النص الحلو
الرد على رسالة…فتيات على أرصفة الأحلام

تقدمه:
د.أماني موسى
دائما ما نتحدث عن الحب باعتباره شعورا واحدا، رغم أنه في الحقيقة شعوران: أن تحب وأن تتلقى الحب.
منذ طفولتنا تعودنا أن نتلقى الحب من طرف الآباء والأمهات، نعي تماماً اهتمامهم بنا ورعايتهم لنا، ولكننا لا نعرف ما الذي يعانونه لتقديم هذه الرعاية والاهتمام.
قد ننتقدهم، ولا يلوموننا على انتقادنا لهم، لأنهم يعرفون أننا أطفال لا نعي تعقيدات الواقع.
يحبنا الآباء والأمهات ولا يتوقعون في المقابل تبادلاً للحب والرعاية، خاصة في صغرنا.
ولكن المشكلة أننا قد ننضج ونستمر في تصور الحب بهذه الطريقة، مجرد تلقٍ للحب. وعندما تتولد لدينا مشاعر الرغبة في دخول علاقة، نعتقد أن الحب يمضي بهذه الطريقة: أن نكون محبوبين.
لذلك حين نقدم على الزواج، علينا أن نتعلم أن الحب شعور متبادل فيه أخذ وعطاء، لذلك يمكن أن نتزوج حين نكون مستعدين لتقديم *الحب*،..
حين نكون جاهزين لـ *الإدارة*
كثيراً ما نتصور الحب من منطلق المشاعر الرومانسية وحدها، ولكن ما إن ندخل في علاقة زواج حتى نكتشف أن الأمر أشبه بإدارة شركة صغيرة.
الطبخ والتنظيف وإصلاح المرافق المنزلية وتنظيم الميزانية وتربية الاطفال ورعاية الاسرة لا تتمتع بهذا الوهج الذي تتمتع به المشاعر الرومانسية، لهذا قد يشعر أي شخص من الشريكين في خضم ممارسة هذه الأنشطة أن هذا ما لم يكن يريده من الزواج من الأساس.
الحس الرومانسي تجاه الزواج يؤكد دوما على أننا نسعى إلى الوصول إلى الشخص المناسب، شخص يشاركنا ذوقنا واهتماماتنا ومواقفنا من الحياة، وقد يصح هذا على المدى القصير، ولكن على مدار حقبة ممتدة من الزمن، تبدأ الاختلافات في الظهور.
*عزيزتى* :
علينا أن نتعلم أن الشخص المناسب لنا ليس الشخص الذي يشاركنا ذوقنا ومواقفنا في كل شيء، ولكن الشخص الذي يتفهم ويتقبل اختلافاتنا ويستطيع أن يتفاوض معها بشكل ذكي وحكيم.
أول ما نتخيله أو نتمناه من الشركاء هو أن يكونوا طيبين أو مرحين أو جذابين وغيرها من الصفات التي تبدو مباشرة، ولكنها لا تحمل معنى محدداً.
ولكن هل فكرنا في مقدار *جنونهم*؟
إن الناس الوحيدين الذين يمكن أن نشعر أنهم طبيعيون هم الناس البعيدون عنا، ولكن ما إن نقترب من أحد حتى تتجلى لنا الجوانب المجنونة فيه.
هذه ليست مسألة تخص الناس الآخرين، بل تخصنا أيضاً، نحن جميعاً لدينا قدر من الجنون، نحمل قدراً من عدم الاتزان وعدم النضج، لا نشعر بهذه التفاصيل جيداً لأن أحداً لا يشجعنا على معرفتها.
نحن أيضاً لسنا طبيعيين تماماً، ولكننا لا نعرف ذلك جيداً، وغالباً لا يشير لنا الأصدقاء إلى هذا الجانب، وفي العلاقات العابرة، ما إن يُظهر لنا الشريك هذا الجانب، حتى نلومه على أنه المخطئ، أو أنه لا يتقبلنا.
معظمنا يتصور أنه من السهل أن يعيش الناس معه ويعاشروه، ولكن على الأغلب هذا ليس صحيحاً، ولأننا لا نعرف أنفسنا جيداً، عادة لا نعرف من هو الشريك الذي نريده حقاً.
و لأننا لا نفهم الأشخاص الآخرين،
الناس الآخرون مثلنا تماماً، لا يعرفون أنفسهم جيداً، وبالتالي لا يستطيعون تحديد ما المشكلة فيهم، ونحن بدورنا سنتخذ وقتاً طويلاً معهم حتى نعرف ذلك.
لا تعتقد أنك بزيارة عائلتهم ومقابلة أصدقائهم ستعرفهم جيداً.
نحن نريد معرفة أعمق من ذلك، ربما في المستقبل سيخضع المقبلون على الزواج لاختبارات نفسية عميقة، ليفهم الشريكان بعضهما، ولكن في الوقت الحالي هذا غير متاح، وغالباً معظم ما نعرفه عن الآخرين نعرفه بما يظهرونه وما يبدون عليه
ندعى أننا نسعى إلى السعادة في العلاقات، ولكن ما نسعى إليه بحق هو *الألفة*
ربما لن تصدقى ذلك، لكننا قد نتجاهل علاقة مع بعض الأشخاص لأنهم متزنون جداً، وهذا الاتزان غريب عنا، ونفضل علاقة فيها كل المشكلات التي نشكو منها.
نحن لا نفضل هذه العلاقات لأن الشركاء فيها سيسعدوننا، ولكن لأنهم سيغضبوننا بطرق مألوفة..
نتصور أن الزواج يضمن السعادة التي نشعر بها حالياً مع الشريك،
ولكن الحقيقة أنه لا يوجد ضمان أن يستمر هذا الشعور المؤقت بالسعادة.
الزواج سينقلك إلى حالة أخرى، إلى شقة في عمارة، إلى طفلين، إلى شريك قد يبدو لك في لحظة ما أنه أسوأ عنصر في المعادلة.
نعلم جيداً أن الزواج مسألة ممتلئة بالتحديات، ولكننا لا نفكر في هذه التحديات في حالتنا. نشعر أن البؤس يخص الناس الآخرين، ولن يحدث لنا.
*عزيزتى* :
يعمينا الحب أحياناً، ونشعر أنه سيتجاوز وحده التحديات، خاصة أننا نشهد علاقات ناجحة أيضاً، ونشعر أن الحظ سيكون في صالحنا مثلهم، وليس مثل التعساء.
وعلينا أن نستوعب أن هذه الأخطاء موجودة لدى كل الناس، أي شخص ستدخل في علاقة معه لديه هذه الأخطاء، عليك أن تفكر.في سؤال: هل أنت قادر على التعامل مع هذه الأخطاء أو استيعابها أم لا؟
نتعلم الحب أثناء طفولتنا مثلما نتعلم العديد من الأشياء، وقد يكون الحب مختلطاً بأشكال أخرى من المشاعر: مثل أن تكون تحت الحماية المفرطة، أو تشعر بالهجر أو التجاهل، أو انعدام التواصل، أو أي شكل آخر من أشكال المعاناة.
بالتالي قد نرفض بعض المرشحين المتزنين الذين نقابلهم، ليس بسبب أن فيهم شيئاً خطأ، ولكن لأنهم متزنون جداً (ناضجون جداً ومتفهمون جداً وجديرون جداً بالثقة)، ولكن هذا يبدو غير مألوف وغريب بالنسبة لنا، لذلك نتجه إلى مرشحين ينجذب إليهم لاوعينا الذي تولَّد لدينا منذ الطفولة.
نتزوج الشخص الخطأ لأن الشخص المناسب يبدو خطأ، وكأننا لا نستحقه.
من الصعب اختيار شريك بشكل عقلاني وأنت وحيد، قد تكون الوحدة لدى معظمنا غير محتملة، لذلك نلجأ إلى أي فرصة من أجل خوض علاقة.
نشعر أن الزواج سيكون نقطة النهاية ، وأنه سيوقف كل محاولات البحث عن الحب التي خضناها. نعتقد أننا وجدنا في الشريك.حبنا النهائي الدائم، ولن نشغل بالنا بهذه المشاعر مجدداً.
ولكن الحقيقة أن الزواج لن يمنع هذه المشاعر، ستظل مشاعر الشك والأمل والخوف والرفض موجودة، هذه المشاعر التي نتصور أثناء وحدتنا أنها ستتلاشى فور الزواج.
*عزيزتى* :
تبدو التحديات كبيرة جداً، ولكن هذا لا يعني أن نتوقف عن الزواج، أو نحسب أننا سنخوض علاقة زواج فاشلة لا محالة، وإنما علينا أن نكون مستعدين للزواج بتوقعات منطقية.
علينا أن نتوقف عن التطلع إلى الكمال،
علينا الاعتراف بشكل عام أن الشخص الذي سنتزوجه لن يكون كاملاً أو خالياً من العيوب، وعلينا أن نكون واعين بهذه العيوب.
هل هو مزعج؟ صعب في التعامل؟ لا يفكر بمنطقية؟ لا يتعاطف معنا أو لا يفهمنا؟
وعليك أن نستوعبى أن هذه الأخطاء موجودة لدى كل الناس، أي شخص ستدخلى في علاقة معه لديه هذه الأخطاء، عليك أن تفكرى في سؤال: هل أنت قادرة على التعامل مع هذه الأخطاء أو استيعابها أم لا؟
لن يوجد زواج كامل، ولكن يوجد زواج جيد بما يكفي.
لذلك من المفيد أن توجد علاقات حب قبل الزواج، ليس للتجريب من أجل اختيار الشخص السليم، ولكن لأنها ستخبرك أنك لن تجد أبداً هذا الشخص الخالي من الأخطاء، وستعلمك عن مقدار الأخطاء التي ستكون قادرة على التسامح معها.
*عزيزتى*:
يبدأ الحب عندما نشعر أن أحدهم يفهمنا، بشكل عميق، يتفهمون الوحدة بداخلك،
ولكن عليك أن تستوعبى أن هذا التفاهم المشترك لن يستمر دوماً، وليس مضموناً في كل مجالات الحياة. في بعض الأوقات لن يفهمنا الشريك كلية.
دائماً نشعر أننا بخير، وإذا كان هناك مجانين في العالم، فهم ناس آخرون غيرنا.
ولكن جانب مهم من النضج يتلخص في أن تتفهمى مقدار حماقاتك الشخصية، عليك أن تستوعبي أن لديك أنت أيضاً قدراً من الجنون قبل الإقدام على الزواج.
*عزيزتى *:
*الزواج*
إنه أكثر أمر نخشى الوقوع فيه، نأخذ الطريق الشاق والطويل لتجنبه؛ ومع ذلك، هو لابد واقع. إنه الــزواج بالشخص الخطأ.
يعود هذا إلى العقبات التي تعترض طريقنا حينما نحاول التقرب من الآخرين، نبدو أسوياء في الظاهر حصرا على من لم يعرفونا بعد حق المعرفة
نبحث جميعاً عن علاقة حب مثالية، تنتهي بالزواج، ولكن الزواج المثالي غير موجود على الإطلاق.
لن يوجد زواج كامل…
ولكن يوجد زواج جيد
بما يكفي….