين أتاك عجائز اهل بيتى يسألنك أن تكلمي صاحبك فى الاذن فى دفن إبراهيم بن محمد فوثبت عليهن أسمعتهن ما أسمعت وأمرت باخراجهن فاخرجن على الحالة التى اخرجن عليها فقالت مزنة : والله إني لقد فعلت بنساء أهل بيتك ما فعلت فاسلمني الله إليك ذليله جائعة عريانة فكان هذا مقدار شكرك الله على ما أولاك فى ، ثم انصرفت فقالت الخيزران لزينب : ليس هذا لك على استأذنت وإلي قصدت ٠

وقال لي الخليفة المهدى وقد وقف مغضبا فى وجهي : يازينب : الله الله ! هذا مقدار شكرك لله على نعمته وقد أ مكنك من مثل هذه المرأة علي هذه الحالة التى هي عليها ؟ فوالله لولا محلك من قلبي لحلفت ألا أكلمك أبدا فقلت : قد اعتذرت إليها فرضيت ، وأمر لها المهدي بألف بدرة ، وقال لمزنة : والله ما سررت منذ دهري سريري اليوم بمكانك وأنا أخوك ومن يوجب حقك فلا تدعى حاجة إلا سألتها وتقول زينب : فلما انصرفت مزنة أتبعتها بما ملئ به داري ٠

عندما توفت _ بانوكة _ بنت الخيزران والمهدي بكت عليها كثيرا الخيزران أخذها حزنها إلي شبه حالة اكتئاب ،فلزمتها زينب بنت سليمان حتى سرت عنها واسمعتها قصيدة رثاء قالها الشاعر سلم الخاسر توفى ٧٨٣ ميلادية

أودي ببانوكة ريب الزمان

مؤنسة المهدى والخيزران

بكت لك الأرض وسكانها

فى كل أفق بين انس وجان

كان لزينب التأثير الكبير فى الخليفة المأمون ، وكان المأمون يفضل زينب وعلمها عن باقى مؤدبينه فرغم وجود العالم اللغوي يحيى بن المبارك اليزيدي على رأس معلمي المأمون مثل العالم اللغوي الكسائي وهيثم بن بشير وعباد بن العوام كما روي المأمون الحديث النبوي عن زينب بنت سليمان وعندما أثير زواج ” المتعة ” أحرام أم حلال ؟ اخذ المأمون برأي زينب بنت سليمان ويحيى بن أكثم فقضي بتحريم زواج المتعة ،فثقافة المأمون حصل منها جزءًا كبيرا من تلقين زينب له رغم بلوغها من سن الكبر عتيا ،أثنى الشعراء على ثقافة المأمون فقال يحيى اليزيدي :

إذا ما علا المأمون أعواد منبر

فليس له في العالمين ضريب

والشئ الذي لابد أن نذكره ونحن نتحدث عن مآثر زينب وذكرها ٠٠ أن فتنة _ خلق القرأن _ التى أثيرت فى عصر المأمون ونفخ هو فيه بروح سلطته فى الحكم وتبني رأي القائلين بخلق القرأن بل أجبر ثلة من علماءعصره بالقول بخلق القرآن وعذب علماء لهم اسم طويل وقامة علمية عظيمة مثل أحمد بن حنبل والإمام البويطي العالم المصري ابن قرية بويط التابعة لبنى سويف كما اضطهد علماء بسبب فتنة خلق القرآن فتنة نشأت بإختلاف بين مدرسة النقل التى مثلها الأشاعرة وبين مدرسة العقل التى يمثلها مذهب المعتزلة ويذكر أساتذة الفلسفة السياسية أن المأمون لجأ إلى رأي المعتزلة ليس حبا فى المعتزلة بل كان من أجل تبرير _ الملك العضوض _ أو الحكم المطلق ،ربما هذا صح لكن لاتعضده أدلة تم ضبطها وهي تفر من نياط قلب المأمون وتقف علي لسانه ،فالمأمون كان منفتحا على الثقافات الأجنبية خاصة الفلسفة ولولا ضوابط زينب بنت سليمان لشط المأمون وربما جنح لما هو أكبر فى الفكر فقربه من المعتزلة لميله إلى مدرسة العقل ، وعندما قامت فتنة خلق القرأن كانت زينب متغيبة ليس بعيدا عنه بالديار ؛ بل بعيدا عنه ببرزخ بين الأحياء والأموات ،فقد ماتت زينب ٢١٣ هجرية بينما فتنة خلق القرآن حدثت قبل وفاة المأمون بعام أي ٢١٧ ومات المأمون ٢١٨ ، فعندما تغيب الضوابط وتنحل عقد تماسك الروابط و تنفك الكوابح تحدث المشاكل ،كما حدث عندما غيبت الوفاة زينب بنت سليمان بن على بن عبد الله بن عباس ، فترجل المأمون سقوطا فى غياهب حياة الموات الفكري ٠٠ رضي الله عن زينب الراوية الحافظة الثقة ، دور فى الدولة بلا منصب ، ومنصب فى الدولة بلا دور ، لكن دور ها المهم ، كان في دولة الحديث وكفي به دورا للدين والدنيا ٠

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق