أخبارالمميزةالنص الحلو
كان ياما كان …الحب مالى بيتنا
تقديم/د.أماني موسي
فقدان رفيق الحياة مصيبة لا يتحمّلها الكثيرون، وتشيخ القدرة على تحمل ألم الفراق مع التقدم فى العمر.
يمر الأشخاص الذين يعانون الأسى والحرمان بفترة من الحزن وفقدان الحس، وتقل هذه المشاعر تدريجيًا، ويكون في الإمكان قبول الفقدان والمضي قدمًا في الحياة.
بالنسبة إلى بعض الأشخاص، تنهكهم مشاعر الفقدان ولا يتحسنون حتى بمرور الوقت. وهذا يُعرف بالحزن المعقد، وأحيانًا يُسمى اضطراب الفقد المعقد والدائم. وفي الحزن المعقد، تكون المشاعر المؤلمة طويلة المدى وشديدة ويصعب التعافي من الشعور بالفقدان والاستمرار في الحياة.
يخاطبني ذلك الزوج بحزن شديد، ومرارة الفقد طاغية على حديثه وهو يجهش بالبكاء مرارا وتكرارا،
مر الوقت داخل السجن ثقيلا، فالانعزال عن العالم الخارجي، عن الحياة ،عن الأصدقاء والأهل، والمكوث داخل هذا المكان المغلق، يُساهم في ثقل الزمن وتوقف التفكير، الزمن في السجن ليس هو الزمن الذي اعتدناه خارجه، فهو يمضي ثقيلا كالكابوس، وهو لا يُحسب بالأيام والأسابيع، إنما بالساعة والدقيقة والثانية، الزيارات هي منفذ السجناء إلى العالم الخارجي، فيما وراء أسوار السجن وبواباته التي تغلق علينا وتمنع عنا جريان الزمن، إذ إنها تُمثِّل عتبة بين عالمين؛ عالم السجين، والعالم خارج السجن، فكيف عندما حرمت زيارة زوجتى والتى تلقيت خبر موتها ؟ كيف يمكن مرور الوقت، كيف كان شعورى بالوقت، ثم الزمن؟ كانت عزاءى في الداخل وحافزا لسرعة مرور الأيام والشيء الوحيد الممكن انتظاره في الداخل،كانت بعض خطابات زوجتى التي تصلني بمنزلة قُبلة الحياة التي تجعلني قادرا على التغلب على هذه الأيام وعلى محو مرارتها. كلما قرأتها كنت أتذكر اللحظات التي عشناها معا، لحظات الفرح ولحظات الألم، وتمنيت كثيرا أن تعود هذه الأيام. وكنت أنتظر موعد الجلسة حتى أراها . كنت أنسى ما أنا فيه عند رؤيتها. كانت الفرحة تغمرني كلما وجدتها بانتظاري وتفعل كل ما بوسعها لرؤيتي..
وعندما غادرت السجن وخرجت للحياة ،
لم يفارقني الحزن، حتى أنه اليوم اشتد علي كثيراً وكأنها توفيت الآن، وأنا أدعو الله لها بالرحمة وأزور قبرها كلما اشتقت لها، لي من الأولاد ثلاثة، وأنا مقبل على الزواج بمن تعينني على تربية أولادي، لكنني لا أشعر برغبة في الحياة، فلقد رحلت من كانت سندي وحبيبتي .
وما زال اكتئابي مستمرا، فإلى متى سيستمر هذا؟ ما زلت أتوقع منها أن تخرج من غرفتها يوميا.
حقيقة هل تتخيل معى أنه عشرون عاما من الزواج، تم نسج حياتى معها بشكل معقد، ولم افقد فقط الشخص الذي أحبه، ولكن كل ما حدث ، الذكريات المشتركة أصبحت الآن ـ للأسف ـ ملكى وحدى لأحملها.
دموعي تمنعني من مواصلة الكتابة، كيف أستمر في هذه الحياة؛ فلقد فقدت قلبي، إنني خائف من أن أكون على خطأ، وفي نفس الوقت أدعو الله أن يجبرني جبراً يليق بمصيبتي.
خائف إن تماديت في حزني واكتئابي فهذا فوق طاقتي، لا أستطيع التحكم بهذا الحزن، أعينوني بالأسباب التي ترضي ربي وتجبر كسري، وتخفف من حزني. يوجد شيء واحد يروعني وهو: ألا أكون جديرا بآلامي ،حيث ينبغي أن يكون هناك معنى للآلام والمعاناة، فالآلام والمعاناة جزء من الحياة، بل ويتعذر التخلص النهائي منها، شأنهما شأن حياة الإنسان ذاته، أما من يفقد حياته الداخلية فإنه “يفقد الثقة في المستقبل، بل قد حكم على نفسه بالفناء، ومع فقدان الثقة في المستقبل يفقد المرء تماسكه المعنوي، ويكون بذلك قد ترك نفسه للتدهور، وأصبح عرضة للانهيار العقلي والجسدى.