أقلام حرّة

الكرة منظومة من ورق .. ومصيرها الغرق !

كاتب صحفي..اسماعيل ابو الهيثم

 

أزعم أن السيد ايهاب جلال لم يسافر مع منتخب إلي مالاوي لمقابلة منتخب أثيوبيا في تصفيات بطولة أمم أفريقيا ٢٠٢٣ ، هو فقط كان هناك جسدا ، أما عقله وفكره كانا هنا في القاهرة لمتابعة ورصد ما تقوله السوشيال ميديا عنه . وما تبثه الاستديوهات عن عدم أحقيته لقيادة منتخب بحجم منتخب مصر .

 

بكل الصراحة كان صعبان عليا الرجل وهو واقف علي الخط جسدا ، يشاهد فريقه وهو بيتمزق دون أي رد فعل منه ، فقط يشاهد . وكأن دور المدرب هو التشكيل وفقط.، أما تشكيل التشكيل داخل الملعب لمجابهة التحديات التي تواجهه ، فكأنه سؤال جاء من خارج المقرر !! فكان مكتوف الأيدي ، قليلة الحيلة ، عديم الخبرة .

 

كان كا الغرقان الذي لم يحاول الإنقاذ ، ولكنه كان يفكر في المصير !

صدقوني كان صعبان علي ، ولسانه حاله يقول حسنة قليلة للفرقة العليلة احفظ بها ماء وجهي .

 

فضيحة : أقل كلمة ممكن أعبر بها عن نتيجة المباراة ، بل كارثة ، مش علشان الخسارة أبدا ، فقط من أجل البناء الهرمي للمنظومة الرياضية !

 

رحم الله الكابتن ابراهيم يوسف نجم غزل المحلة عندما دعاني للجلوس مع خبير برازيلي كان بصحبته بعد عودتهما من الدورة التدريبية التي نظمتها دولة البرازيل لمدربي فرق الناشئين الفائزين ببطولة مراحلهم السنية في أغلب دول العالم ، للوقوف علي مستويات هؤلاء الناشئين تسخبا لملاقاتهم فيما بعد في أي مناسبات !!

 

وكان الكابتن إبراهيم يوسف مدربا في ذلك الوقت في السعودية ، ونحن علي مائدة الغذاء في أحد فنادق القاهرة الكبري ، سألت الخبير البرازيلي عن السبب في احتلال البرازيل المركز الأول عالميا رغم ضعف الإمكانات المادية وضعف الدوري البرازيلي قياسا بمثيله في إيطاليا أو ألمانيا أو أسبانيا أو فرنسا أو الدوري الإنجليزي الأشهر والأكبر ؟

قال الرجل البطولات إمكانات ، أما الصناعة فعقول ، فنحن نعتبر الرياضة صناعة بل أهم الصناعات التي نعتمد عليها ، لذا اعطيناها الكثير من الإهتمامات علي كافة المستويات ، ومن كافة المسؤولين .

 

: فمثلا لا يعمل في حقل المنظومة الرياضية إلا أصحاب الخبرات والمؤهلين للتطوير ، بدابة من رئيس إتحاد الكرة حتي المسؤليين عن قص نجيلة الملاعب ، لابد أن يكون كل واحد خبرة في تخصصه ، فلو أن الرجل المسؤول عن قص النجيلة لم يكن لاعبا سابقا لما عرف أي طول يعوق الكرة من ناحية السرعة والبطيء والارتطام ، والمصور التلفزيوني ولو لم يكن لاعبا سابقا ، لأخذ الكادر بطريقة توحي للمشاهد عكس الحقيقة ، فيثار ويعترض ويسود المدرجات الهرج والمرج ، وكذلك الكاتب الصحفي الذي ينقل أحداث المباريات لابد أن يكون لاعبا سابقا ، والمصور الصحفي نفس الشيء ومحلل الاستديو مثله ، وأخصائي التأهيل والإداري كذلك ، ومشرفي الناشئين في الأندية أيضا ، ورؤساء الأندية والحكام كلهم لاعبين سابقين وأهل تخصص . من هنا بنينا منظومة متكاملة من أهل الخبرة والاختصاص ولها أن تستعين ممن تراهم أهل للإسهام في الممظومة بفاعلية تكون واضحة للعيان ، بحيث إنك لا تتسائل عن دور أي إنسان في أي موقع ، لانه يكون واضحاً للعيان !

 

وعندما سألته عن ماهية الدورة التدريبية التي حضرها الكابتن ابراهيم يوسف ؟

 

قال: كانت مخصصة في تنمية قدرة الكوتش علي التعامل مع النتائج ، وعن كيفية إدارته للجهاز المساعد له والدكة أثناء المباراة ، فكنا نكلف أحد المدربين في شوط من أشواط المباريات التعليمية ، بدور مساعد مدرب وندون كام مرة يقوم يتوجيه اللاعبين دون إذن من الكوتش ، والعكس حال كونه كوتش، كام مرة مساعده قام ووجه اللاعبين دون أمر منه للمساعد ؟، ثم ماذا فعل أثناء تأخر فريقه بهدف أو هدفين ، ماذا فعل لمجابهة هذا التأخر من العناصر الموجودة داخل الملعب أو الموجودة علي الدكة معه ، ثم نقيم هل فعلا اختار الحلول المناسبة لهذا التأخر ، أم ارتكن علي التأخر والإمكانات !؟

 

وأضاف الخبير وانا مستمتع واسجل ، أن أعظم الفرق قد يواجهها في فترة من المباريات سوء حظ أو عدم توفيق فتتأخر بهدف أو هدفين أو حتي ثلاثة أهداف ، ولكن الخبرة والمهارة التدريبة للمدرب تكون لها كلمة في تغيير الموقف أو معادلته عن طريق الكياسة التدريبية .

 

أما الاستسلام للواقع والإدعاء بأنه لم يكن في الإمكان غير مكان ، فهذا غير موجود في عالم التدريب !!

فكل مدرب يسأل عما فعل لمجابهة الأمر الطارئ ، وليس عن النتيجة ، فقد يخسر مدرب مباراة وهو في القمة من النضج الفني ، ولكن الظروف عاكسته !

 

وإذا حاولنا إسقاط هذا القول علي واقعنا ، فسنصل إلي درجة من الأسف تجعلنا نصرخ من الكسوف !

 

المنظومة الرياضية جلها منذ زمن بعيد تأتي المسؤلية إما محاباة أو بالتربيطات الانتخابية التي افقدت الوطن الكثير من الكفاءات ، فمعظم أعضاء الجبلاية رجال أعمال ، لم يمارسوا الكورة وبعضهم لم يشاهدها ومنهم من لا يعرف قوانينها !!

 

الجميع يعتبرها محطة من محطات التأهيل الاجتماعي ، يخرج بعدها العضو إلي مكان أعلي وموقع أغني ، دون أي خبرة لا في الأولي ولا في الثانية ، فتكون النتيجة من ذات العمل ، إختيار فاشل وإدارة بالمحاباة والمجاملة ، ونحن ندفع الثمن من صحتنا ومن اعمارنا ، والغريب والعجيب أن هناك جيوش من العاملين الذين يخدمون هذا القطاع الفاشل ، من صحفين واعلامبن ينفق المليارات ، علي عمل واهي !!

 

فالادارة الغير مؤهلة تنتج قرارات خاطئة والقرارات الخاطئة تنتج نتائج خايبة ، تصيب الاقتصاد والأعصاب علي السواء !

 

الحقيقية التي لا تقبل الشك : أن منظومتنا الرياضية قوراب من ورق تبحر في بحر لجي كل القوارب المبحرة فيه علي درجة من التقنية والمهنية والحرفية يجعلها قادرة علي الوصول إلي شواطيء الأحلام والأمنيات دون تعرضها للغرق ، أما قوربنا الورقية لا تتحمل الأمواج والأعاصير وتقلبات الرياح فيكون مصيرها الغرق !

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق