أقلام حرّة

التعليم في بلاد ( المِسْتَرْ والمِسْ)

 

 

بقلم..فتحي ندا
كنا نقول على “المعلم أو المدرس” : الأســــتاذ ؛ و”المعلمة أو المُدرسة” : الأبله.
لن أتطرق الى دلالة ومعنى اللفظين ( أستاذ ؛ أبله ) و ما لهما من جذور ومظاهر الاحترام والتقدير والاعتزاز فى نفس الأسرة جميعها, ومع شتات الأسرة اجتماعيا واقتصاديا وصحيا تشتت أيضا أخلاقيا وتربويا وتعليميا؛ وأصبح الأستاذ ” مستر ” وأصبحت الأبله ” مس ”
فو الله لو علموا معنى اللفظين – مستر ومس – وكان فيهم خيرا للطموا الخدود على ما ضيعوا من معانى الاحترام والتقدير للمعلم والمعلمة ولأنفسهم وللنعمة التى كانت فيهم وكانوا فيها.
إن كلمة “مستر” وكلمة “مس” فى بلاد “المستر والمس” ما هى إلا أداة تمييز للجنس ( ذكر أو أنثى) فكلمة مستر تنطق وتكتب قبل إسم الذكر سواء الجاهل أو العالم والذكي أو الغبي والقاضي أو المجرم وكذلك كلمة مس ؛ وكلمات تميزية أخرى توضح فقط الحالة الاجتماعية ككلمة مدام التى تٌقال للأنثى المتزوجة.
الأمر ليس ألفاظ ولكن الأمر: ما الذى أوصلنا الى استعمال ألفاظ دون أن نعلم معناها ومتى وأين تستخدم؟؟
وفيما يلى إجابة على هذا السؤال ثم رؤية علاجية لإصلاح الأمر:
الهداية والمعـصية فى العملية التعليمية:
سنة الله فى كونه: انه سبحانه وتعالى يرسل الرسل بالهداية الى الناس منهم من يهتدى ومنهم من يعصى ومنهم من يسعى لنشر الفساد والقصص القرآني واضح وغزير فى هذا المقام.
بإختصار : الهداية والنظام والخير تصدر بقرارات وقوانين من قمة الهرم التنظيمي حيث السلطة بمكوناتها التشريعية والتنفيذية والسياسية والقضائية والرقابية,
إلا أن المعصية صدرت من وزارة التربية والتعليم حيث قام متخذ القرار فيها بمخالفة سنة الله فى كونه ومخالفة كل الأمم فى أنظمتها ومناهجها الإدارية وأصدر قرارات كان من شأنها أن وصل الأمر فى التعليم الى ما وصل اليه.
1- قرار بالسماح لغير التربويين من حملة دبلوم الزراعة والصناعة والتجارة والتدريب المهني والمعاهد الفنية والمهنية والزراعية بتولي إدارة شؤون العملية التعليمية فى المدارس والإدارات التعليمية فى المراكز والمناطق والأحياء بل وصل الأمر الى بعض مديريات التعليم بالمحافظات لمن حصل منهم على بكالوريوس معهد الكفاية الإنتاجية أو معهد التعاون ( معهد ناصر) وبالطبع سُمح لهؤلاء بالترقي وتولي مهام تربوية مثل وكيل مدرسة ومدير مدرسة ( ناظر مدرسة ) وبطبيعة الحالي فإن هؤلاء اللذين تم دسهم في العملية التعليمية هم اللذين يشرفون على الامتحانات والكونترول والتصحيح وأعمال السنة وإعلان النتيجة وتنسيق القبول فى المدارس وحركة وتنقلات وتسكين المدرسين والإداريين فى مواقعهم فى الإدارات والمدارس, هؤلاء اللذين ليس لديهم فكر تعليمي تربوي ولا إحساس بخطورة المنظومة التى اُدخلوا فيها عنوة ونكاية فى أهل هذه البلدة هم اللذين رٌهنت العملية التعليمية بأيديهم وفكرهم المفيد فى مجالات مهمة أخرى, أما فى العملية التعليمية كان القصد أن يصل الحال الى ما وصل إليه.
الأخطر فى الأمر أن منهم من تولى أمر معمل الوسائل فى المدارس وأصبح هو مدرس (معلم) لمادة الحاسب الآلي ” علوم الكومبيوتر” ومن قبل ذلك منهم من تسلل ووصل الى سبورة الفصل فى الروضة والمدرسة الابتدائي بحجة انه تم تأهيله بدورة تدريبية فى ديوان عام المحافظة او المديرية.

2- قرار بمنح تراخيص لإقامة مراكز الدروس الخصوصية ( السناتـر) ثم انتقل حق الترخيص بنشر فيروس الدرس الخصوصي الى مؤسسات وجمعيات المجتمع المدني ضمن أنشطتها التثقيفية والتنويرية ومن ثم أصبح الفيروس ضرورة حيث أصبحت الأسر هى التى تهيئ المكان والزمان والمشروب للباشا ملك الفيزياء أو سلطان الرياضيات ليكون مستريحا وهو يمص دمائهم كي يحصل الابن أو البنت على مجموع درجات تؤهله لكى يحصل على شهادة غير مطلوبة لسوق العمل فكان من النتائج السنوية للعملية التعليمية إضافة بضعة آلاف من العاطلين وبضعة ألاف من زوى المهارات المتواضعة الى جانب من رحم ربى من الذين يٌـسلجون الصدر ويٌعتمد فى العملية التنموية وباقي الأنشطة والخدمات.

والجدير بالذكر أنه عندما اختلط الحابل بالنابل طبيعي أن يأنف المعلم التربوي دخول الفصل والمدرسة ويأنف العملية التعليمية برمتها ويكون تواجده فقط لأداء الحد الأدنى من الواجب حفاظا وظيفته وعلى المركز الاجتماعي فى ذلك المجتمع الذى فقد أصلا الكثير من مبادئه وأخلاقه فأصبحت غرفة السفرة بالمنزل بديلا للفصل الدراسي وأجر الحصة من يد الطالب مع ؟؟؟؟؟ بديلا للراتب الشهري من خزينة المدرسة مع الاحترام والخصوصية والتقدير.

كل هذا وذاك حدث على مرأى ومسمع ومشاركة من كل أهل هذه البلدة دون استثناء ولم يتحرك أحد ليوقف تدهور مستوى التعليم وتدمير دعائمه ومكوناته حتى أصبح الأمر بيد ” شاو ومنج “, وخالص التحية للذي أوقف شاو ومنج وقضى على سطوته.

وللعودة بالعملية التعليمية الى سابق قيمتها وهيبتها ومخرجاتها أرى ضرورة وحتمية وآنية إتخاذ الخطوات الآتية:-

أولا: تطهير العملية التعليمية من غير التربويين (المدون برقم 1- ” أعلاه” ).

ثانيا: رفع الراتب الأساسي للتربويين فقط الى ثلاثة أضعاف ما هو عليه الآن ( كإجراء مبدأي يٌدرس أثره – هيئة مستقلة تتولى الأمر).

ثالثا: إصدار قانون يٌصنِف الدرس الخصوصي بأنه جريمة أمن قومي.
( حيث أن الدرس الخصوصي تدمير للمدرسة وللتعليم ولكرامة المعلم).

رابعا: البنود الثلاثة أعلاه حزمة واحدة كل لا تتجزأ.

خامسا: لاشك أن مناخا تعليميا كهذا قد ترك أثره على نسبة من منتسبي العملية التعليمية اللذين لن يكفيهم نفسيا مضاعفة راتبهم ثلاثة أو أربعة أو خمسة أضعاف, إضافة الى أن العملية التعليمية دائما بحاجة الى التغذية بدماء جديدة وعلم حديث فهي التعليم والتعلم !

لذا يجب وفورا البدء فى إتخاذ الإجراءات الآتية :
• إحلال واستبدال من تأثروا بذلك المناخ (هيئة مستقلة تتولى الأمر).
• تأهيل أبنائنا حملة البكالوريوس والليسانس من جميع التخصصات العلمية العملية والنظرية الجالسين فى بيوت الأبوين أو على المقاهي أو يزاولون أعمالا ليس علاقة بما تعلموه، إنهم مئات الآلاف من خريجي كليات الآداب والعلوم والخدمة الاجتماعية والإعلام والاقتصاد والألسن واللغات والترجمة والآثار ودار العلوم والحقوق والتجارة مع خريجي كليات التربية والاقتصاد المنزلي…. الخ.

التأهيل يكون: (1) تأهيل تربوي تعليمي لتوفير معلم بمواصفات عالمية و (2) تأهيل إداري متخصص لتوفير إداريين تربويين بمواصفات عالمية أيضا, و يكون التأهيل للأعداد المطلوبة حسب دراسة دقيقة وعلى دفعات ببعثات خارج مصر لمدة سنة أو أكثر حسب الحاجة والتخصص بعد دراسة الأمر من قبل مجلس استشاري مستقل تماما عن وزارة التربية والتعليم وأفضل أن يكون هذا المجلس تابع لديوان الرئاسة أو رئاسة الوزراء مباشرة, بحيث يكون التأهيل تربوي وإداري متخصص وخاص بالعملية التعليمية ويعود المتأهلون بعلم وتأهيل يغير واقع التعليم الأساسي فى البلد الى واقع البلدان التى يٌضرب بها المثل فى التعليم وبما يحقق متطلبات التنمية المنشودة,
• إجراء عملية فرز لهيئات التدريس فى الكليات التى يٌعتمد خريجو ها كتربويين فى العملية التعليمية وكذلك المناهج التى يٌدرِسونَها.
• إنشاء مؤسسة مهنية مستقلة ( غير نقابية ) بقانون خاص تكون مسؤولة عن إعداد المعلم والإداري التعليمي ومواصلة تأهيله وتدريبه على ما يٌستجد من علوم ووسائل تخدم تطوير ومواكبة تطور التعليم والتعلٌم إقليميا وعالميا, على أن يكون التحاق المعلم والإداري التعليمي بالعملية التعليمية مشروط برخصة من هذه الهيئة ويكون الترخيص لمدة محددة ولا تجدد الرخصة إلا بعد اجتياز الاختبارات التربوية والعلمية والإدارية واخلاقيات المهنة التى ترى الهيئة أنها ضرورية لمواصلة الحفاظ على مستوى راقي للعملية التعليمية وعلى هيبة ومستوى المعلم والإداري التربوي.
(هذا بالإضافة الى الجهود المبذولة والتى نٌـثمنها وندعمها على صعيد أغلب مكونات ودعائم العملية التعليمية),,,,,والله الموفق والهادي الى سواء السبيل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق