أقلام حرّة

مزاجك في غذاءك 

 

يرتبط النظام الغذائي للأشخاص بصحتهم النفسية والعصبية واصبح في الآونة الأخيرة في طليعة الأبحاث الطبية حيث يناقش الخبراء إيجابيات وسلبيات استخدام التدخلات الغذائية لعلاج حالات الطبية المختلفة او حتي الوقاية منها. علي سبيل المثال وجدت دراسة أجرتها جامعة التكنولوجيا في سيدني في 2022 ان التنوع في الغذاء والتحول الي النظام الغذائي للبحر المتوسط والغني بالفواكه والخضروات الطازجة والاسماك والحبوب الكاملة يؤدي إلي تحسين أعراض الإكتئاب في الرجال تتراوح اعمارهم بين 18 و25 عاما.

وفي دراسة نشرت ديسمبر 2022 في مجلة نيتشر كوميونيكاشنز وجدت علاقة بين ما يتناوله الشخص من غذاء يؤثر بشكل كبير علي ميكروبات الأمعاء والتي تتأثر ايجابيا بتنوع الغذاء بحيث يحتوي علي ألياف والبريبيوتك والبروبيوتك ومن ثم تفرز مواد تنشط الاشارات العصبية واشارات مختلفة في الدماغ وتشارك في تركيب بعض الناقلات العصبية والرسائل الكيميائية اهم هذه المواد الكيميائية الاحماض الدهنية قصيرة السلسلة والجلوتامات والبوتيرات butyrate والسيروتينين وحمض جاما الاميني البيوتيريك GABA والتي تحافظ علي سلامة طبقة الخلايا الطلائية في الامعاء مما يؤدي بعد ذلك الي تحسين المزاج والتخفيف من أعراض القلق والاكتئاب.

ويري الباحثون ان اتباع نظام غذائي متوازن ومتنوع يساعد في الحفاظ علي التوازن البكتيري في الأمعاء وبالتالي منع ما يسمي بمتلازمة فقدان التوازن “ديسبيوسيس او ديسباقتريوز وما يترتب عليها من مشاكل صحية. كما ان أحد الظواهر التي تتوسط في تأثير النظام الغذائي وبكتريا الأمعاء (ميكروبيوم) علي الصحة العقلية هو “الالتهاب” حيث يمكن أن يساهم في العديد من المشكلات الصحية بما في ذلك أمراض القلب والاوعية الدموية ويخفض من الأداء المعرفي وقد يحفز السرطان، لذا ومن خلال ابحاث عديدة كشفت نتائجها ان الالتهاب يؤثر على الناقلات العصبية مثل الدوبامين مما يساهم في أعراض الإكتئاب مثل الافتقار الي الحافز، هذا إضافة إلي أن الكثير من حالات الالتهاب قد تعاني من حالة مرضية مصاحبة مثل مرض السكر وارتفاع ضغط الدم او مرض اخر يسبب إلتهاب بما يؤدي إلي تفاقم الإكتئاب. كما أكدت الأبحاث كذلك علي ان الالتهاب يمكن أن يكون ناجما عن نظام غذائي سيء او متلازمة الأمعاء المتسربة او حتي التعرض المزمن للضغوطات اليومية. وقد أكدت دراسة جديدة نشرت مؤخرا في مجلة “العلوم العصبية والمراجعات السلوكية” علي ان تناول المزيد من الأطعمة المخمرة (ملفوف مخلل والكيمتشي والكفير والزبادي وتيمبي tempeh) تساعد في تحسين الصحة العقلية.

الشيكولاتة الداكنة تعتبر كثيرة الفائدة نظرا لاحتواءها علي كميات كبيرة من المعادن الرئيسية مثل الحديد والمغنسيوم والزنك ومضادات الأكسدة بما يقاوم الإجهاد التأكسدي المفاقم للاكتئاب. لذلك ولتحسين المزاج ويفضل تجنب الأطعمة والمشروبات المصنعة والفائقة المعالجة بما تحتويه علي سكريات مضافة والتي تمثل خطر كبير علي الصحة وينصح الباحثون بتنويع الغذاء وإضافة المزيد من الأطعمة التي تحتوي علي البروبيوتك والاطعمة المخمرة مثل الزبادي والكيمشي والمزيد من الخضر الورقية والتي تزيد من التنوع البكتيري في الأمعاء إضافة إلي تناول المزيد من الأطعمة الغنية باوميجا 3 مثل الأسماك والجوز والتي تخفف من الالتهابات وتكافح أعراض الإكتئاب والتوتر والقلق.

دكتور رضا محمد طه

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق