النص الحلو

الرد على رسالة كان ياما كان ..الحب مالى بيتنا

 

تقدمه

د.أماني موسى

فقد الزوجة من أكثر التجارب المؤلمة التي قد يمر بها الزوج. شعور بشلل تام وكأن العالم توقف كليا من حوله .

وفاة من نحب صدمة كبيرة، تتسبب في تغيير كبير على حياتنا كلها، خاصة إذا كانت زوجتك هي الحبيبة والصديقة . قد تشعر بأنك عالق في أحزانك، وتائه، وغير قادر على اتخاذ حتى أبسط القرارات. وفكرة أنك يجب أن تصل إلى (القبول بالواقع) قد تجعلك تشعر بسوء وتخاطب نفسك (يجب أن أتجاوز هذا الآن)؛ (لا أعرف لماذا ما زلت أبكي في أوقات عشوائية، )؟ كيف يمكن أن تكون هنالك نقطة نهاية لعلاقتنا بعد كل هذه السنوات الطويلة؟

لكن يظل عليك أن تعرف أن الجروح تلتئم بمرور الوقت، وأن الآلام تقل وتُشفي وهذا لا يعني أن الأمر لن يترك ندبات على حياتك، ولكنك في النهاية سوف تكون قادرًا على مواصلة الحياة.

نجد أن المرأة لديها القدرة على الكلام لإزاحة الهموم، ولديها الكثير من المجموعات من الأصدقاء والأقارب لتفريغ العواطف السلبية، وهو ما يخفف كثيرا من وطأة الحزن، على عكس الرجل الذي يشعر بالوحدة القاتلة ولا يتحدث.

*الأخ الفاضل صاحب الرسالة*:

أولاً: عظَّم الله أجرك في مصيبتك، وجَبَرك بما يُعوضك عن زوجتك، ورحمها رحمةً واسعة.

-يوجد مجموعة من المراحل سوف تمر بها. على الرغم من أن كل الأفراد لا يُشترط أن يمروا بنفس هذه المراحل، ويختلف كل فرد في ترتيب مروره بها كذلك، إلا أنك بنسبة كبيرة سوف تمر بمجموعة من مشاعر الرفض، والغضب، والاستياء، والشوق للمفقود، والمعاناة، والحزن، وفي النهاية تقبل الأمر الواقع.

*اسمح لنفسك بالحزن*:

قد تشعر بالارتباك والضياع بعد وفاة زوجتك، فقد فقدت جزءًا من نفسك. من الضروري أن تعيش فترة الحداد والحزن بصورة صحية وتعبر عن أفكارك ومشاعرك. فهذه هي جزء أساسي من عملية التئام الجرح.

*انتبه إلى ما تشعر به عند استرجاع الذكريات* الجميلة مع زوجتك. هل الذكريات الدافئة والطيبة بينك وبين زوجتك تمنحك شعورًا بالارتياح والسعادة؟ أم أنها تصيبك بحالة من الفراغ النفسي والشعور الحاد بفقدانك لها للدرجة التي تجعلها مصحوبة بألم غير قابل للعلاج؟ إذا كنت تعاني من الأمر الثاني، فقد يكون ذلك إشارة على أنك مصاب بالاكتئاب.

 

*التفرقة بين الحزن والاكتئاب* قد يبدو أن حالة الحزن على الوفاة والاكتئاب متشابهين للغاية، ولكن يوجد فرق بينهما ومن الضروري أن يكون لديك القدرة على التميز بينهما؛ بحيث إذا تحول حزنك إلى حالة اكتئاب، عليك التواصل مع طبيب متخصص في الحال.

أثناء الحزن على وفاة أحد الأشخاص، قد تعاني من الأعراض التالية: الحزن، واليأس، وحالة الحداد، والتعب وانخفاض الطاقة، والرغبة في البكاء، وفقدان الشهية، وقلة النوم، وقلة التركيز، والاسترجاع الحاد للذكريات السعيدة والحزينة بينكما، و الاحساس الخفيف بالذنب.

في حالات الاكتئاب، سوف تعاني من نفس أعراض الحزن، لكن بالإضافة للتالي: مشاعر الفراغ أو انعدام القيمة، والعجز الشديد، والشعور الحاد بالذنب، والأفكار الانتحارية، وفقدان الاهتمام بممارسة أي نشاط ممتع، والتعب الشديد، وربما يصل الأمر لفقدان حاد في الوزن.

في بعض الأوقات تحتاج للبكاء، وللدخول في رحم المعاناة، من أجل القدرة فيما بعد على العبور للجانب الآخر. سوف يأتي عليك الوقت الذي تكون فيه مستعدًا على التعبير الفعَال عن مشاعر حزنك بهدف القدرة على معالجة الأمر، والمضي قدمًا في حياتك الجديدة.

*تؤثر وفاة الزوجة على عقلك وقلبك وروحك*. قد تشعر بالارتباك والتشتت والخوف والشعور بالذنب والراحة والغضب وغيرها من المشاعر. لا تشعر بالاكتئاب إذا شعرت فجأة بفترات من الألم أو الحزن التي تظهر بشكل مفاجئ. من خلال السماح لنفسك بالتعلم من هذه المشاعر والانفعالات، ستساعد نفسك على التعافي.

 

*تقلق من أنك سوف تنسى زوجتك*, لقد أحببت زوجتك بالقدر الكافي الذي جعلك تظل معها حتى النهاية. سوف تتذكرها في الكثير من الأحيان. اشعر بالارتياح لفكرة أن الذكريات المشتركة بينكما سوف تظل في عقلك، وسوف تستعيدها في أي وقت ترغب أو تحتاج فيه لذلك. من جهة أخرى واصل حياتك، وكن منشغلًا بكل الأحداث الآنية والحاضرة؛ سوف يجدي ذلك الكثير من النفع في رحلتك صبو تحقيق الاستقرار العاطفي والشفاء من ألم الخسارة.

*لا تفكر* في أنك إذا انشغلت بحياتك سوف تنسى زوجتك، أو أنك تقلل من الاحترام لها. الحياة تتطلب منك الانتباه والعمل الجاد. من الطبيعي أن تنشغل بتفاصيل الحياة اليومية، ولا يعتبر ذلك إشارة على عدم اكتراثك لخسارتك، أو أن موت الزوجة لم يترك عليك أي أثر.

 

*النقطة الأبرز والأهم*، أن تجاهد من أجل الشعور بالسعادة والرضا. من الممكن أن تصبح أحلامك حقيقية والمساعدة في ملء فراغ حياتك. سوف تقابل أفراد جدد، وسوف تدرك أن الحياة مازال من الممكن أن تكون مثيرة وطيبة حتى بعد ما تعرضت له من خسارة.كن على علم أنك لست وحيدًا. لا تسمح لمشاعر الوحدة أن تسيطر عليك.

 

*الصبر والاحتساب والرضا بقضاء الله*، بل وتجديده بالذكر والدعاء وهي من أعظم الأمور المعينة عند فقد الأحبة. ومع ذلك، أحيانًا في ألمنا، نحن مقتنعون بأن عذاب أو حزن الفقد سيستمر إلى الأبد. ومهما يكن حتى مع الخسارة الفادحة ـ مثل خسارة الزوج أو الزوجة ـ لدينا جميعًا نوع من نظام المناعة النفسي ـ إن صح لي التعبير. فمثلما يساعد نظام المناعة الفسيولوجي أجسامنا على التعافي من الهجوم الجسدي، فإن أدمغتنا تساعدنا على تحمُّل أي هجوم نفسي. لا سيَّما وأن عددا من الدراسات وجد أنه في الاستجابة لأحداث الحياة الصعبة، من المدمِّرة منها كفقدان أحد الأحباء، إلى الصعب أيضا كالطلاق والمرض على سبيل المثال، يبلي الناس بشكل أفضل مما كانوا يتوقعون. ألست معي أنهم يعتقدون أنهم لن يضحكوا مرة أخرى، لكنهم يفعلون ذلك. ويعتقدون أنهم لن يحبوا مرة أخرى أبدًا، لكنهم يحبون، بل ويذهبون للشراء ويرقصون في حفلات الزفاف مرة أخرى، وترجع حياتهم اليومية بعد فترة ما من الزمن!

بالطبع في أي ذكرى لك مع زوجتك سيكون هناك دائمًا ألم، وقد يغرقك وجود ذكرى عابرة في اليأس المؤقت وهذه حقيقة لأننا بشر. ولكن الأهم أن ما سيساعدك في هذه الأثناء هو القيام بشيء ما بشأن وحدتك. فالاتصال والتواصل ـ على سبيل المثال ـ هي طريقة أكثر فعالية لملء هذا الفراغ. ومما لا شك فيه ـ فقد ترك غياب زوجتك فراغا كبيرا لك، وبالتالي أي شيء يمكنك القيام به لخلق لحظات من التواصل، سواء من خلال زيارة أحد الجيران، أو مشاركة وجبة مع صديق أو أبنائك، وكذلك التواصل مع أخصائي نفسي، وربما هكذا التركيز على القيام بأشياء تشعرك بالرضا الشخصي أو ذات مغزى، سيبدأ بكل تأكيد وبشكل تدريجي في سدِّ هذه الفجوة.

*ختامًا*،

الحزن وذكرى الفقيدة سيكون حاضرا، ولعلَّ الانخراط شيئًا فشيئًا والتبديل بشكل ما بين ماضيك ومستقبلك سيساعدك على الاستمرار بالحياة.

تبدأ عملية التعافي عندما تستطيع مشاركة حزنك مع الآخرين. اسمح لنفسك بالتحدث مع المقربين منك، أو مع مختص نفسي عن الوفاة ومشاعر الفقدان والوحدة والأشياء الخاصة التي تشتاق إليها في زوجتك.

تواصل مع الأشخاص الذين يهتمون بك والذين يستعدون لأن يكونوا معك خلال فترة الحزن. ابحث عن مجموعة دعم قد ترغب في الانضمام إليها. تجنب التعامل مع الأشخاص الذين ينتقدونك أو يحكمون عليك، أو الذين يرغبون في إعطائك نصائح. لديك الحق في التعبير عن حزنك، ولديك أيضًا الحق في عدم المشاركة.

 

العديد من الأفراد يعانون من خسارات عظيمة على مدار حياتهم، ولكن بعد بعض الوقت، يكونون مازالوا قادرين على عيش حياة كريمة وطيبة وذات معني، وأنت بدورك قادر على نفس الأمر. المضي قدمًا في الحياة هو القيمة والهدف الأسمى الذي يجب أن تضعه نصب عينيك مع بداية كل يوم جديد.فقدانك لزوجتك هو أمر خاص بينك وبينها، وليس من حق أي شخص أن يفرض عليك شكلًا للحزن. لا توجد إجابة وحيدة صحيحة أو خاطئة حول كمية الوقت اللازم للمضي قدمًا في حياتك.

فنصيحتُنى لك أن تُسارع بالزواج، وأن تتخيّر المرأة المناسبة لك، والتي تتوخّى فيها وتظنّ أنها ستكون عونًا لك فى تربية ابنائك وسيجعل الله تعالى فيها مسْلاةً لك عن فراق زوجتك وعونًا لك على استكمال حياتك.

 

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يٌُقدّر لك الخير.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق