المميزةمن القلب للقلب
الرد على رسالة: التربية الجنسية مش خط أحمر

تقدمه..د.أمانى موسى
العديد من المخاوف تحيط بفكرة تدريس التربية الجنسية في المدارس. وتنقسم الآراء في مصر والعديد من الدول العربية حيال أهمية مناقشة تلك الموضوعات داخل المدارس وخطورة ذلك.
قد يكون الدافع وراء رفض الفكرة هو الخوف أو الرغبة في الحماية. ولكننا لن نحمي أطفالنا بأن نجعلهم جاهلين، وإنما بتوعيتهم.
**ما هي التربية الجنسية؟
تُعَرِّف منظمة الصحة العالمية التربية الجنسية الشاملة على أنها تعلم كافة النواحي البدنية والنفسية والمعرفية والاجتماعية عن الجنسانية .
تبدأ التربية الجنسية من سنوات الطفولة الأولى، وتستمر عبر سنوات المراهقة والبلوغ وحتي الوصول إلى سنوات النضج.
تهتم التربية الجنسية بدعم الأطفال والمراهقين وإكسابهم المعلومات الكافية والمهارات اللازمة والقيم الإيجابية حتى يتفهموا ويستمتعوا بمراحل حياتهم المختلفة، وما يصاحبها من تغيرات فسيولوجية ونفسية. وأيضاً القدرة على تكوين علاقات أمنة وصحية، وتحمل مسؤولية قراراتهم الخاصة بالصحة الجنسية.
* والتربية الجنسية مفهوم واسع يشمل تعليم وتربية التشريح الجنسي، التكاثر الجنسي، الجماع، الصحة الجنسية، العلاقات العاطفية، مسؤوليات وحقوق التناسل، تحديد النسل، وجوانب أخرى لسلوكيات البشر الجنسية. ويتم تعلم التربية الجنسية عن طريق الوالدين، والبرامج الدراسية بالمدارس وبرامج التوعية الصحية.
يمكن وصف التربية الجنسية بالتربية الجنسانية لتشمل جميع النواحي الجنسية مثل تنظيم الأسرة، التناسل (الإخصاب، الحمل، تطور الجنين وحتى الولادة) بالإضافة إلى كل نواحي الجنس الشخصية والتي تشمل: النظرة الجسدية، التوجه الجنسي، النشوة الجنسية، القيم، أخذ القرارات، التواصل، التواعد، العلاقات، الأمراض الجنسية وطرق تفاديها ووسائل تحديد النسل.
أصبح تدريس التربية الجنسية ضرورة في مدارسنا، في عصر نسمع فيه كل يوم عن حوادث عنف جسدي أو تحرش جنسي بالأطفال.
كذلك يشهد عصرنا انتشار الأفلام الإباحية، والأمراض المنقولة جنسياً، وحالات الحمل غير المرغوب فيه بين المراهقات.
وقد أثبتت العديد من الدراسات المنشورة في أنحاء العالم أن الحوار المفتوح البنَّاء عن تلك القضايا يكسب الأطفال والمراهقين المعلومات الصحيحة والمهارات اللازمة لحماية نفسهم من أي سلوكيات خطرة.
العديد من الفتيات يتعرضن باستمرار لضغط المواقع الاجتماعية، كإنستجرام، ويسعين للاتساق مع صورة محددة للجمال، مما يضعف صورتهن الذهنية عن أنفسهن.
وفي نفس الوقت يتعرض الفتيان لضغط مماثل للتطابق مع صورة محددة من الذكورية، كشاب صاحب عضلات مدخن دونجوان يلعب بعقول زميلاته وقلوبهن.
ويمكن تعلم التربية الجنسية بشكل غير رسمي، كأن يقوم أحدهم بتلقي المعلومات عبر محادثات مع الوالدين، الصديق، رجل الدين، أو عن طريق وسائل الإعلام. كما يمكن تلقيها من متبعي التعلم الذاتي التي تبحث في ممارسة الجنس أو من تعليقات صحفية أو عبر مواقع الإنترنت للتوعية الجنسية.
أما في العالم العربي، فمعظم التربية الجنسية تأتي عبر الدين إن كان عن طريق فتاوي المشايخ أو النصائح التي تعطى للشاب أو الشابات عند زواجهم.
أما التثقيف الجنسي الرسمي فهو برامج تربوية معدة للمدارس وهذا الأسلوب متوفر في البلاد المتقدمة أما في العالم العربي فهي لا تدرس في العديد من البلدان. وبشكل عام، فإن التربية الجنسية في أمريكا الشمالية هي مادة أساسية في المنهج المدرسي في السنوات المتوسطة والثانوية. وفي بعض الحالات، تكون من ضمن مادة أشمل مثل الأحياء أو الصحة أو اقتصاد المنازل أو التربية البدنية. وما زال هذا الموضوع مثار للجدل في بعض الأوساط الأمريكية من حيث نوعية مضمون المادة أو سن الطالب المناسب لبحث الأمر أو المواضيع التي يجب تعليمها مثل الجنس الآمن، وسلوك الإنسان الجنسي، والعادة السرية، والجنس دون زواج، والأخلاق الجنسية.
وقد أتت أهم دوافع الاهتمام بالتربية الجنسية من انتشار مرض الإيدز الذي دفع العديد من الحكومات والمدارس في نشر التوعية الجنسية كوسيلة للحد من انتشاره.
**هل التربية الجنسية تعني تعلم ممارسة الجنس؟
يخلط العديد من الناس بين التربية الجنسية والعلاقة الجنسية، ولكن الحقيقة أن التربية الجنسية تتضمن العديد من الموضوعات الأخري الهامة لضمان صحة أبنائنا وبناتنا ومنها:
▪️العلاقات:
وتشمل العلاقة مع الأهل والأشقاء وكيفية بناء حوار مثمر وفعال وآمن مع الآباء و الأمهات. وأيضاً دور الطفل نحو العائلة وحقوقه عليها.
وتشمل العلاقة مع الأصدقاء وكيفية بناء علاقات حقيقية وإيجابية، وأيضاً كيفية مواجهة ضغط الأقران، وقول لا للعادات السيئة كالتدخين.
وأخيراً تشمل العلاقات الرومانسية وكيف يرى كل جنس الجنس الأخر، والطرق السليمة للتعبير عن مشاعر الحب والإعجاب وتحمل المسؤولية تجاه مشاعرنا وقراراتنا.
▪️العنف:
ويشمل التنمر داخل المدارس وكيف يحمي الأطفال والمراهقون أنفسهم عند التعرض لشكل من أشكال التنمر، وطلب المساعدة اذا تطلب الأمر، أي مناقشة التحرش والاعتداء الجنسي بكافة أشكاله وصوره.
▪️الجسم:
ويشمل دراسة الأعضاء التناسلية للجنسين، والتغيرات الجسدية والنفسية أثناء فترة المراهقة والبلوغ، والحمل والإنجاب ووسائل تنظيم الأسرة، والصورة الجسدية وتقبل النفس.
▪️الصحة الجنسية:
ويشمل معرفة طرق انتقال الأمراض المنقولة جنسياً وأعراضها، ومواجهة الوصم والتمييز للمتعايشين مع فيروس نقص المناعة المكتسب.
▪️الإنترنت:
ويشمل كيفية حماية الطفل لنفسه عبر الإنترنت، وفوائد وأخطار مواقع التواصل الاجتماعي، وأشكال التنمر الإلكتروني، وأيضاً مواقع الأفلام الإباحية وأضرارها النفسية والصحية على المراهقين والشباب.
قرار تدريس التربية الجنسية بالمدارس ليس سهلا ، فمن أجل تصميم منهج للتربية الجنسية في المدارس علينا أن نتبع بعض القواعد الأساسية منها:
▪️أن يكون المنهج تدريجياً، يبدأ من المرحلة الابتدائية وحتى الثانوية بما يتناسب مع كل مرحلة عمرية.
▪️أن يعتمد على الأنشطة و النقاشات التي تتناسب مع الثقافة المجتمعية وتبني التفكير النقدي لدى الأطفال والمراهقين.
▪️أن يتناول المهارات الحياتية بجانب المعلومات الصحيحة، ولا يغفل توفير موارد وطرق لطلب المساعدة في حالة الاحتياج.
▪️النقطة الأهم أن يتم تدريس المنهج في بيئة آمنة غير ساخرة وخالية من الوصم، وذلك بتضافر جهود الإدارة المدرسية والمدرسين وأولياء الأمور.
▪️قبل تدريس الجنس في المدارس يجب ان يكون هناك من يستطيع أن يجيب على اسئلة الطفل بشكل علمي واضح وصحيح، وتبدأ بالإجابات المبسطة للمعلومة دون الدخول في التفاصيل.
التثقيف الجنسي لأبنك أو ابنتك سلاح ذو حدين، فهو يتعلم ويدرك الفروق بين الرجل والمرأة، وكيف يأتي الطفل، ولماذا يثار حين يشاهد… أو يلمس… ، وفى الجانب الثاني على الوالدين معا شغل ذهن الابن واستنفاد طاقته بالمذاكرة والرياضة وتكلفته ببعض المسئوليات؛ حتى لا تكون معلوماتك دافعا لممارسة الأغلاط.
♦️وأخيرًا عزيزتي الأم.. عزيزى الاب :
التربية الجنسية ليست رفاهية، لا يمكن التغاضي عنها أو تأجيلها لمرحلة الزواج، بل هي واجب على كل أم وأب تجاه أطفالهم، وجزء لا يتجزء من تربية الأطفال بشكل عام، أن يعرف طفلك جسمه لا يقل أهمية عن معرفته العلوم واللغة، بل يمكننا أن نطلق عليها تعليمه كيف يستمع لجسمه ويفهمه ويتقبله ويتواصل معه، ليصبح لديه صورة سليمة سوية ومتزنة تنعكس على روحه لاحقًا.