المميزةالنص الحلو

الشخصية الحشرية

 

 

 

تقديم د. أمانى موسى

 

 

حياتنا وتصرفاتنا وتحركاتنا ؛ أصبحت مادة خصبة لأحاديث الناس.. وياليت الأمر ينتهي عند الدردشة بل نتجاوزها إلى غيبة ونميمة وتقييم واطلاق الأحكام .

وبالرغم من أننا أكثر أمة تملك آيات وأحاديث تحث على عدم التدخل في شؤون الآخرين..وأن ديننا الإسلامي يمنعنا من التدخل في حياة الناس ومعتقداتهم والحكم على نواياهم وأفكارهم ،الا أننا من أكثر الشعوب تدخلا فى خصوصيات الآخرين .

 

هذا النمط من الشخصيات تجدهم في كل مكان

في عملك، في بيتك ،في الشارع، في أي مكان، لايهدأ لهم بالا ولا يستكين لهم حالا حتى يكتشفوا خبايا وأسرار الشخص الذى يجلسون معه ، ودائما ما تكون نظراتهم مليئة بالفضول، حتى يكسروا الحاجز النفسي الذي بينهم .

 

تجد أن عندهم جرأة لإلقاء اسئلة شخصية بدون سابق معرفة!!

 

يحبون معرفة كل شيء بدون حدود سواء هذا الأمر يخصهم أم لا؟!

 

فجأة وأنت تقرأ الجريدة تجد أحدهم يدخل رأسه ويقرأ ماأنت تقرأ،

 

أو تجد نفسك تتحدث في الهاتف وفجأة يسألك عن مادار بينكما،

 

أو أنك تتصفح النت وتتفاجأ بأن شخص يقف خلفك ينظر ماذا تفعل!! يسألك عن تفاصيل ليست من حقه واسئلته كثيرة وفي أمور خاصة،

 

يعتبر نفسه مهم بالنسبة لك،يحفظ كل المعلومات التي تخصك أكثر منك،

 

ومن شدة فضوله تشعر بأنك تستجوب لدواعي مخابراتية حينما تواجهه،

 

فهو يبتكر من كل سؤال عشرة اسئلة،

ولا يخجل من طرح المزيد من الأسئلة على الأشخاص، فهو يسأل كيف، وماذا، وأين، ولماذا بهدف فهم الأمور بشكل أعمق.

 

يدقق النظر في طريقة تناولك للطعام( ماذا تأكل وكيف ومن أين اشتريته وبأي ثمن).

تجد جارك في نافذة الشباك ليتعرف على مواعيد رجوعك ومواعيد نزولك وماذا تحمل في يدك من أشياء ومن آخر من قام بزيارتك من الأقارب والمعارف.

تجده يسألك أسئلة شخصية مثل( هنفرح بك امتى ،مفيش حاجة جاية فى الطريق ،وزنك اد ايه، عندك كم سنة ، بتقبض كم ،وغيرها من الأسئلة).

تجدهم في النهاية ينظرون بفضول لحياتك، متسائلين كيف حدث هذا؟، متى حدث؟، وغيرها من الأسئلة.

 

بعض الفضوليين لا يرتاح إلا إذا انشغل بمراقبة الناس، وتابع أخبارهم، وعرف أسرارهم، وكشف عيوبهم، ووثَّق حاضرهم ومستقبلهم؛ من أجل إلحاق الضرر بهم، والمفاخرة بذلك أمام الآخرين، وكان له السبق في معرفة كل جديد بشأنهم، وقد لا يُسمِي ذلك (فضولا)، بل يُسمِيه (حب استطلاع)، وأمثال هؤلاء تجدهم يعانون من نقص شخصي وفراغ فردي، فهو يبحث في مشكلات وأسرار الآخرين؛ ما يجعله مشغولا، وما يملي به فراغه ويرضي به نفسه، وقد ينتج ذلك من أمراض نفسية أخرى، كالحسد والشعور بالنقص وكراهية الآخرين، والرغبة في منع الخير عنهم وزعزعة الصلات بين أفراد المجتمع.

دائما ما نكثر الشكوى والملل الذى يصل إلى حد الضيق والغضب من تلك الشخصيات، واحياناً أخرى عندما يحضر الشخص الفضولى نبادر فى عجلة من أمرنا لمغادرة المكان ونتركه هرباً من سخافته وفضوله.

 

 

وللأسف الشديد لا يعرف معظمنا أن عدم التدخل في شؤون الآخرين من الحقوق الفردية التي كفلتها الشريعة الإسلامية..

وفي المقابل تعد الخصوصية واحترام الحريات الشخصية حـق بديهي في المجتمعات الغربية.. لا يخضع فيها الفرد للمراقبة ولا المتابعة ولا التلصص ولا يتدخل أحد في شؤونه الخاصة. أصبح عدم التدخل من المظاهر التي تثير استغرابنا حين نسافر إلى الخارج؛ وكأن العكس هو التصرف السليم!!

كل الآيات فى القرآن الكريم والأحاديث والنصوص ،تحولت اليوم إلى مواثيق دولية تكفلها الدول وجمعيات حقوق الانسان..

وأصبحت الخصوصية أحد الحقوق البديهية للمواطن في المجتمعات المدنية (بجانب الحق في العمل، والتنقل، والجنسية، والتعبير، والأمن، وممارسة شعائره الدينية)…

قال المصطفى صلى الله عليه وسلم: “لَا تُؤْذُوا الْمُسْلِمِينَ، ولا تُعَيِّرُوهُمْ، ولا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ، فإنه من تَتَبَّعَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ تَتَبَّعَ الله عَوْرَتَهُ، وَمَنْ تَتَبَّعَ الله عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ وَلَوْ في جَوْفِ رَحْلِهِ”.

 

 

من المؤكد أن الكثير منكم واجه هذه الشخصية،

 

أو يواجهها يوميا أو أنه سعيد الحظ ولم يتعرف عليها ولم تواجهه أبدا.

 

فهل ترون أن تصرفاته عادية أم أنها مزعجة؟

 

وماهي أسباب تصرفاته باعتقادكم؟

 

و كيف تتعاملوا مع مثل أصحاب هذه الشخصية الفضولية الحشرية؟

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق