أسرار وحكايات

أسرار المدينة الساحرة العجوز

كتب ابوالعلا خليل
” المصنع الظاهرى ” …
المكان شارع سكة المحجر ، والحدث ترميم الأثر رقم 360 المعروف بقبة السلطان قانصوه أبوسعيد . وجهلا بجغرافية المكان وحوادثه التاريخية ، تم هدم جزء من سور حجرى صغيرمن عصر محمد على باشا ، كانت بقاياه تبدأ من أمام قبة يونس الدواداربالحطابة – والحديث للدكتور محمد أبوالعمايم والدكتور محمد على عبدالحفيظ فى ” آثار إسلامية جديدة من منطقة الحطابة وجبانة باب الوزير ” – ويتجه السور جهة درب المحجر حتى هذا الجزء الصغيرالذى تم إزالته اليوم ، والمنزل المجاور لذلك الجزء الذى اتخذ السور أيضا أساسا لبنائه .
ولم يكن ذلك المنزل المجاور للسور سوى ” سبيل السلطان الأشرف شعبان بن حسين بالعلوة بالمحجر ” والذى استهل السلطان شعبان بنائه عام 775هـ ، ثم تبعه بناء مدرسته الشهيرة الى جوار السبيل عام 777هـ والتى لاتزال بقاياها والتى كانت تمتد
بطول 4550مترا حتى بيمارستان المؤيد الذى بنى على جزء من المدرسة الأشرفية المذكورة .
وبعدما صار المكان أرض فضاء – بعد إزالة جزء من سور محمد على وسبيل السلطان شعبان ، ومع أول معول تكشف وجود ممرات مغيبة فى الأرض يتجه إحداها لغرفة التسبيل لسبيل السلطان شعبان بن حسين ، ويتجه فرع آخر جهة درب اللبانة .
هذا هو الظاهر من هذه الفتحة الصغيرة ، وهى بحالها كشف جديد تثبت ماجاء فى حجج الأوقاف ، وماأغفلت عن ذكره المصادر التاريخية عن بناء السلطان شعبان لسبيل بهذه الجهة .
ترى ماسر هذه الأنابيب المغيبة وأصلها وامتدادها ومنشئها والغرض من بناءها ؟
كانت هذه المنطقة قديما بقعة صخرية تقع أمام قلعة الجبل عرفت ” بالصوة ” ويتوسطها طريق سكة المحجر . وبسكة المحجر جهة درب اللبانة أنشأ السلطان الظاهر بيبرس عام 664هـ 1266م ” مصنعا أو صهريجا لتخزين المياه تحت تخوم الأرض ليصل منه الماء الى القلعة وإلى الميدان .
” والمصنع ” مصطلح وثائقى وجمعه مصانع ، وهو مما يصنعه الإنسان من الآبار والأبنية وغيرها .
كان ” المصنع الظاهرى ” يستمد الماء من بئر دار البقر . يذكر المقريزى فى الخطط ( كانت دار البقر تقع بين قلعة الجبل وبركة الفيل ، بالخط الذى يقال له اليوم حدرة البقر – شارع المضفر حاليا – وكات دارا للأبقار التى برسم السواقى السلطانية ) .
يذكر المقريزى فى السلوك لمعرفة دول الملوك ( وفى عام 713هـ عمل الناصر محمد بن قلاوون نقالة من المصنع الذى عمله الظاهر بيبرس بجوار زاوية تقى الدين رجب التى بالرميلة تحت القلعة إلى بئر الأسطبل ) .
كان ” المصنع الظاهرى ” مصدرا هاما لأمداد هذه البقعة الصخرية القفر المعروفة ” بالصوة ” بالمياه فانتشرت بها الزوايا ، وامتدت إليها أنابيب المياه . فأقيم الى جوارها تكية تقى الدين البسطامى وزاوية الشريف محمد المهدى والتى لم يتبق منها الا مقامه أسفل العقار رقم 11 بدرب اللبانة .وفى ” المصنع ” أقام محمد أغا بن عبدالله أغا رئيس طائفة الكامليان منزله والمعروف الآن بمزل على لبيب ، وإلى محمد أغا هذا تنسب قبة الكومى بهذه الجهة . وتفرعت منها أنابيب حتى زاوية حسن الرومى جاء ذكرها فى وثيقة الزاوية عن ” وجود مجرى ماء اسفل مدخل الرواق بالزاوية قبل تشييدها ” .
وكعادة بناء الصهاريج نجد أن جدار الأنبوب الظاهر من هذه الفجوة الصغيرة بالآجر والأحجار المقاومة للرطوبة ، ومونتها كانت من الخافقى وهى مونة من الجير والحمرة لتقاوم رطوبة الماء .
ترى مالذى ستظهره لنا هذه الفجوة الصغيرة من أسرار ؟ قبل أن تدكها وتأتى عليها معاول طمس الهوية وقطع الجذور وضياع الأصول !!! …

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق