أقلام حرّة
معرض الكتاب في بلاد العرب أصبح للأكل ولا عزاء للكتب

كتب :دكتور رضا محمد طه
بمناسبة معرض الشارقة للكتاب غداً في الفترة من 2-13 نوفمبر الحالي تذكرت ما كتبه الصديق الدكتور طارق قابيل علي موقع التواصل فيس بوك صفحة العالم المصري حيث كتب “لو أننا نحرص علي إطعام عقولنا كما نُطعم بطوننا لما بقي فينا جاهل، ففي معرض الكتاب في أحد الدول العربية تم بيع 3500 همبورجر و2000 سندويتش شاورما و15000 ألف كيس شيبسي و6000 زجاجة كولا و2000 فنجان قهوة و16 كتاب”. حقاً إنها لمآساة وذروة الكوميديا أن يقام معرض للكتاب وبالتأكيد أعلن عنه قبل إفتتاحه بفترة كبيرة وجاءت إليه دور النشر من كافة الدول العربية تعرض ما لديها من كتب كثير منها نشر حديثاً ثم تكون النتيجة حصيلة بيع بهذا التدني الرهيب، ويستدعي إعادة النظر في ضعف إقبال الناس والشباب بالأخص علي القراءة وحرصهم علي الثقافة بما يعد مؤشر خطير علي تراجع العقول والهشاشة العلمية والثقافية والأخلاقية كذلك والتي أصابت المجتمعات العربية بما يكون لها تداعيات وعواقب أن نبقي للأسف “محلك سر” في ذيل الأمم من ناحية التقدم والإزدهار.
الاكثر مدعاة للإندهاش هو الإقبال الكبير علي دخول تلك المعارض، والنية ليست للكتب وإنما للمأكل والمشرب خاصة أن معارض الكتاب أصبح فرصة كبيرة للمستثمرين في البطون وهذه طاهرة أضيفت حديثاً لمعارض الكتب، فنجد مطاعم معروفة تقدم وجبات سريعة وماكولات جاهزة ومعها التحابيش التي تجذب الشباب والصغار، فأصبحت موضة زيارة المعارض بحجة الإطلاع علي تنوع كبير من المؤلفات والكتب بمختلف فروعها الفكرية والأدبية والعلمية وأخري في خداع للنفس واضح، حيث وبمجرد ان يدخلوا ساحة المعرض يتجهون للمطاعم ذات الأسماء العالمية والمحلية في زحام كبير للحصول علي ما يملأ بطونهم ويضيعون الوقت فيها وقد لا يأتي علي بالهم زيارة أي من الصالات التي تعرض فيها الكتب ويعودون لأهاليهم يتحدثون عن المعرض وجماله وما حدث فيه من وجود أسماء لمطاعم وكافيهات كانت غير موجودة في العام الماضي.
يتحمل الأعلام وخاصة الفضائيات مسئولية كبيرة عما وصل إليه شبابنا في عزوفهم عن القراءة والثقافة والسبب تركيزهم علي التفاهات والمثير من أخبار من قبيل زواج وطلاق فلان وعلان…إلخ ناهيك عن برامج للرغي والطنطنة الفارغة لا تسمن ولا تغني من جوع بل مضيعة وإهدار للوقت، يتصدر تقديمها أشخاص غالبيتهم غير أكفاء وجاءت بهم الوساطة والمحسوبية أو الصدفة لهذا المكان. وأكبر الظن لو أن أشد اعدائنا نحن العرب لن يستطيع أن يحقق ما حققه الأشخاص الذين يديرون وسائل الأعلام من تجريف وتسطيع لعقول شبابنا بهذه الدرجة المؤسفة.
قال تعالي في سورة العلق “اقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الإنسان من علق، اقرأ وربك الأكرم، الذي علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم”. وقد أجمع معظم المفسرين على أنها أول ما نزل على رسول الله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم النبي الأمي، نزل بها الملاك جبريل عليه السلام، لذا فهي أول آية، وأول كلمة، وأول أمر، وأول تكليف قبل أي تكليف آخر بأن نقرأ. بما يؤكد أن كلمة «اقرأ»، وهي البداية بل الأمر للرسول ولنا جميعا لكي نستنير ويصبح طريق الهدي والصلاح والفلاح أبلج أمامنا وكما أنهاتضع للإنسانية كلها الأساس المتين لمنهاج الطريق في حياتها على الأرض، ولكي يمحو الله به أمية الإنسانية