أقلام حرّةالمميزة

الأيدي الناعمة…بين إيديك ودراما المستقبل

 

 

 

بقلم / يحي سلامة 

 

 

رغم مرور عشرات السنين علي عرضهما إلا أن المشاهد قليلا مايلاحظ تشابها أو إرتباطا بين فيلم (الأيدي الناعمة) لأحمد مظهر وصباح  وفيلم (بين إيديك) لشكري سرحان وماجدة  فالفيلمان ينطلقان من تيمة واحدة وهي معاناة الأسر الأرستقراطية وعدم تكيفها مع المتغيرات الإجتماعية التي حدثت في المجتمع بعد يوليو 1952 وهو مامثله أحمد مظهر (البرنس شوكت) في الأيدي الناعمة ومثلته علوية جميل عميدة عائلة (أعظمهم )في بين إيديك وسعي الطبقة العاملة للسيطرة علي الطبقة الأرستقراطية وإزاحتها عن طريق المصاهرة من الطبقة الأدني كانت بين (ليلي طاهر) إبنة البرنس من الميكانيكي(أحمد خميس ) في الأيدي الناعمة بينما كانت المصاهرة في بين إيديك بشكل عكسي حيث تزوج والد ماجدة المنتمي للطبقة الأدني من عائلة أعظمهم الأرستقراطية وبعد وفاته كان عمها الجزار( عبد الفتاح القصري) هو ولي أمرها والواصي عليها

 

 

 

الصراع الدرامي المتصاعد في الفيلمين يبدأ من إفتقار أو بمعني أدق إفقار الطبقة الأرستقراطية وحاجتها إلي المال بعد تأميم ثرواتها مما يضطرهم إلي التنازلات المتتالية لتدبير قوتهم اليومي لنري عائلة الميكانيكي تسكن قصر البرنس في مقابل أن تسمح للبرنس شوكت بتناول الطعام معهم في الأيدي الناعمة ولم يختلف الأمر كثيرا في عائلة أعظمهم التي إستسلمت تحت الحاجة للمال لوصلات التبكيت والشماتة التي يطلقها الجزار عليهم بمناسبة أو غير مناسبة إلي أن وصل الأمر أن يفرض عليهم النجار الجاهل رجب (شكري سرحان ) زوجا لإبنة أخيه (ماجدة) رغم الفارق الإجتماعي والثقافي بينهما .

ويكاد يتطابق مشهد نحت قشر البطيخ وإلقاءه علي الأرض من (وداد حمدي وزوجها) في الأيدي الناعمة مع جلوس شكري سرحان علي السفرة وطلبه من الخادم طبق فول مدمس بالزيت الحار ويخرط عليه بصلة وقرنين فلفل .

وتبقي ملاحظتين في غاية الأهمية

الأولي أن المال كان في يد الطبقة العاملة الحرفية فهذه الطبقة هي من قامت بالصرف وتسديد الديون وتقديم الحلول في وقت الأزمة وقام بهذا الدور الميكانيكي في فيلم الأيدي الناعمة والجزار في فيلم بين إيديك .

الملاحظة الثانية هي إزدراء التعليم وإحتقار المتعلمين فلم ينجح (صلاح ذو الفقار )وهو الحاصل علي دكتوراة في اللغة العربية في الحصول علي وظيفة مرموقة تليق بمؤهله العلمي بينما نجح في الحصول علي فرصة في التمثيل السينمائي(في الأيدي الناعمة ) وهو ماتكرر مع الإختلاف عندما تم إخراج رجب النجار (شكري سرحان )من المدرسة التي إلتحق بها ليتعلم مبادئ القراءة والكتابة وأصول الإتيكيت (في بين إيديك )وكأن جواز المرور والنجاح في العمل والزواج مرهون بالأمية والجهل وإزدراء العلم وهو مانجح الفيلمان في توصيله فالممثل تزوج إبنة البرنس في نهاية فيلم الأيدي الناعمة والنجار الجاهل تزوج حفيدة أعظمهم في نهاية فيلم بين إيديك.

وحتي الإشارة إلي الثقافة الرفيعة واللغات الأجنبية جاءت بسوء نية فكانت السخرية من المقطوعات الموسيقية التي ألفها البرنس شوكت والتي أقر المنتج الموسيقي (إدمون تويما )أنها موسيقي تصدر عن عبقري وحتي عمل البرنس في نهاية الفيلم كمرشد سياحي لإجادته اللغات الأجنبية كان فيه تلميح لإنتماء هذه الطبقة الأرستقراطية إلي الغرب والتشكيك في وطنيتها وإنتماءها للغرب وإذا كانت نهاية الأيدي الناعمة نهاية ناعمة علي النيل والبرنس شوكت يتحدث للسائحين عن معالم القاهرة إلا أن نهاية فيلم بين إيديك كانت نهاية خشنة وقاسية حيث إنتهي الفيلم بتجمع أفراد عائلة أعظمهم في محل الجزارة كعمال وصبيان للمعلم الجزار في رمزية لإخضاع هذه الطبقة رغم أنفها لشروط وأوامر الطبقة العاملة الجديدة والتي أصبح لها الغلبة .

وفي الأخير أري أن الفيلمين قد قدما رؤية طليعية لما وصل إليه حالنا اليوم بدءا من مظاهرات حملة الماجستير والدكتوراه العاطلين عن العمل إلي تكريم الفنانين ومطربي المهرجانات داخل الجامعات والألفاظ النابية والمشاجرات وحفلات العري والإسفاف في الساحل الشمالي ويكفي إستقراء متصدري المشهد الإعلامي والفني والثقافي حتي نعرف ما آل إليه الواقع والذي استشرفه الفيلمان سواء بقصد أو دون قصد من صناع الفيلمين .

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق